الثلاثينية “منال سمير”…اردنية تعرضت لاعتداء جنسي تروي قصتها
حصاد نيوز – للمرة الاولى تقف شابة بمثل هذه الشجاعة، متصالحة مع نفسها، لتخبر قصة تعرّضها لاعتداء جنسي في طفولتها، وكيف أثر هذا الأمر على حياتها. قررت منال سمير “الانتفاضة” على واقعها، وعلى العنف الذي تعرضت له. فضّلت عدم السكوت، ورواية ما حصل معها.
الثلاثاء كانت محطة أساسية في حياتها. انطلقت منال، الشابة الاردنية الثلاثينية، نحو بداية جديدة. أوصلت رسالتها الى كل فئات المجتمع، للتصدي للتحرش الجنسي، خصوصاً تجاه الاطفال. اختارت لبنان لتروي قصتها. “أنا توأم بيروت، قمت من الرماد، الله رممني وأعادني من الرماد مثل بيروت”، وستكمل أينما تستطيع، وهي تحضر لفيلم وثائقي عن حياتها.
بشجاعة وقفت أمام الحضور، تحدّت الخوف من مشاركة مشكلتها، في مجتمع عربي يرفض هذا النوع من العلاج. لم تخفِ وجهها. لم تعر اهتماماً لما سيقال، روت قصتها، حبست الأنفاس، أدمعت عيون الحاضرين والسامعين. لم تترك مجالاً للشفقة، بالعكس أعطت الجميع أمثولة في الشجاعة، في المحبة، في الايمان بالله وبقدرته على حلّ كل المشكلات. “أنا أحب الله وتواصلت وأتواصل معه دائماً، قال لي لا تحزني مما حصل معك، لأني أحضّر لك شيئاً للمستقبل”. في لحظة ما توقف حلمها، “احترق، وترمّد. في سن البلوغ، عندما بدأت مظاهر الأنوثة تبدو عليّ، رفضت جسدي، لم أتقبّله، أذيته وأذيت نفسي كثيراً. كرهته لأني اعتبرت انه كان سبب كل آلامي، ففقدت التواصل مع الله الذي هو الخالق الواحد لكل الطوائف. كمسلمة، كنت أصلي وأقرأ القرآن، لكني فجأة توقفت. في غياب الله لجأت الى العنف الشخصي، وليس ضد الآخر. كرهت نفسي وآذيتها كثيراً، نفسياً وجسدياً. سلكت سلوكيات غير طبيعية، فرأيت نفسي بشعة ورأيت كل الاشخاص بشعين، فما لبثت أن عدت الى الله. قلت له أن يعذرني لأني قمت بأشياء لا يحبها ولا ترضيه”. “أنا أحبك يا الله بقدر ما أنت تحبني”، قالت له. جميل إيمان منال، كروحها الطيبة.
هكذا استعادت منال حلمها وأرادت ترميمه، “أردت أولاً أن أتصالح مع نفسي، ثم أن أوصل للناس محبة الله الكبيرة، خلقنا لنعيش فرحين. هو يخضعنا للتجارب، لا لكي ننكره بل لنوطد علاقتنا به”. أضافت “يا الله كم انك رحيم، كم اتمنى أن يعيش كل الناس كلمة الرحمن الرحيم الغفور، المحب. كم أتمنى أن يعودوا الى الله، الله الواحد. لماذا الناس بشعون وقساة الى هذه الدرجة؟”.
مع ذلك، لم تفكّر منال يوماً في أن تأخذ ثأرها بيدها. لكن هل غفرت للذي سبّب لها هذا الوجع الكبير؟ “كنت أفكّر في ان ربنا سيسألني ان كنت سآخذ ثأري بيدي. لكن أنا أصلي دائماً وأقول يا رب لا اريد أن آخذ ثأري بيدي، الموضوع بين يديك”. لم يدق قلب منال لغير الله، “لكني كنت محبوبة من الجميع، لأن الله يحبني كثيراً وأنا أحبّه. أشكره من أعماق قلبي”.
كبرت أحلامي…. لكن!
كانت فكرة الزواج مرفوضة كلياً من منال. “لم أكن أهتم بنفسي، بل كان إهمال تام”. في العشرينات من عمرها، أحبت منال صديقاً لها. أرادت تخطي مشكلتها، لكنها لم تستطع. “أحبّني وتكلم معي في موضوع الزواج، لكنني بقيت اقاوم الفكرة. هو شخص مهضوم، حلو المعشر، مثقف، فنان، ذكي ومنفتح. أخبرته قصتي، فقال لي اني جميلة وذكية، وسأكون أمّاً رائعة وسنكوّن عائلة رائعة. أخبرني عن نماذج سيدات ناجحات لم يتزوجن وبقين لوحدهن.
كلامه أثر فيّ، فأقنعني بالزواج، لكني وضعت شرطين على نفسي: الاول أن أبدأ بالتغيّر وأرتدي وأتصرّف كالسيدات، والثاني أن أستشير طبيباً نفسياً، كي لا أخطىء معه ولا أظلمه أو اظلم عائلتي. كبرت أحلامي… تزوجنا، لكن لم نقم علاقة جنسية. كنت أخاف، لكننا كنا فرحين معاً. لم أستطع أن أغيّر في مظهري، أن أكون أنثى، كما وعدته. طلبت الطلاق فرفض. استشرت طبيباً نفسياً، ثم طبيبة، قضت على أحلامي. عيّشتني في دوامة الادوية. قالت لي يجب أن أكون طفلة وألا أتزوج. رفض زوجي هذا الامر، وقال لي انها مخطئة. أصرّيت على الطلاق، الى أن وافق بعد إصراري الشديد. لم أرد القضاء على أحلامه. أردته أن يبني عائلة. أخبرنا العائلة اني لا انجب، ومع بكاء الأهل تطلقنا”.
كان خوف منال على أهلها كبيراً. عاشت مأساتها بمفردها، “لكني لم استطع أن أقاوم كذبتي. أخبرت عائلتي بقصتي وسبب طلاقي. فكان الأمر مؤلماً. صار وجعي وجعهم، آلمتهم. محبتي لهم غير محدودة. من كنت أخاف عليهم أن يحزنوا أخبرتهم، أمي وأبي وأخوتي. حضنوني، وقفوا الى جانبي، فقررت أن أخبر قصتي للجميع لتكون أمثولة ولمحاربة هذا العنف”.
بعد تآلفها مع الله وتصالحها مع نفسها، تريد منال أن تتزوج، أن تبني عائلة وتنجب ثلاثة أولاد: صبيين وبنتاً. هي تعمل في مجال الديكور، تريد إكمال دراستها، والحصول على الجنسية السويدية لها ولعائلتها. تريد أن تكمل في محاربة العنف وتنشر محبة الله.