السبب الخفي ….وراء تبني مجلس النواب مذكرة تغليظ العقوبات على ” التحرش الجنسي “
حصاد نيوز -اسامة الرنتيسي
لا أعتقد أن مجلس النواب سوف يمرر التعديل على قانون العقوبات الحالي لتضمينه “جرم التحرش”، ليس استهانة بالمذكرة النيابية الموقعة من 20 نائبا، ولكن لأن قضية التحرُّش ليست ظاهرة في الأردن، وأدَّعي بضمير مرتاح، أنها غير موجودة إلى درجة إشغال الحياة العامة والسياسية بالبحث عن تعديل قانون لتجريمها.
لن أتحدث عن سوء نوايا وراء تقديم المقترح بقانون إلى مجلس النواب، ولكن، لأنها موضة في زمن الربيع العربي، والحديث الواسع عن قضايا التحرّش التي وقعت في مصر وغيرها، فتدحرجت القضية إلى أن وصلت عندنا.
هذا لا يعني عدم وجود لوبيات تدفع باتجاه إقرار هكذا تعديل تشريعي، وهناك معلومات متداولة عن أن مساهمة مالية وصلت لمراكز تتعامل مع التمويل الأجنبي من الاتحاد الاوروبي، إضافة إلى 150 ألف دولار استلمها مركز دراسات جديد من المعهد الديمقراطي الاميركي لتبنّي مقترحات تشريعية جديدة من بينها التحرّش.
المذكرة النيابية بررت الطلب لإيقاع عقوبات رادعة للحد من هذه الظاهرة، وعرّفت “التحرّش” مستندة إلى تعريفه في بعض الدول: “سلوك جنسي غير مرغوب يُشعر الشخص المتحرَّش به بالإهانة او التهديد أو الإذلال، قد يكون واضحًا او غير مباشر، جسديًا أو لفظيًا، كما قد يشمل الأشخاص من الجنس نفسه، وليس شرطًا أن يكون ضد شخص من الجنس الآخر”.
لا أحد في الأردن يستطيع ان يزعم ان التحرش اصبح ظاهرة في الاردن كما جاء في المذكرة، وحتى الحادثة اليتيمة التي تم الترويج لها قبل اشهر، المتعلقة بصبيتين في مدينة اربد، تَبيَّن في الأخير ان الشريط المصور الذي حاز على أعلى المشاهدات في تلك الفترة، مزور وغير حقيقي.
الحديث عن ظاهرة التحرّش في الأردن، مثل الحديث عن جرائم الشرف، وهما بكل الأحوال جرائم مرفوضة ومدانة، مهما بلغ عددها، قلَّت أم كثرت، لكن لا يبيع تجار التمويل الاجنبي بضائعهم علينا بأنهم يريدون تصحيح الأحوال الاجتماعية وتعزيز بنية الحريات العامة القانونية وحقوق الانسان، وتمكين المرأة.
في زمن الحديث الواسع والمشاهِد المرعبة التي يمارسها داعش على الأرض وعبر الأشرطة المصورة، وسبي النساء والجلد والرجم واسواق الجواري، وقطع الرؤوس، بعد مزاعم فتاوى جهاد النكاح، فإن الحديث عن التحرّش، كما بينت المذكرة النيابية يشمل الاستثارة الجنسية من دون رغبة من الطرف المتحرَّش به سواء كان رجلًا أم امرأة، ويشمل اللمس، الكلام، المحادثات التلفونية والخطابات الغرامية والرسائل عبر الهواتف والانترنت، والتحديق، والتعامل الودي غير المنطقي أو غير المرغوب مثل الاحتكاك بالشخص أو احتضانه، واستعمال تعليقات ذات ايحاءات جنسية، وسرد النكات الجنسية أو ذات الإيحاءات الجنسية، واستعمال شتائم أو ألفاظ جنسية أو موحية، وعرض مواد جنسية أمام الضحية، وطلب ممارسة الجنس بشكل صريح أو غير مباشر، كلها تصبح مداعبات لا ترقى الى جريمة التحرُّش، على طريقة “مشايخ داعش”