تصعيد إسرائيل وإيران.. غوتيريش يحذر من الفوضى ويدعو لمنح السلام فرصة
حصادنيوز – حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الفوضى في الشرق الأوسط، ودعا إلى “إعطاء السلام فرصة” في تلك المنطقة، وذلك خلال جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن الجمعة، لبحث التصعيد المتسارع بين إسرائيل وإيران.
عُقدت الجلسة تحت بند “التهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين”، وجاءت بطلب من إيران، وأيدت الطلب كل من الجزائر والصين وباكستان وروسيا.
وفي كلمة له، حذر غوتيريش من أن المنطقة تتجه نحو “الفوضى”، منبها إلى أن اتساع رقعة الصراع قد يشعل نارا لا يمكن إخمادها، وفق ما نقله موقع “أخبار الأمم المتحدة”.
كما حذر غوتيريش من أن المواجهة بين إسرائيل وإيران تتصاعد بسرعة، مخلفة خسائر فادحة، داعيا أطراف النزاع، والأطراف المحتملة فيه، ومجلس الأمن إلى “إعطاء السلام فرصة”.
وقال إن “اتساع رقعة هذا الصراع قد تشعل نارا لا يستطيع أحد السيطرة عليها. يجب ألا ندع هذا يحدث”.
وأضاف: “نحن لا ننجرف نحو أزمة، بل نتسابق نحوها. نحن لا نشهد حوادث معزولة، بل في طريقنا نحو الفوضى”.
وأوضح غوتيريش أن المسألة المحورية في هذا الصراع هي المسألة النووية، مشددا على أن عدم الانتشار “ضرورة لسلامتنا وأمننا جميعا”.
وأكد أنه “يجب على إيران احترام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية”، مشيرا إلى أن طهران صرحت مرارا بأنها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية.
وأشار إلى أن السبيل الوحيد لسد فجوة الثقة هو من خلال الدبلوماسية لإيجاد حل موثوق وشامل وقابل للتحقق، بما في ذلك الوصول الكامل لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مضيفا أنه “لكي يتحقق كل ذلك، أدعو إلى إنهاء القتال والعودة إلى مفاوضات جادة”.
** الحل السلمي لم يغلق
من جانبها، قدمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، تفصيلا عن الخسائر والتداعيات الناجمة عن التصعيد العسكري الإسرائيلي الإيراني.
وقالت في إحاطتها إن دورة الهجمات والهجمات المضادة المتصاعدة أسفرت عن سقوط مئات الضحايا المدنيين، بما في ذلك وفيات، في كل من إيران وإسرائيل.
ونبهت ديكارلو إلى أنه “في الوقت الفعلي نشهد تأثير الصراع إقليميا، مع إطلاق الحوثيين صواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل، وتصاعد التوترات بين الجماعات المسلحة في العراق. مع كل يوم يمر من القتال، يتزايد الخطر، لا سيما على المدنيين”.
وحذرت كذلك من التداعيات الاقتصادية للصراع مضيفة: “لا يمكننا استبعاد التأثير العالمي لاحتمال انقطاع حركة التجارة عبر مضيق هرمز، الذي وصفه البنك الدولي بأنه أهم ممر نفطي في العالم”.
وشددت المسؤولة الأممية على أن هجمات إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية مثيرة للقلق، وكذلك خطر اتساع نطاق الصراع.
لكنها أكدت أن فرصة منع تصعيد كارثي والتوصل إلى حل سلمي لم تغلق بعد، كما يتضح من الفرص الإيجابية الأخيرة للدبلوماسية، مرحبة بالمحادثات بين وزراء خارجية فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيران في جنيف الجمعة.
** “تدهور حاد” بالسلامة النووية
أما المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي فقد حذر من أن الهجمات الإسرائيلية على المواقع النووية في إيران تسببت في “تدهور حاد” في السلامة والأمن النوويين.
وقال: “على الرغم من أنها لم تؤد حتى الآن إلى انبعاث إشعاعي يؤثر على الجمهور فإن هناك خطرا من أن يحدث ذلك”.
وأكد غروسي أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتابع الوضع منذ بدء الهجمات الإسرائيلية في 13 يونيو/ حزيران الجاري، وشدد على أن الوكالة مستعدة للاستجابة لأي طارئ نووي أو إشعاعي.
وذكر أن عدة دول في المنطقة اتصلت بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في الساعات الأخيرة للتعبير عن قلقها.
وحذر غروسي من الضربات المحتملة على محطة بوشهر للطاقة النووية، وقال: “الضربة المباشرة، أو إلحاق الضرر بإمدادها بالطاقة، يمكن أن يؤدي إلى انبعاث إشعاعي كبير يتطلب عمليات إجلاء وإجراءات طوارئ أخرى”.
كما أثار مخاوف بشأن خطر الضربات على المنشآت النووية في المناطق المكتظة بالسكان مثل طهران، والتي يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة.
وجدد غروسي التزام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالبقاء في إيران واستئناف عمليات التفتيش بمجرد أن تسمح الظروف بذلك.
وشدد مجددا على أن الهجمات المسلحة على المواقع النووية يجب ألا تحدث أبدا، وحذر من عواقب وخيمة داخل المنطقة وخارجها.
وأضاف: “الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن تقف مكتوفة الأيدي”، داعيا أعضاء مجلس الأمن إلى دعم الجهود الرامية إلى استعادة عمليات التفتيش وحماية البنية التحتية النووية.
واختتم غروسي حديثه بحثّ المجتمع الدولي على عدم تفويت فرصة السلام، قائلا: “الحل الدبلوماسي في متناول اليد (…) والبديل هو صراع طويل الأمد وتهديد وشيك بالانتشار النووي”.
** واشنطن تطالب طهران بالصواب
من جانبها، قالت القائمة بأعمال المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا، إن الشرق الأوسط يشهد لحظة حاسمة، مضيفة أنه “لم يفت الأوان لتفعل حكومة إيران الصواب”.
وقالت في كلمتها، إن الرئيس دونالد ترامب كان واضحا في الأيام الأخيرة بشأن ضرورة تخلي القيادة الإيرانية تماما عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وعن جميع طموحاتها في امتلاك سلاح نووي.
وأضافت أنه على الرغم من أن بلادها لم تشارك في الضربات الإسرائيلية، “فلا شك في أن الولايات المتحدة لا تزال تقف إلى جانب إسرائيل وتدعم إجراءاتها ضد طموحات إيران النووية”.
وتابعت: “لم يعد بإمكاننا تجاهل أن لدى إيران كل ما تحتاجه لامتلاك سلاح نووي. كل ما تحتاجه هو قرار من مرشدها الأعلى. هذا أمر غير مقبول، ويجب على هذا المجلس حثّها على تغيير مسارها”.
وتنفي طهران السعي لصناعة سلاح نووي بدعوى أنها تعتقد بـ”حرمة” ذلك دينيا، وتؤكد أنها فقط تريد برنامجا نوويا لأغراض سلمية تشمل توليد الكهرباء واستخدامات مدنية أخرى.
** “جرائم حرب متعمدة”
من جانبه، قال مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني إن مئات المدنيين قتلوا وأصيب آلاف آخرون في ما وصفه بـ “الهجوم غير المبرر” الذي شنته إسرائيل على بلاده، والذي لفت إلى أنه استهدف العديد من البنى التحتية المدنية، بما فيها هيئة البث الوطنية و5 مستشفيات من بين مرافق طبية أخرى.
وقال: “لم تكن هذه حوادث، ولم تكن أضرارا جانبية. بل كانت جرائم حرب متعمدة، وأعمال إرهاب دولة، ونموذجا للحرب البربرية”.
وأضاف إيرواني أن هجمات إسرائيل على “المواقع والمنشآت النووية السلمية” تُعد اعتداء على نظام منع الانتشار العالمي، “وتشكل سابقة خطيرة للأمن العالمي”.
وتابع: “إذا لم يتحرك مجلس الأمن الآن، فسيرسل رسالة مفادها أن القانون الدولي وقراراته تطبق بشكل انتقائي. وإذا انهار نظام منع الانتشار، فسيتقاسم هذا المجلس المسؤولية مع النظام الإسرائيلي”.
واعتبر السفير الإيراني أن التهديدات العلنية من جانب الولايات المتحدة بضرب المنشآت النووية الإيرانية المحمية تُشكل “انتهاكا صارخا” لميثاق الأمم المتحدة، وخرقا للمساواة في السيادة بين الدول”.
ودعا مجلس الأمن إلى التحرك الفوري لاعتبار استخدام إسرائيل للقوة ضد إيران “خرقا للسلام وعملا عدوانيا”، واتخاذ تدابير ملزمة “بموجب الفصل السابع لوقف العدوان ومنع تكراره”، والتصدي لخطر اندلاع حرب إقليمية أوسع.
** تبرير إسرائيلي للعدوان
في المقابل، برر المندوب الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون عدوان بلاده على إيران، مدعيا أنها “تحركت لأنها تدرك ثمن الانتظار”.
وقال: “لن ننتظر تهديدا آخر، سواء كان ذلك بالصواريخ أو إرهابيين أو قنبلة ذرية”، على حد تعبيره.
وتابع: “هذه هي الفرصة الأخيرة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ولم تأتِ إلا بعد استنفاد الدبلوماسية. لا يمكن ولن يمكن لإسرائيل أن تقبل بهذا الوضع”.
ومنذ 13 يونيو الجاري، تشن إسرائيل بدعم أمريكي عدوانا على إيران استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة باتجاه العمق الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين.