حين تتحول الصحافة إلى سيرك مفتوح

56

حصادنيوز – بقلم : نادر حرب – لا أجد وصفًا أدق لما نراه اليوم في المشهد الإعلامي من أن الصحافة تحوّلت، على أيدي الدخلاء، إلى سيرك مفتوح… ضجيج، استعراض، وقليل من الحقيقة إن وجدت.

منذ متى صار بإمكان أي صاحب حساب على “تيك توك” أو “إنستغرام” أن يلقب نفسه بـ”إعلامي”؟ متى أصبح نسخ منشورات من صفحات مجهولة يُعتبر “سبقًا صحفيًا”؟ ولماذا يصمت من يفترض بهم الدفاع عن المهنة بينما يتم العبث بها أمام أعينهم؟

أشباه الصحفيين هؤلاء لا يؤمنون بالحقيقة، ولا يعترفون بأخلاقيات العمل الإعلامي. كل ما يعنيهم هو أن يظهروا، أن يُشار إليهم، ولو بالفضيحة. أدواتهم ليست الكاميرا ولا القلم، بل “الترند”، والركض خلف كل ما يثير الجدل حتى لو كان على حساب سمعة الناس أو أمن المجتمع.

الصحفي الحقيقي لم يعد يجد له مكانًا في هذا الزحام الرخيص. لأن المؤسسات ذاتها، التي يُفترض أنها حارسة للمهنة، باتت تُكرّس هذا النمط الرديء، وتمنح المايك لمن يجيد الصراخ لا لمن يحمل وعيًا.

لقد انقلبت المعايير. صار من يلتزم بالدقة والمصداقية يُوصف بأنه “قديم”، بينما يُحتفى بالهواة وكأنهم رواد إعلام جديد. أي عبث هذا؟ وأي زمن هذا الذي يُكرَّم فيه الزيف وتُحاصر فيه الحقيقة؟

المعركة لم تعد مهنية فقط، بل أخلاقية. وعلينا، نحن من نحمل شرف هذه المهنة، أن نرفع الصوت عاليًا: لسنا جميعًا إعلاميين. الصحافة ليست لمن قرر أن يجرب حظه في الشهرة، بل لمن يحمل همًا ورسالة وضميرًا.

قد يعجبك ايضا