“قفزة نحو الوراء”.. اتحاد الناشرين السوريين يفرض رقابة مسبقة على منح تراخيص نشر الكتب في سوريا
حصادنيوز – ألزم اتحاد الناشرين السوريين دور النشر بالحصول على موافقة مسبقة من وزارة الإعلام قبل طباعة أو تصدير أي كتاب، في خطوة وصفها السوريون بأنها تشكل “انتهاكا صارخا للإعلان الدستوري السوري والمعاهدات الدولية التي تضمن حرية النشر والتعبير”.
وبينما تتبع معظم دول العالم الديمقراطية مبدأ “الرقابة اللاحقة” عبر القضاء المستقل، أصدرت السلطات السورية الأربعاء، قرارا اعتبره السوريون بانه “يفرض رقابة مسبقة على الكلمة قبل أن تُكتب، وتُفرغ الحياة الثقافية من روحها النقدية”.
وفي رسالة موجهة من رئيس اتحاد الناشرين السوريين إلى دور النشر، أصدر اتحاد الناشرين السوريين قرارا بمنع عرض أو تداول أي كتاب دون موافقة وزارة الإعلام، مشدد على ضرورة الحصول على موافقة رسمية قبل إرسال أي كتاب للخارج أو المشاركة به في المعارض العربية والدولية، كما دعا الناشرين إلى مراجعة مديرية التقييم الإعلامي في وزارة الإعلام لاستكمال الإجراءات المطلوبة.
وجاء في الرسالة: حسب التعليمات الواردة من وزارة الإعلام فإن جميع الكتب المنشورة تحتاج إلى موافقة من الوزارة، وبالتالي يرجى من الناشرين الذين طبعوا كتبهم خلال فترة الرقابة الذاتية للناشرين (كتابنا المؤرخ ب 28 / 12 أي بدون الحصول موافقة وزارة الاعلام بالإضافة إلى الناشرين الذين لديهم كتب لم تحصل على موافقة قبل تاريخ 2024/12/8 أن يتقدموا بها للوزارة اعتباراً من اليوم ليحصلوا على موافقه رسميه سواء سيتم شحنها للخارج أو للتداول ضمن القطر”.
ويعني القرار أن جميع الكتب المنشورة التي لم تحصل على موافقة قبل 8 ديسمبر 2024 أو ما طبع بعدها، كما يتوجب على الناشرين الذين لديهم كتب ينوون نشرها، التوجه الى الوزارة للحصول على موافقة النشر.
قرار وزارة الإعلام أثار موجة واسعة من الجدل والنقاش بين الكتّاب والإعلاميين والصحافيين والمثقفين على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين القرار ليس مجرد إجراء تنظيمي وإداري، بل يعكس “سياسة تقييد ممنهجة للكلمة، ويُكرّس رقابة مسبقة تخنق الإبداع وتفرغ المشهد الثقافي من التنوع والنقد”.
“قفزة إلى الوراء”
مروان داون وصف القرار بأنه “قفزة هائلة إلى الوراء” وكتب تحت شعار “لا لعودة مملكة الصمت”: في الوقت الذي تتجه فيه معظم الدول العربية نحو تخفيف إجراءات الرقابة، أسوة ببقية دول العالم، فإن أحد أول قرارات وزارة الإعلام الجديدة هو فرض رقابة مسبقة على الكتب، سواء للتداول داخل سوريا أو خارجها.
وأضاف: على الحكومة الأولى بعد الثورة التي كانت “الحرية” أولى هتافاتها، والتي دفع السوريون ثمناً باهظاً من أجلها، أن تضمن أبسط حقوق الناس في حرية التعبير والنشر، وعلى اتحاد الناشرين السوريين ألا يكون ذراعاً تنفيذياً لهذا القرار، بل أن يقف في وجهه، ويعارض أي إجراء يعيد الرقابة المسبقة أو يقيّد حرية النشر. يجب أن يوجّه الاتحاد كتاباً رافضاً للقرار إلى وزارة “الإعلام”، لا أن يشكرها ويدعو إلى الالتزام بتعميمها.
وزاد: دعم صناعة النشر في سوريا لا يكون بتضييق الخناق على الكتّاب والناشرين، بل برفع القيود عن الكتب، وعدم التدخّل في المحتوى، والمطالبة بإلغاء وزارة الإعلام نفسها، واستبدالها بهيئة ناظمة للعمل الإعلامي.
الكاتب السوري محمد أمير ناشر النعم، فسر القرار بأنه تكرار لسلطة الأسد ورقابته، قائلا: قضيت ردحاً من الزمان ناشراً وأنا أردح في وزارة الإعلام جيئة وذهاباً من أجل الحصول على موافقات نشر الكتب التي كنت أود نشرها،
وكنّا، نحن الناشرين، نمتعض “دائماً على هذه السلطة التي تلزمنا بهذه الموافقة ونقارن بين سوريا وبين بقية البلدان العربية التي لا يتطلب النشر فيها أية موافقة رسمية”.
وأضاف: يبدو أن السلطة الحالية ما زالت تستعذب بعض قرارات السلطة الأسدية، ولا تستطيع أن تخلع عنها عباءة تلك السلطة البائدة في إجراءاتها وقراراتها الرقابية، وأظن أن أولى مهمات اتحاد الناشرين السوريين هو الاعتراض على هذا القرار بدلاً من تبليغه.
الكاتب والإعلامي السوري فايز علام، تهكم على القرار، معتبر أنه من المفترض أن “تلغى الرقابة بكل أشكالها، في بلد خرجت بثورة تنادي بالحرية” مشيرا إلى أنه “في عصر الانترنت، صار منع كتاب شي مضحك، ثم أنه أي كتاب عم يتحول لملف بي دي اف مجاني، كما أن الحصول عليه أسهل بكثير من الحصول على الورقي، ومتاح أمام الجميع، كما أن الناس لديها فضول دائما لتعرف الأشياء الي منعتها الرقابة، أكتر من فضولها تجاه أي شي غير ممنوع… فالمنع يأتي بنتائج عكسية للهدف”.
الكاتب أحمد خيري العمري، رأى أن تأييد اتحاد الناشرين السوريين لقرار وزارة الإعلام بفرض الرقابة والحصول على الموافقة لنشر أي كتاب “سابقة تطبيلية”.
واعتبر من الطريف أن موافقات ما قبل 8 / 12 لا تزال سارية، أي أن كتابا صدر يمجد الطاغية الأسد لا يزال نظريا يسمح له بالطباعة والنشر، والأطرف إن البيان يقول أن هذا كله لغرض دعم صناعة النشر السورية، وككاتب عربي، أعرف تماما حقيقة بعض الرقابات العربية وهزليتها، وكنت أفضل أن يدعم اتحاد الناشرين صناعة الكتاب عبر دعوة المسؤولين إلى إعادة النظر في القرار، أو على الأقل عدم تعليقهم من الأساس”.