المناسف لا تصنع الساسة.. وعوض الله نجم الحفل الملكي
حصاد نيوز – ‘الأردن الجديد’.. مصطلح شكّل كلمة السرّ في معظم جلسات وحوارات ولقاءات رجال الدولة المخضرمين، الذين انتقدهم الحراك الشعبي بل وطالب بمحاسبتهم كمقدّمة لإجراء إصلاحات سياسيّة حقيقيّة.. ولكن ما هو هذا ‘الأردن الجديد’ الذي يتحدّث حوله رجالات السلطة، أتراه يتّسع لوصول من لفظه الشارع إلى مراكز صنع القرار ؟!
خلال الأسابيع القليلة الماضية، طفا على سطح المشهد صراع مراكز القوى والتيارات ‘المصالحية’ القديمة، التي يسعى كلّ منها للسيطرة على أداوت اللعبة السياسيّة بهدف العودة إلى السلطة والهيمنة على المشهد السياسي.
تيّاران لا ثالث لهما برزا في حلبة الصراع، استند رموز كلّ منهما إلى نهج محدّد لتحقيق مآربه، فأحدهما حرص على التواجد في صدارة الجاهات والعطوات ومختلف المناسبات الاجتماعية، وبدأ يزجّ نفسه في هذه المناسبة أو تلك. اجتهد جلاوزة هذا التيّار في تلبية الولائم والدعوات الشخصية، مستدرّين ما تيسّر لهم من زخم إعلامي يظهرهم –على خلاف الواقع- وكأنّهم يحظون بشعبيّة وحظوة لا مثيل لهما.
هذا التيّار المحافظ يحاول إغراء القصر بقدرته على إكمال مسيرة ‘المحافظين’ الذي تصدّوا لمطالب الحراك الشعبي، عبر رسائل يوجّهها للمرجعيّات العليا، مفادها أنّ ‘المحافظين’ مازالوا يحظون بشعبيّة واسعة، وأنّه لا وجود لما يحول دون عودتهم للسلطة، رغم كلّ ما طالب به الحراك الشعبي على مدار السنوات الثلاث الماضية. وهكذا تراهم منغمسين في لعبة المخترة عبر استعراض مهاراتهم في حلّ المشاكل ورأب الخلافات الاجتماعيّة، متغافلين عن حقيقة أن هذه ‘المهارات’ قد تكون مجدية في حالات محدّدة، لا علاقة لها ببناء ‘أردن جديد’ أو الارتقاء في عالم السياسة إلى مرحلة تمكّن الدولة من الثبات في وجه التحديات الإقليميّة الخطيرة، من خلال تكريس الديمقراطيّة وتحصين البيت الداخلي.
أمّا التيّار الآخر الذي اتّفق على تسميته بتيّار الليبراليين -وهو أبعد ما يكون عن دلالة هذه الكلمة- فقد تميّز بدهاء أوسع، معتبراً أن إرادة الشارع لا علاقة لها بقوانين اللعبة السياسيّة، وأن الأمر منوط فقط بصانع القرار.
وعلى خلاف المحافظين، فإن رموز هذا التيّار لا يعانون أيّ شره للمنصب أو السلطة أو الجاه، فالسلطة بحدّ غير واردة في قواميس نزواتهم، لذا لا تراهم مكترثين لاكتساب احترام الناس أو أي شكل من أشكال الحظوة الشعبيّة.. بل هي شهوة المال ما تحفّزهم لمحاولة الوصول إلى دوائر صنع القرار، مدركين أن من يملك هو وحده من يستطيع تحقيق مآربه الذاتيّة، والسلطة بالنسبة لهؤلاء ليست سوى وسيلة لجني ما لا حصر له من أرباح ماليّة.
هذا التيّار استند إلى نفوذ المال والعلاقات الشخصيّة والدوليّة.. ولكن فيما يبدو فقد وجد بعد رموزه ضالّتهم في قنوات تواصل وتسويق سريّة قد تحملهم إلى واجهة المشهد في أيّة لحظة!
سمير الرفاعي، فيصل الفايز، حسين هزاع المجالي، باسم عوض الله، سعد هايل السرور وناصر جودة.. أسماء رفعت من وتيرة نشاطها مؤخراً بغية الوصول إلى مراكز صنع القرار بعد الرحيل المرتقب لحكومة د. عبدالله النسور منتصف العام القادم، حسب الأنباء التي تناقلت كذلك توقّعات بإجراء تغيير مرتقب على رئاسة الديوان الملكي.
اللافت للنظر أن بعض الرموز التي اختفت عن المشهد السياسي إثر انكشافهم شعبيا، قد ظهرت دون سابق إنذار إلى جانب الملك، تحديدا باسم عوض الله الذي اختفى عن الساحة منذ انطلاق الحراك الشعبي المطالب بالاصلاح ومحاسبة الفاسدين.. عوض الله كان نجم الحفل الملكي خلال الوليمة التي دعا إليها صانع القرار بعض الساسة والمسؤولين.
أمّا الرفاعي فقد حاول تقديم نموذج صاحب الجاه والحظوة الشعبيّة عبر التردّد الدائم على مختلف المناسبات الاجتماعيّة، فالرجل خرج من دائرة النفوذ تحت ضغط الشارع، لذا تراه يحاول العودة إلى صدارة المشهد السياسي عبر النفاذة الشعبيّة تحديداً، محاولا إيصال رسالة مفادها أنّه مقبول لدى الشارع، ولكن هذه المقاربة لا تعني ‘الليبراليّين’ الذين قد يمتلكون فرصاً أفضل في الوصول إلى السلطة عبر سعيهم الدائم للمزيد من الثروة.
من المؤسف حقّاً ألاّ يشهد المواطن أيّ إجراء أو خطوة أو حتى ‘حبوة’ تدلّل على وجود نيّة للبدء في عمليّة الإصلاح أو محاسبة الفاسدين، لا سيّما في ظلّ التطوّرات الإقليميّة الخطيرة، وعوضاً عن ترتيب البيت الأردني مازلنا نسمع كلمات تتغزّل بالإصلاح عبر القنوات الرسميّة وشبه الرسميّة، في ذات الوقت الذي نشهد فيه ‘شرعنة’ الظلم والاستبداد والعودة إلى حقب ظننّا أنّها دُفنت مع عرّابيها.
ولكن يبدو أن من ثار الشارع على سياساتهم – من محافظين أو ‘ليبراليّين- هم ذاتهم من سيقودون الأردن نحو مصير نأمل ألاّ نصل إليه !!Jo24