جنرال إسرائيلي: مسيرة الاعترافات بالدولة الفلسطينية تبدو وكأنها أيلول الأسود الإسرائيلي

9٬122

 

حصادنيوز – تتباين التقديرات في إسرائيل حول مدى أهمية وخطورة التسونامي السياسي ضدها في العالم، بين من يرى فيه بداية تحوّل كامل في الموقف من الصراع الكبير، وتبنّيًا للسردية الفلسطينية على حساب الرواية الصهيونية، ومن يخفف من حيويته ويعتبره مجرد مكسب معنوي يخلو من القيمة العملية رغم الاعتراف المتزايد بالدولة الفلسطينية.

وترى صحيفة “هآرتس” العبرية أن الغرب ينجح في إيذاء إسرائيل، حتى مع التحركات المترددة والحذرة، وفي الوقت نفسه يضع لها موعدًا نهائيًا.

“هآرتس”، التي تعتبر مواقف أوروبا أضعف من المطلوب في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية داخل القطاع، تنتقد الاعترافات الأوروبية المشروطة بالدولة الفلسطينية، وتقول أيضًا إن التصريحات بشأن الدولة الفلسطينية، وتحركات الاتحاد الأوروبي ما زالت قابلة للتراجع، بما يتماشى مع الإجراءات التي ستتخذها إسرائيل في قطاع غزة في الأسابيع المقبلة.

وتضيف: “عندما أعلنت هولندا أن الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير غير مرحب بهما في أراضيها، حرصا على التأكيد على أن القرار لم يكن مهمًا بالنسبة لهما”. وكتب بن غفير على شبكة “إكس”: “حتى لو تم منعي من دخول أوروبا بأكملها، سأستمر في العمل من أجل بلدنا والمطالبة بانهيار “حماس” ودعم مقاتلينا”.

في المقابل، ترى أوساط إسرائيلية أخرى أن الانتقادات العالمية ضد إسرائيل متدحرجة وخطيرة كتسونامي، ومن هؤلاء المدير الأسبق لقسم الأسرى والمفقودين في الاستخبارات العسكرية، الجنرال آفي خالو، الذي يقول، في مقال بعنوان “أيلول الأسود الإسرائيلي”، إن الاعتراف الدولي الواسع بالدولة الفلسطينية، حتى لو كانت قيمته العملية ضئيلة، يشكل فشلًا إستراتيجيًا إسرائيليًا مخزيًا من الدرجة الأولى.

في المقال المنشور في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الخميس، يرى خالو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اكتسب سمعة باعتباره رجل دولة متوسط المستوى إلى حد ما، لافتًا إلى تصريح نظيره الأمريكي دونالد ترامب، المعروف بأسلوبه الصريح، بأن “ماكرون لا يفهم شيئاً في القضايا الدولية”.

كما يقول خالو إن المهزلة الكثيرة التي وقعها الرئيس الفرنسي ليست جديدة، لكن يبدو أن ماكرون لا يزال يعرف كيف يحطم رقمه القياسي بإعلانه من قصر الإليزيه عن نية فرنسا الاعتراف بدولة فلسطينية، موضحًا أن هذه خطوة تجنبها الرؤساء الفرنسيون، رغبة منهم في عدم الإضرار بالوضع الراهن، وفهمهم أن مثل هذا الإعلان يتناقض مع مبادئ القانون الدولي، حيث لا يستطيع الفلسطينيون أن يعرفوا أنفسهم كدولة.

ومع ذلك، يعتبر أن المسيرة الفرنسية الحمقاء للاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، في سبتمبر/أيلول المقبل، تبدو بشكل متزايد وكأنها “سبتمبر الأسود الفلسطيني”.

ويتابع: “من خلال النافذة التي فتحها ماكرون، تدخل سلسلة من الزعماء الأوروبيين (المستشار الألماني متردد) يدعون إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهي الخطوة التي تشهد على الفقر الأيديولوجي والفكري في أوروبا في ما يتصل بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. إن إقامة كيان دولة على حدودنا، بعد أهوال السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لا يؤدي إلى تقدم حل الصراع فحسب، بل يعيده إلى الوراء، ولا يتوافق مع الواقع”.

ويرى الجنرال الإسرائيلي أن حقبة “حماس” في قطاع غزة، والتي انتهت (حتى الآن) بواحدة من أخطر الكوارث الأمنية التي عرفها العالم في العقود الأخيرة، إلى جانب تحديات الإرهاب وحكم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، كلها دليل على مدى عدم استعداد الفلسطينيين لقبول عبء استقلال الدولة، على الرغم من كل ما يعنيه ذلك.

ويكفي أن نقيم بحذر أن من غير المتوقع أن يعيش أبو مازن إلى الأبد، وهو حدث سيتطلب في حد ذاته وقتًا من أجل استقرار “النظام الفلسطيني”، حتى يتمكن من استيعاب أن الاعتراف لن يؤدي إلى أي تقدم.

ويعتبر أن حقيقة أن نتنياهو يكرس نفسه بشكل متزايد لرؤية مسيانية متطرفة تتمثل في إنشاء وطن أسلاف في غزة تترك فراغًا للمبادرات الجوفاء التي يطلقها زعماء مثل ماكرون.

فشل إستراتيجي

ولكن المسؤولية عن هذا التقصير، طبقًا لخالو، لا تتوقف عند باريس ولندن، بل تمتد في خط مباشر إلى إسرائيل، وهو يمضي في توجيه الانتقادات لقصر نظرها: “كما حطمت الحكومة، التي تعاني من شلل إستراتيجي عميق، أرقامها القياسية في التآكل المنهجي والمستمر لشرعية استخدام القوة في غزة، في أعقاب الرفض المزمن للانخراط في العملية اليومية والأزمة الإنسانية الحادة الناتجة عن ذلك في القطاع، والتي تلحق أضرارًا جسيمة بإسرائيل”.

وضمن هذه الانتقادات يشير إلى أن حقيقة أن نتنياهو يكرس نفسه بشكل متزايد لرؤية مسيانية متطرفة لإنشاء وطن أسلاف في غزة لا تسمح بتقديم أي بديل سياسي للصراع، وتترك فراغًا للمبادرات الجوفاء من قبل قادة مثل ماكرون.

ويقول إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، حتى لو لم تكن له قيمة عملية كبيرة في هذه المرحلة، يشكل فشلًا إستراتيجيًا إسرائيليًا مشينًا من الدرجة الأولى، ولا يزال من المبكر جدًا تقييم الأضرار الناجمة عنه على المدى الطويل.

ويرى أنه في سلوكها المستهتر، تحث الحكومة الإسرائيلية الأوروبيين على السعي إلى “حلول فورية” لصراع متوتر مستمر منذ 150 عامًا، ولا تبدو نهايته وشيكة.

يأجوج ومأجوج

وحسب خالو، تواجه إسرائيل الآن فرصة لتشكيل الصراع، ولكن على غرار ما قيل عن الفلسطينيين لسنوات: فإن الحكومة الحالية لن تفوت فرصة لتفويت الفرصة.

ويخلص إلى القول، في خاتمة هذه المراجعة لرؤية وأداء إسرائيل وجرائمها: “من الممكن أن نستبق هذا الأمر ونقدر أن حكومة نتنياهو السادسة ستترك وراءها يأجوج ومأجوج، كابوسًا سياسيًا وإداريًا وإستراتيجيًا من الدرجة الأولى، الأمر الذي سيتطلب بذل قصارى جهدنا لإصلاح الأضرار. إن القضية الفلسطينية، مثل قائمة طويلة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية، سوف تضطر أيضًا إلى الوقوف على عتبة حاملة الطائرات السياسية التي سوف تحول دون اصطدام إسرائيل الفوضوي بجبل جليدي، قبل فوات الأوان”.

قد يعجبك ايضا