الغارديان: إسرائيل تخطط لتحويل زيارة هيرتزوغ إلى لندن لانقلاب دبلوماسي.. ونواب يحثون ستارمر على تجنب مقابلته
حصادنيوز – قالت صحيفة “الغارديان” في تقرير حصري أعدته جيسكا إيلغوت وروينا ميسون، إن نواب حزب العمال يحثون رئيس الوزراء كير ستارمر على عدم مقابلة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتزوع عند زيارته لبريطانيا الأسبوع المقبل. وقالت الصحيفة إن زيارة هيرتزوغ المثيرة للجدل تأتي في وقت يعبر فيه نواب حزب العمال عن غضبهم، ويطالبون ستارمر بعدم لقائه مع الوفد الزائر. وأضافت أن زيارة الرئيس الإسرائيلي محفوفة بالمخاطر في وقت تخطط فيه لندن للاعتراف بالدولة الفلسطينية أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر.
ويتوقع أن يزور هيرتزوغ بريطانيا يومي الأربعاء والخميس، وهي أول زيارة لمسؤول إسرائيلي منذ لقاء وزير الخارجية ديفيد لامي نظيره جدعون ساعر في زيارة غير معلنة الربيع الماضي.
وفي العادة، يلتقي مسؤول بارز كهيرتزوغ بالوزراء الكبار ورئيس الوزراء في بريطانيا، إلا أن لقاء بين ستارمر وهيرتزوع سيكون مثيرا للجدل داخل حزب العمال، وبخاصة أنه يحدث وسط حملة عسكرية إسرائيلية ضد مدينة غزة.
ولم يؤكد “10 دوانينغ ستريت”، مقر الحكومة البريطانية، لقاء بين هيرتزوغ وستارمر. وهناك سوابق من أجل عدم مقابلته، حيث تجنب ستارمر مقابلة المستشار الأكبر في بنغلاديش محمد يونس.
وقالت مصادر في مقر الحكومة، إنه لن يؤكد أي مواعيد مع أي وزير حتى الأسبوع القادم، إلا أن نواب حزب العمال طالبوا الحكومة تجنب لقاء هيرتزوغ، قائلين إن أي مقابلة سترسل رسالة غامضة حول موقف الحكومة من غزة.
وقالت سارة تشامبيون، النائبة عن حزب العمال ورئيسة لجنة التنمية الدولية، بأن جون ماكدونيل، وزير المالية السابق في حكومة الظل، قال إنه لا ينبغي السماح لهيرتزوغ بدخول البلاد .وقال: “أشعر بالفزع من قرار السماح لهذا الممثل لحكومة تقتل الأطفال الفلسطينيين بشكل منهجي يوميا بزيارة بلدنا”. وأضافت: “يثبت رئيس الوزراء تجاهله التام للمحنة اليائسة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ولمشاعر الاشمئزاز العارمة لدى الشعب البريطاني من وحشية الحكومة التي يمثلها هيرتزوغ”.
ودعا النائب عن حزب العمال، كلايف لويس، ستارمر لتوخي الحذر الشديد. وأضاف: “الحوار أمر، ولكن هناك أوقات يصبح فيها اللقاء بحد ذاته بيانا سياسيا”. وأضاف: “من الواضح أن هيرتزوغ ليس نتنياهو، فسياساتهما متباينة في العديد من القضايا. ومع ذلك، فقد ساهمت كلمات الرئيس نفسه في إضفاء الشرعية على العقاب الجماعي للفلسطينيين، وهي لغة حذر خبراء قانونيون دوليون من أنها قد تتعارض مع اتفاقية الإبادة الجماعية”.
ومع ذلك، قالت إميلي ثورنبيري، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية، والتي لطالما كانت منتقدة شرسة لإسرائيل، إنه “يجب بذل الجهود للتواصل” مع هرتزوغ، الذي لطالما اختلف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد نتنياهو بشأن القضايا الداخلية. وقالت: “يجب طرح السؤال: كيف ترى إسرائيل بعد عشر سنوات؟ ما هو مستقبل الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة؟ إذا لم تكن لديك خطة بديلة معقولة، سيدي الرئيس، فلا بد من وجود دولة فلسطينية”، حسبما نقلت عنها “الغارديان”. وأضافت: ” لكن الحل الوحيد لهذا هو من خلال السياسة، من خلال النقاش. من الأسهل التحدث مع هرتزوغ مقارنة بالعديد من أعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل. لكن يجب ألا نتردد في اتخاذ موقف حازم”.
وبدوره قال كالوم ميلر، المتحدث باسم الشؤون الخارجية في حزب الديمقراطيين الليبراليين، إنه ينبغي على ستارمر “اغتنام هذه الفرصة ليؤكد للرئيس هرتزوغ بشكل قاطع أنه يجب وضع حد للمعاناة في غزة من خلال وقف فوري لإطلاق النار”.
وكانت الحكومة في داونينغ ستريت قد أشارت في وقت سابق إلى أن نتنياهو يواجه الاعتقال إذا سافر إلى بريطانيا بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
ويلعب هيرتزوغ دورا رمزيا ولا علاقة له بالسياسة التنفيذية في إسرائيل، إلا أنه أثار الانتباه عندما قال مؤكدا إن كل الفلسطينيين في غزة و”بشكل قاطع” متورطون في هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وقال في ذلك الشهر: “كامل الشعب [الفلسطيني] مسؤول، ولا يوجد شيء اسمه مدنيون لا يعرفون وغير متورطين”.
وأصبح للتصريح هذا وزن سياسي عندما شملته محكمة العدل الدولية في أمر بكانون الثاني/ يناير 2024 والذي أقر بأن حق الفلسطينيين في الحماية من الإبادة الجماعية “معرض لخطر وشيك”، ودعا إسرائيل أن تضمن “فوريا” عدم ارتكاب قواتها أيا من الأفعال المحظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، وحماية سكان غزة من الإبادة الجماعية. وزعم هيرتزوغ أن المحكمة لم تقدم تصريحه بشكل صحيح وكانت انتقائية.
وكانت آخر مرة التقى فيها هيرتزوغ بستارمر منذ أكثر من عام في باريس، بعد وقت قصير من انتخابه رئيسا للوزراء، حيث أشاد بـ”الصداقة التاريخية بين إسرائيل والمملكة المتحدة” وكرر المطالبة بإعادة الأسرى و”دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. لكن ستارمر ولامي تبنوا منذ ذلك الحين موقفا أكثر انتقادا لأفعال إسرائيل في غزة نتيجة الحرب التي أودت بحياة أكثر من 65,000 شخص، حسب وزارة الصحة في غزة.
وفرضت الحكومة البريطانية عقوبات على وزيرين إسرائيليين متشددين. وأعلن ستارمر، إلى جانب فرنسا، عن خطط للاعتراف بدولة فلسطين هذا الشهر. ومع ذلك، لا يزال هناك غضب وقلق كبيران داخل حزب العمال وغيره من الأحزاب لأن المملكة المتحدة لم تبذل جهدا كافيا لوقف معاناة الفلسطينيين. وفي الأسبوع الماضي، قال زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، إد ديفي، إنه يخطط لمقاطعة عشاء رسمي يستضيفه الملك تشارلز خلال زيارة دونالد ترامب الرسمية إلى المملكة المتحدة بعد أسبوعين، احتجاجا على غياب الضغط الأمريكي على إسرائيل لإنهاء الحرب.
وعلق بيتر بيومنت في تقرير بنفس الصحيفة قائلا إن هيرتزوغ تعرض لانتقادات واسعة بسبب تصريحاته عن غزة. وأشار إلى أمر محكمة العدل الدولية التي استشهدت بتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وما قاله مدير أونروا، فيليب لازاريني إن الأزمة في غزة تفاقمت بسبب اللغة التي جردت الفلسطينيين من إنسانيتهم. وكان تصريح هيرتزوع في المركز الثاني من قائمة التصريحات التي استشهدت بها المحكمة حيث حمل فيها الفلسطينيين قاطبة مسؤولية الهجمات. وبصفته رئيسا سابقا لحزب العمل الإسرائيلي دأب هيرتزوغ، على العمل بتناغم تام مع سياسات الائتلاف اليميني المتطرف لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في غزة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أشاد في خطاب ألقاه خلال حفل توزيع جائزة الدفاع الإسرائيلية في القدس بـ”حملة اتخذت فيها القيادة السياسية قرارات أمنية شجاعة وهامة”. وخلال زيارة إلى غزة في تموز/ يوليو، كرر هيرتزوغ الموقف الإسرائيلي الرسمي، الذي ناقضه قادة أجانب ووكالات الأمم المتحدة، بأن إسرائيل ليست مسؤولة عن المجاعة في غزة، ملقيا باللوم على حماس في نهب المساعدات ومنع توزيعها بشكل سليم.
وقال إن “إسرائيل ملتزمة التزاما راسخا بقواعد القانون الإنساني الدولي. حتى في خضم الحرب، نبذل قصارى جهدنا لمساعدة المدنيين المحتاجين بما يتماشى مع القانون الدولي وقيمنا الإسرائيلية واليهودية”.
وهو ما يفسر أهمية رحلة هيرتزوغ، الذي كان ينظر إليه داخل إسرائيل على أنه أفضل فرصة لإعادة تأهيل السمعة السيئة لحزب العمل الفاشل في إسرائيل، حيث بات الكثيرون هذه الأيام، ينظرون إليه ليس كصوت عقلاني محتمل يعارض ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف، بل كأحد ممكنيه، لا سيما على الصعيد الدبلوماسي حيث وظف للدفاع عن أفعال إسرائيل.
ولهذا تم تصوير زيارة هيرتزوغ الأسبوع المقبل، على أنها انقلاب دبلوماسي وسط استعدادات لجلسات إحاطة لكبار الشخصيات الإعلامية. وبالنسبة لهيرتزوغ، الذي أصبح رئيسا في عام 2021، فإن رحلته من كونه أحد أنصار حزب العمل الوسطي الإسرائيلي إلى مدافع عن حرب وحشية أودت بحياة أكثر من 65,000 فلسطيني، ودفعت القطاع إلى ظروف مجاعة متزايدة، تعتبر ملفتة للنظر.