السيسي هدد حماس عبر وسيط أردني بحرب إسرائيلية.. وستخرح الحركة من الحرب «أقوى» بكثير!
حصاد نيوز – تدور حاليا التكهنات بأن الحرب الحالية فى غزة سوف تساعد على اضعاف حركة حماس ونبذها فى العالم العربى، إلا أن الحقيقة عكس ذلك ذلك تماما وفقا لعدد من المحللين العسكريين والمسئولين بالمخابرات الأمريكية: ” فحركة حماس ما زالت قوية، ومن المرجح أن تخرج من هذه الحرب أقوى أكثر وأكثر”.
حيث يزعم الجيش الإسرائيلي انه استطاع كسر شوكة حماس في مدن الضفة الغربية فى الخليل وبيت لحم، ونابلس، ولكن اتضح أن تلك كانت مجرد مزحة.
نفس الأمر بالنسبة لها ينطبق على قطاع غزة، فعلى الرغم من الهجوم الاسرائيلى الكبير على غزة فحماس وقواعدها العسكرية ظلت مجهولة بالنسبة للأهداف الاسرائيلية ولم تصب بأذى.
فى 9 يوليو الماضى توسط مسئول دبلوماسى بارز فى العاصمة الأردنية عمان بطلب مباشر من المشير عبدالفتاح السيسى لتهديد حماس بالحرب الاسرائيلية المحتملة على القطاع لتقديم تنازلات، إلا أن حماس رفضت الانصياع لتهديد السيسى وخذلته أمام الادارة الاسرائيلية، وردت: “اذا أرادت اسرائيل الهجوم، فدعها تهاجمنا !”.
ليست هذه المرة الأولى التى تخيب فيها آمال اسرائيل فى مخططاتهم للقضاء على الحركة، فنفس الموقف تكرر عام 2006 بخيبة أمل كبيرة.
فكونداليزا رايس كانت تتوقع بنسبة كبيرة من فوز حركة فتح فى الانتخابات بسبب الدعم والتمويل الامريكى الضخم للحركة، إلا أن فوز حماس فى الانتخابات كان مفاجئا بشكل كبير.
وبالرغم من رد الفعل الأمريكى والاسرائيلى بتشديد الحصار على غزة وخلق أزمة اقتصادية شديدة فى القطاع بعد فوز حماس فى الانتخابات حتى تخسر مكانتها الشعبية، لكن ذلك لم يحدث.، لذلك قررت الولايات المتحدة، في عام 2007، دعم إنشاء ميليشيا مسلحة لحركة فتح لسحق حركة حماس في غزة والاستيلاء العسكرى على القطاع، ولكن بدلا من ذلك، استبقت حركة حماس العملية وقررت الحسم العسكرى بشكل استباقى وكانت فتح هى التي تم إزالتها من غزة وليس حماس.
فيما فشلك كذلك سلسلة من العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ ذلك الحين على نحو مماثل لتدمير حماس. في نهاية كل عملية، ظلت حماس في السيطرة على غزة وقادرة على إطلاق صواريخ على إسرائيل وأقوى كل مرة من ذى قبل.
مع الوقت نما الغضب عند بعض المسؤولين العسكريين الامريكيين بسبب الادعاءات المستمرة لاسرائيل ومزاعمها الدائمة بأن حماس على وشك أن تدمر.
حيث قال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى يعتبر من المراقبين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني: “أود أن أقول أنه نظرا تاريخها، فإن سيناريو القضاء على حماس هو محض مبالغة فقد أظهرت الحركة أنها قادرة على التقاط كل اللكمات التى وجهت لها”.
فشلت اسرائيل ليس فقط فى القضاء على حماس، ولكن فى نهجها تجاه الفلسطينيين بل واستعداء حليفتها الأكثر أهمية وهى الولايات المتحدة. خصوصا بعد فشل وزير الخارجية الامريكى جون كيري فى محاولة التفاوض على ايجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، المسؤولون أمريكيون أظهروا الإحباط من الحكومة الإسرائيلية.
كيرى الغاضب من اسرائيل بسبب تعثر المفاوضات واحراجه أمام الراى العام، كان قد أبلغه محمود عباس أنه سوف يتصالح مع حماس في حالة فشل عملية السلام وسيوجه طلب للانضمام إلى المنظمات الدولية من أجل تعزيز الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ووفقا لمسؤول كبير من حركة فتح، فإن عباس حاول اقناع كيري بأن اتفاق المصالحة سيؤدى فى النهاية إلى “تدمير حماس” من خلال ضمها الى العملية السياسية ومن ثم تلقى هزيمة في الانتخابات اللاحقة، عباس حاول طمأنة جون كيرى قائلا:” أنا أكره حماس، لا تقلق فلدي خطة بالنسبة لهم وسترى”.
بعد انهيار عملية السلام والاعلان عن اتفاق الوحدة الفلسطينية، قام مسؤولون اسرائيليون بتصعيد الخطاب ضد حماس. حيث قال وزير الاستخبارات الاسرائيلي يوفال شتاينتز لمجموعة من الصحفيين فى واشنطن في اواخر يونيو الماضى بأن حماس لا تقل خطورة عن الجهاديين في المنطقة الأكثر عنفا مثل داعش “، حيث أرادت اسرائيل تصوير نفسها على أنها تقاتل الجهاديين فى المنطقة بجانب الامريكان، فيما أوضح مسئول كبير متقاعد بالمخابرات الامريكية أن هذا مجرد هراء فى مقارنة داعش بحماس.
المسئول الامريكى أضاف بأن العملية الاسرائيلية فى غزة قد أضعفت من شرعية محمود عباس نفسه، وتركت فراغا كانت
تملئه فتح فى الضفة الغربية تستثمره الآن حماس.
اذاً ماذا بعد؟
التصرفات الاسرائيلية تسبب قلقا متزايدا لدى المخابرات الأمريكية حول بروز المزيد من الحركات الإسلامية الراديكالية فى المنطقة وداخل فلسطين وغزة وأن تلك الهجمات الاسرائيلية قد تساهم فى تعزيز موقف الفلسطينين العدائى تجاه اسرائيل، وهذا يمكن رؤيته بوضوح في اختطاف وقتل المراهقين الإسرائيليين الثلاثة، فحماس نفسها لا تعرف من أقدم على تلك الخطوة وتنكرها، وكذلك حركة فتح التى فوجئت بما حدث.
يرى ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن أن الوصول هذه المرة للاتفاق على وقف إطلاق النار سيكون أكثر صعوبة بكثير، فالهجمات الاسرائيلية قد أضعفت من موقف محمود عباس؛ إسرائيل لديها حكومة تحتاج إلى إظهار صلابة موقفها، وحماس تتطلع لاستثمار الوضع فى غزة لتحسين موقفها، لذا فالأزمة الحالية يمكن أن تستمر لبعض الوقت، بل وتصبح دموية جدا.
حتى الآن، ومع المحاولات الاإسرائيلية لمدة ثماني سنوات لضرب حماس واجبارها على الخضوع والاستسلام فإن ذلك لم يؤدى فقط الى مجرد الفشل الذريع، بل قد نجحت أيضا في زيادة حجم العدائية من جانب السكان الفلسطينيين تجاه اسرائيل على نحو متزايد وكذلك نفور حلفاء اسرائيل عنها وعن دعمها.
المحلل الاستخباراتى الأمريكي السابق الذي أمضى حياته المهنية فى صد الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. “على إسرائيل أن تعترف بأن استراتيجيتهم لعزل حماس، وإضعاف حركة فتح، والإساءة إلى أمريكا لم تنجح، ولن تنجح، وربما حان الوقت لمحاولة شيء آخر”.