«شخصنة» في الهجوم على مشاريع «الطاقة البديلة» في الأردن وأبرز ما يشغل القيادة والدولة «فاتورة النفط»
حصاد نيوز -الإنفعالات التي شهدتها الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية خلال اليومين الماضيين تحت عنوان «أزمة الطاقة» لها ما يبررها خصوصا وأن الأردن بدأ ينشط في السياق الإستراتيجي- السياسي بحثا عن خيارات مستجدة في مجال تقليص فاتورة الطاقة.
في البرلمان هاجم أحد النواب مشروعا قيد التأسيس للإستثمار في مجال الطاقة المتجددة والبديلة بدعوى أن المشروع مناط بشقيق وزيرالخارجية ناصر جودة.
الهدف من الهجوم كان مضايقة وزير الخارجية بدليل عدم تقديم إعتراضات مهنية وعلمية على المشروع، في الوقت الذي حذر فيه برلماني مخضرم من وزن خليل عطية مجددا وفي تصريح له من الإستمرار في سياسة الخطأ البصري حيث تحصل إعاقة لمشروعات حقيقية ومهمة عبر تسليط الأضواء على الأشخاص وتجاهل الموضوع.
عطية يرحب بكل المبادرات الخلاقة في مجال التعاطي مع أزمة الطاقة ويطالب عبر «القدس العربي» بأن تفتح الحكومة الباب لكل المبادرات في هذا السياق مشيرا الى إن الخيارات مغلقة على الولوج الضروري لهذا العالم.
وزير المالية الدكتور أمية طوقان كان قد أبلغ «القدس العربي» في وقت سابق أن «فاتورة الطاقة» تمثل التحدي الأبرز أمام مالية بلاده، مشيرا الى أن كل أطر القيادة في الدولة مشغولة تماما بهذا الموضوع.
قبل ذلك تحدث الملك عبدالله الثاني شخصيا عن الموضوع علنا، واستعرضه مرات عديدة رئيس الحكومة الدكتور عبدالله النسور في الوقت الذي تنامت فيه إعتراضات هامسة هنا وهناك لا تتميز بالعلمية والموضوعية كما يلاحظ عطية.
الرهان في المقابل يتعاظم على الإستثمار أيضا في مجال توليد الكهرباء من الطاقة النووية وهو أمر يعمل عليه ويتعهد به رئيس هيئة الطاقة النووية الأردنية الدكتور خالد طوقان الذي يعتبر من أبرز»العلماء» في طبقة وأركان الدولة والحكم.
طوقان إستهدف بصورة شخصية طوال المرحلة الماضية بإعتراضات شعبية ونيابية تحت لافتة «النووي الأردني» وهو مشروع يثير الجدل، لكن الغالبية الساحقة من الإعتراضات في الواقع إختارت التركيز على طوقان وفريقه العلمي حصريا من باب «شخصنة» النقد كبديل عن الإعتراض على الخطة التي يدعمها القصر الملكي مباشرة في مجال الطاقة النووية.
الإعتراض على طوقان ومجموعته العاملة بصمت خلف الأضواء، كان في حقيقته عبارة عن رسائل للنظام السياسي نفسه وفي عدة مفاصل في النقاش الساخن حول ملف الطاقة في الأردن شعر طوقان بـ»الوحدة» في مواجهة الإعتراض المنظم بعد تبني بعض النواب لشائعات وتسريبات طالت حتى عائلته.
الرجل ألمح لذلك مرتين على الأقل في لقاء صحافي خاص حضرته «القدس العربي» وهو يتحدث عن القراءات الخاطئة لمشروع الطاقة النووية الأردني مما يكرس الإنطباع بأن حملات تشويه في مجالات الإستثمار في الطاقة تقف وراء سيناريوهات الشخصنة في المسألة.
مؤخرا إستدركت الدولة الأردنية كما فهمت «القدس العربي» من مصدر مسؤول وقررت مساعدة البروفيسور طوقان والتدخل لإبلاغ الرأي العام بأن مشروع «النووي السلمي» تقف وراءه الدولة من رأسها وحتى جميع مؤسساتها.
وزير الإتصال الناطق الرسمي أبلغ «القدس العربي» أن الإستثمار في المستقبل يعني عدم وجود خيارات الآن خارج سياق البحث في البدائل، مشيرا الى ان مشروع إنتاج الطاقة من النووي تسانده القيادة وما زال أساسيا عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع التحديات الواقعية.
الحملة ضد الخيارات البديلة في الطاقة «خفتت» مؤخرا كما قدر طوقان نفسه، بعد سلسلة حوارات مجتمعية في كل مكان والأردن يتجه لبناء محطة كبيرة لتوليد الطاقة النووية وإنتاج الكهرباء بكلفة عشرة مليارات دولار بالتعاون مع روسيا التي ستحظى بنصيب يصل إلى 49 في المئة من هذا الإستثمار وستعمل على التعاون لتدبير التمويل الباقي.
فوق ذلك بدت الإشارات متفاعلة حول الآفاق التي تتيحها مشروعات الطاقة البديلة والنووية تحديدا فالقصة أساسية وإستراتيجية ومستقبل معالجة تحدي الكهرباء والمياه غير ممكن بعد الآن بدون الإستثمار في مجال الطاقة النووية، والمشاريع في هذا الإتجاه قد لا تكتمل قبل التوثق من كل المعطيات الفنية مثل «الأمن النووي» ومتطلبات ومواصفات الآثار البيئية.
«الأمن النووي» مصطلح جديد في الحياة السياسية الأردنية تحدث عنه طوقان وفريقه بإسهاب وهو يشير الى ان الوضع المضطرب في المنطقة يتطلب في الواقع نظما أمنية صارمة جدا في حماية المرافق والمنشآت النووية لا تتعلق فقط بحرص الأردنيين على التواجد في «الداخل» عندما يتعلق الأمر بمرافقهم، ولكن على ترتيبات أمنية معقدة جدا من الواضح أن ملفاتها غير محسومة.
لاحقا يفترض أن تجري تنسيقات مع الأجهزة الأمنية جميعها ومع الجيش لتأمين أفضل مواصفات وللتوثق من أن الوضع الأمني المفتوح على كل الإحتمالات في المنطقة لن يؤثر سلبا وبأي طريقة على المنشآت الأردنية بعد إقامتها.
بسام البدارين