فوسفاتنُا: نفط الأردنّ العصيّ على النّكسات

46

 

تنزيل

حصاد نيوز–  اعداد :أحمد الحريبي و بثينه السراحين -كما تُذكر البتراء عجيبة عالمية حين يُذكر الأردن، فإن الفوسفات يُذكر كثروة طبيعية وقومية؛ سمحت لهذا البلد النامي لأن يتوازى ودول نفطية على خارطة الدول التي تمتلك كنزا متدفقا لا ينضب.
والفوسفات في الأردن، ومنذ اكتشافه عام 1949م يعتبر رافدا أساسيا لخزينة الدولة، يغذيها بعائدات لطالما جعلتها بفضله تتخطى أزمات صعبة، في حين أنه واصل تمكينها من استقطاب الإستثمارات الضخمة؛ والتي هي طموح لدول كبرى، فكان الفوسفات سببا في خلق شراكة أردنية مع دول عديدة، وضعت ثقتها هنا في ثروتنا القومية، بينما بادرت دول أخرى لإقامة مشاريع مماثلة فوق أراضيها ترتبط بمعدننا “الأصيل”.
والأمر كذلك، فإن فوسفاتنا كان عصيّا على الهزات والنكسات، فشهدناه يستعيد عافيته من نكسة أصابت سوق المعدن العالمي في السنوات الأخيرة، وليبدأ بدورة انتعاش جديد تحققت أولى شواهدها بارتفاع نتائج الربع الأول من السنة الحالية بنسبة 100% قياسا بنفس الفترة من العام الماضي، حسب رئيس مجلس إدارة الشركة المهندس عامر المجالي، والذي زفّ هذا الخبر السعيد خلال رعاية دولتنا، مؤخرا لأعمال المجلس التنفيذي السادس للإتحاد العربي لعمال النفط والمناجم والفوسفات؛ والذي وصفه المجالي ب”الإجتماع القومي”.
ترجمة هذا المنجز تستبين أيضا من خلال ما أعلنه المهندس المجالي، خلال إجتماع الهيئة العامة للشركة، شهر نيسان الماضي، عن أنّ “الشركة حققت ربحا صافيا نحو 2.6 مليون دينار، بينما ارتفعت قيمة الموجودات إلى 1112.5 مليون دينار مقارنة مع 994.8 مليون دينار في عام 2012، بينما بلغ صافي قيمة المبيعات 574.4 مليون دينار؛ مع ارتفاع حقوق الملكية الى 762.3 مليون دينار مقارنة مع 778.1 مليون دينار في عام 2012؛ معتبرا أنها مؤشرات رقمية تعزز الطلب المؤسسي من الصناديق الاستثمارية العالمية على الإستثمار في شركة مناجم الفوسفات الاردنية في عام 2014 وبما يصحح بعض الإجحاف الذي طالها في السنوات الأخيرة.
أزمة أخرى تعافى منها “فوسفاتنا” وتغلب عليها القائمون على أمره بحنكة شديدة؛ ألا وهي أزمة الإضرابات والإعتصامات العمّالية، والتي فاخر المهندس المجالي بنجاحه وإدارة الشركة في “إبرام إتفاق برعاية برلمانية يعزز حقوق العمال، وبما يضمن للشركة إستقرارا في الإنتاج والتصدير، وإحداث مؤسسية إداريّة تتمثل بهيكلة قائمة على شفافية مشاركة الجميع في صياغتها وحمايتها”.
والمجالي، ألمح كذلك لحالة الرخاء التي يعيشها عمال الفوسفات مذكرا بأنّ” معدلات الدخل الشهري لعمال الشركة تعتبر من أعلى مثيلاتها في الدول العربية الشقيقة قياسا بالدخل الوطني”. لافتا إلى “المزايا التي يتمتع بها العمال، والتي تحرص إدارة الشركة على تكريسها وترسيخها وتوسيعها كحقوق مكتسبة لهم، كونهم في حقيقة الأمر شركاء في بناء وتعزيز هذا الصرح الوطني، تشمل بالإضافة للراتب الشهري، دفع راتب السادس عشر، ومكافأة إنتاج سنوية بلغت عام 2012 الف دينار لكل موظف، هذا فضلاً عن تعويضات ومدخرات نهاية الخدمة وصناديق التعويض والتوفير، وتغطية التأمين الصحي للعاملين والمتقاعدين وأسرهم، والتنقلات ووجبات الطعام في مواقع الإنتاج والمنح الدراسية للأبناء ونفقات الحج والعمرة وحضانة الاطفال وعلاوات إدارة وانتاج وسلامة عامة، وغيرها”
ويضاف للإنجازات التي حققتها إدارة الفوسفات “الجديدة”، فوق تخطيها لإنتكاسة المعدن العالمية ولمأزق التمرّد العُمّالي، قدرتها وفي وقت قياسي على دخول مرحلة توسعيّة جديدة، وإستعادة موقع الشركة عالميا لجهة التسويق والإنتاج والجودة، وذلك على الرغم من التقلبات التي شهدتها أسواق الأسمدة بانحسار الطلب وتدني الأسعار؛ وما صاحبها من تقليص هوامش تنافسية الفوسفات الأردني؛ جراء تحميله أعباء رفع تكاليف الإنتاج من خلال قرارات الحكومة برفع أسعار الطاقة ،وزيادة رسوم التعدين، وبدلات ايجارات الاراضي”.
وقد أتت هذه السياسة ثمارها سريعا، ما نستشفّه من إعلان الرئيس التنفيذي لشركة مناجم الفوسفات الدكتور شفيق الأشقر عن أنّ “العام الحالي سيشهد ارتفاع الإنتاج الى 8.4 مليون طن مقارنة بمتوسط 7 ملايين طن العام الماضي، وأنّ هذا التوسع المبرمج في الإنتاج يأتي بموجب خارطة طريق لفتح أسواق عالمية جديدة ومشاريع مشتركة، حيث تمّت عقود يدخل فيها الفوسفات الأردني الى أسواق جديدة لأول مرة، وأخرى يعود لها بعد انقطاع عشر سنوات”.وأورد الدكتور الأشقر جملة من المؤشرات السوقيّة والمبادرات الإدارية تعزز القناعة بأنّ عام 2014 سيكون بداية دورة جديدة من الأداء الذي يعيد لشركة الفوسفات موقعها وريادتها . فالعقود التي أبرمت حتى الآن تحققت لها أسعار مرتفعة قياسا بالعام الماضي . كما جرى رفع الطاقة الانتاجية لوحدات الأسمدة، فضلا عن انتظار المباشرة بالإنتاج من إثنتثن من المشاريع المشتركة ، وهي في مجملها مؤشرات على أنّ عام 2014 سيكون بداية دورة جديدة إيجابية للفوسفات الأردني.
منجزات أخرى عديدة للإدارة الجديدة لمناجم الفوسفات منها ما تحقق في فترة قياسية ومنها قيد الدراسة والمباشرة بالتنفيذ وفق خطة محكمة ومدروسة، فكان أن أبرمت الشركة عقودا لتوريد 5ر2 مليون طن من الأسمدة الفوسفاتية لمدة سنة إلى السوق الهندية وقّعه بنهاية الأسبوع الماضي، عن الشركة الرئيس التنفيذي الدكتور شفيق الأشقر، مع جمعية المزارعين الهنود التعاونية المحدودة للأسمدة وشركات أخرى، والتي تم توقيعها وفقا لأفضل الأسعار المتداولة في الأسواق العالمية.
كما استعادت الشركة، بحلتها الإدارية الجديدة، عمليات الإنتاج والنقل والتصدير للعمل بكامل طاقتها بعد أن تمكنت من تسوية جميع المطالب العمالية. ناهيك عن نجاحها باستعادة أسواق جديدة كانت تتعامل معها في السابق مثل نيوزلندا وأستراليا وبنغلادش، كما وضعت إدارتها خططا إنتاجية وتسويقيّة مبرمجة حتى عام 2018م، بما يوفر نحو (5000) فرصة عمل إضافية. يضاف لذلك قرب توقيع اتفاقية لتوريد 2,5 مليون طن من الفوسفات الخام مع إحدى دول الشرق الأقصى، سيتم الإعلان عنها بعد الإنتهاء من ترتيبات التوقيع، حسب الدكتور الأشقر.
كما آلت نتائج خطط رفع الجودة التنافسية لمنتجات الشركة لتحقيق وفر للشركة في الأشهر الأولى من العام الحالي بنحو 1.1 مليون دينار. وعمدت للإستعانة ببدائل الطاقة للتخفيف من تكاليف المحروقات، وكذلك تعزيز قطاع النقل البري بالتعاون مع القطاع الخاص والشركات الحليفة. في حين تبحث إدارة الشركة في مقترحات ومطالب مساهمين فيها لجهة رفع رأسمالها البالغ 57 مليون دينار/ سهم.
ومع إنقشاع غمامة الفساد عن فوسفاتنا الوطني، يعاود اليوم سابق ألقه، وهو الذي تمركز، قبل ما يزيد على السنتين، في المرتبة السادسة عالميا من حيث الإنتاج، والثاني عالميا لجهة حجم التصدير.
ورغم كل ما قيل في سلبيات خصخصة جزء منه، واحتفاظ حكومتنا بحصة قيمتها 35.6% من أسهم شركته، فيما تحتفظ مؤسسة الضمان الإجتماعي ب16.4% من مجمل أسهمها، وتتشاطر بقية الحصص سلطنة بروناي و حكومة الكويت، مع كل ما قيل وطرح من تخوّفات حول الخصخصة، إلا أنّ فوسفاتنا واصل حفاظه على صبغته الوطنية، عبر إمداده لخزينة الدولة بمزيد من العوائد، والتي لامسها إرتفاع ملحوظ بُعيد عمليات الخصصة التي تمّت، وهذا إن يؤشّر على شيء؛ فإنما يدلّ على أنّ فوسفاتنا ثروة لا تنضب، وشريان حياة أصيل يغذي هذه الأرض الطيبة ويروي شعبها بأسباب الحياة،، فأستحقّ عن جدارة أن يحمل لقب”نفط الأردن” الذي استعصى على النكسات.
قد يعجبك ايضا