ذكرى النكبة.. المحامي أشرف الزعبي
حصادنيوز – يافا لم يجف الدمع في عيوننا، وهي ترنو إليك، ولم ننتحب دما، كما قال طوقان في شوقه المتعب، أيتها البرتقالة، ويا زيتونتنا، ما أجملك وسبحانه كيف صورك. سلمي لي على عكا وسورها، واقرأي الفاتحة على صالح نبي الله، واقرِئي شهدائك السلاما، عطا الزير، ومحمد جمجوم، وفؤاد حجازي، ما ماتوا، فهم عند ربهم أحياء يرزقون، وقولي للإنجليز، مشانقكم التي علقت على أسوار عكا، بعثت حياة بمن شنقوا، وعكا ما زالت منذ بدء الخلق، تعزف مع موج المتوسط أهازيج الصيادين. ويا سور عكا الأزلي، هل ناجيت جبل الكرمل، أبا حيفا، وجد كنعان، وقل لحيفا أن عرب الرافدين ما ماتوا، وسيعودون لبوابتك، وسيمخروا عباب بحرك، محملين بالمن والسلوى، وسيأكلون من توتك ولوزك الزكي، ويصلون بين يدي القديس يوحنا. ويا حيفا، هلا أقرأتي عنا الناصرة السلاما، وقولي لأهلنا فيها ” تِد في الأرض أقدامكم، تزول الجبال ولا تزولوا “، واخبرهم أن شرحبيل قادم للصلاة في حضرة النبي سعين، واسأليها عن العذراء وكنيستها، وبلغي مار يوسف بكنيسته السلاما، وقبلي قبر شاعرانا عبد الرحيم محمود، وتوفيق زياد. ويا ” آبل “، يا برج الحراسة، يا ألناصرة، بلغي ريحا أريحا، أن نبي الله موسى يحرسها، وهلا أخبرتي المتصهينين، عن قِدمها، وانها خلقت قبل كنعان، وأن هشام قد لاذ بها، وترك لنا قصره ليشهد عليهم الحجر قبل البشر، وقولي لهم بأن دير المعمداني مار يوحنا، ودير اللاتين فيها باقيان ما بقى الهواء، وهل أخبرتهم أن ريحا وطواحينها وسكرها وجدوا قبل أن توجدوا؟ ويا أريحا، هلا اقرأتي بئر حرم الخليل السلاما، وهل أخبرتي سلطانها قالون، أن تكيته لا زالت على حالها؟ وأن مسجدها الابراهيمي لا زال يؤَذن به للصلاة. اما أنتِ يا جبل النار، فاقريء عنا نبي الله يوسف السلاما، وسلم لنا على بئر يعقوب، وقل للرومان، أن سبسطية لا زالت تتنفس، وأن أهلها سموها بلاطة، ويقيمون صلاتهم بمسجدها الصالحي الكبير. ويا نابلس، لا تنسي غزة العزة من سلامنا، بحرها وسماها، وادعي بمحراب مسجدها العمري تحريراً وسلاما. أما انتِ يا زهرة المدائن، ويا أُمنا، فسلام على أسوارك، كلما شرقت شمس وغربت، وسلاماً على أقصاك كلما اذن مؤذن، وسلام على المهد، والقيامة، كلما دق جرس الصلاة ونادى مناديها.
ستبقى فلسطين الفرح والأمل، وما هرولة التطبيع، الذي نراه يوميا مع الكيان المحتل، إلا سطر أسود في عمر الأمة، إننا نؤكد ان ما سمي معاهدات سلام مع هذا العدو، ما هي إلا زلات تاريخية وقعت بها أنظمة عربية، أعطت لهذا الكيان شرعنة ما كان ليحلم بها، وها هو يدوسها باقدامه كل يوم، وأن حرب الإبادة في غزة والضفة ورد المقاومة الباسلة، والدماء الزكية التي سالت ولا زالت، أعادت للأمة كرامتها وأن عدم مشروعية الكيان الذي نؤمن به مع كل المؤمنين بهذه الأرض، أرض التاريخ والحضارة، أرض الرسالات، سوف يبقى نبراس وبوصلة لنا.
وبالرغم من أن هذا العدو قد قضم الأرض، وقتل الأنسان، ولن يهدأ له بال، حتى يحقق حلمه بدولة، تمتد من الفرات إلى النيل، وان أفعالهم تثبت ذلك كل يوم، وان بداية التطبيع سراً، ثم خروجه على السطح علنا، بقالب المعاهدات المشؤمة، التتي صارت مركباً، لكل طامح بشهرة أو بمنصب، فالتطبيع لم يات من مسلسل، أو ما شابه، لقد مارسته بعض انظمتنا العربية علنا، الموقع منها وغير الموقع، لكن الاغلبية الساحقة من شعبنا العربي، لم ولن يعترفوا بهذا الكيان الغاصب، وفي ذكرى النكبة نقول ستبقى فلسطين ” أم البدايات وأم النهايات، وستبقى فلسطين كل فلسطين وقف عربي إلى يوم الدين.