نفاق وتزييف وخطاب استعماري.. إساءة ماكرون لمقاومة غزة تُغضب المغاربة
** ردود فعل مغربية على تصريحات ماكرون:
– تُكرس الخطاب الاستعماري تجاه المقاومة الفلسطينية (كاتب عام مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عزيز هناوي للأناضول)
– استهتار بمواقف الشعب المغربي المؤيد لفلسـطين وللمقــاومة فيها (مسؤول العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان)
– تزييف مكشوف لحقائق التاريخ وتبييض وشرعنة لجرائم الاحتلال (حركة التوحيد والإصلاح)
– حماس وكافة الفصائل الفلسطينية هي حركات مقاومة ضد الاحتلال والإبادة الجماعية الإسرائيلية (رسالة مفتوحة لماكرون من أمين عام حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران)
– وصف طوفان الأقصى بالهمجية مقابل الانتصار لما يسمى حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها يمكن أن يرقى إلى الشراكة في حرب الإبادة بغزة (الكتلة النيابية للعدالة والتنمية)
– خطاب ماكرون يكشف عن النفاق الصارخ للدولة الفرنسية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان بينما تستمر في دعم وتسليح إسرائيل (النائبة عن فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني)
– ماكرون جدد التعبير عن القاموس الاستعماري القديم بتجريم حق المقاومة بوصفها بالإرهاب (المرصد المغربي لمناهضة التطبيع)
حصادنيوز – أثارت إساءة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للفصائل الفلسطينية بقطاع غزة، خلال خطاب أمام البرلمان المغربي، غضبا واسعا في المملكة، شمل أحزاب وبرلمانيين ومنظمات غير حكومية ومتظاهرين.
وبأوصاف عدة، اعتبرت الأطراف الغاضبة تصريحات ماكرون، التي وصف فيها الفصائل الفلسطينية بـ”الهمجية”، “تجاوزا للحدود الدبلوماسية المتعارف عليها”، و”تجديدا للخطاب الاستعماري الكلاسيكي” و”تزييفا لحقائق التاريخ”، و”نفاقا صاروخا”.
كما رأت تلك الأطراف أن تصريحات الرئيس الفرنسي تعد “استهتارا بمواقف الشعب المغربي المؤيد لفلسـطين وللمقــاومة”، و”ترقى إلى مستوى الشراكة مع الاحتلال الاسرائيلي في حرب الإبادة المستمرة” للعام الثاني بقطاع غزة.
والثلاثاء، وصف ماكرون، في خطاب بالبرلمان المغربي، الفصائل الفلسطينية بـ”الهمجية”، محملا إياها مسؤولية أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبينما برر الرئيس الفرنسي العدوان على غزة بكونه يأتي ضمن ما زعم أنه “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، أضاف مستدركا: “لكن لا شيء يبرر هذه الحصيلة الكبيرة من القتلى المدنيين بغزة”.
** “خطاب استعماري”
ومنتقدا تصريحات ماكرون، قال عزيز هناوي، الكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين (غير حكومية)، إنها “تكرس الخطاب الاستعماري تجاه المقاومة” الفلسطينية.
وأوضح هناوي في تصريح للأناضول، أن “تصريح ماكرون يكشف عن مقاربة استعمارية، جدد من خلالها الخطاب الاستعماري الكلاسيكي، الذي يصف المقاومة ضد الاستعمار بالتخريب والإرهاب”.
وأضاف: “الرئيس الفرنسي تجاوز الحدود الدبلوماسية المتعارف عليها، بتناوله موضوعا لا علاقة له بالعلاقات الثنائية بين البلدين”.
وزاد: “ماكرون نصب نفسه كقائم بالأعمال الإسرائيلية بالمغرب؛ ليروج خطابات تدين المقاومة الفلسطينية التي هي مقاومة مشروعة بمرجعية القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
ولفت هناوي إلى أن “الرئيس الفرنسي قلب الموازين، باعتباره أن اسرائيل من حقها الدفاع عن نفسها؛ ما يعني أنها أعطاها مشروعية احتلال الأراضي الفلسطينية”.
وتابع: “ماكرون تناقض حتى مع مرجعية فرنسا التاريخية في العصر الحديث، قبل 80 عاما، عندما كانت نفسها مستعمرة من طرف النازية الألمانية، وقاد المقاومة الفرنسية الجنرال ديغول، بطل التحرير بالنسبة للفرنسيين”.
واستطرد: “بالمنطق الذي يعتبر فيه ماكرون أن بعض قادة حماس إرهابيين، يمكن القول إن الجنرال ديغول هو يحيى السنوار (رئيس المكتب السياسي لحماس التي اغتالته إسرائيل) في النسخة الفلسطينية”.
ورأى أنه “بنفس المنطق والمقاربة، يمكن اعتبار الجنرال ديغول إرهابي قاد المقاومة ضد ألمانيا الديمقراطية، ومن حق ألمانيا الدفاع عن نفسها ضد الجيش الإرهابي الفرنسي الذي كان يقوده ديغول”.
** استهتار بمواقف المغاربة
على النحو ذاته، أدان مسؤول العلاقات الخارجية بجماعة “العدل والإحسان” (أكبر جماعة إسلامية في المغرب) محمد حمداوي، تصريحات ماكرون.
وقال حمداوي، في تدوينه عبر صفحته على “فيسبوك”: “تصريحات الرئيس الفرنسي مدانة وغير مقبولة، وغابت عنها اللياقة الدبلوماسية”.
وعد هذه التصريحات “استهتارا بمواقف الشعب المغربي المؤيد لفلسـطين وللمقــاومة فيها”.
وتابع: “في الوقت الذي كان ماكرون يلقي خطابه أمام البرلمان المغربي، كان قد سقط منذ فجر ذلك اليوم 121 شهـيدا في غزة؛ ليتجاوز عدد ضحايا الإرهاب الصهـيوني بالقطاع 44 ألف شهـيد وجريح، و11 ألف مفقود” منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
** تزييف لحقائق التاريخ
من جهتها، قالت حركة التوحيد والإصلاح في بيان، إن “تصريحات ماكرون في البرلمان المغربي حول القضية الفلسطينية كانت في غاية الخطورة وجد مستفزة للمغاربة؛ بتهجّمه على المقاومة الفلسطينية ووصفها بالهجمية”.
وزادت الحركة التي تعد الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية المغربي (معارض) إن تصريحات ماكرون تُعد “تزييفا مكشوفا لحقائق التاريخ وتبييض وشرعنة لجرائم الاحتلال الصهيوني المدانة من طرف أحرار العالم ومن طرف المحكمة الجنائية الدولية”.
وتابعت: “ما جعل تصريح ماكرون مستفزا أكثر لوجدان المغاربة؛ هو كونه صدر في مؤسسة تشريعية يُفترض أنها تمثل المغاربة الذين ما فتئوا يعلنون دعمهم الدائم واللامشروط للمقاومة الفلسطينية”.
** رسالة مفتوحة من بنكيران
بدوره، وجه أمين عام حزب “العدالة والتنمية” المغربي المعارض عبد الإله بنكيران رسالة مفتوحة إلى ماكرون، أعرب خلالها عن رفضه لتصريحاته، ومؤكدا أن تلك الفصائل هي حركات مقاومة ضد الاحتلال والابادة.
وقال بنكيران في رسالته لماكرون: “نود أن نعرب لكم عن استغرابنا الشديد من محتوى خطابكم بشأن حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في غزة”.
وأضاف موضحا أن “حماس وكافة الفصائل الفلسطينية هي حركات مقاومة ضد الاستعمار والاحتلال والتطهير العرقي والإبادة الجماعية الإسرائيلية”.
وأكد بنكيران على أن “ما تفعله إسرائيل ككيان استيطاني يحتل أرض فلسطين بشكل غير قانوني، لا علاقة له بالحق في الدفاع عن النفس”.
وأوضح أن “كل هذه العمليات الهمجية التي ترتكبها إسرائيل (في غزة)، لا يعود تاريخها إلى 7 أكتوبر 2023، بل بدأت منذ زمن بعيد، واستمرت ودون انقطاع لأكثر من 76 عاما”، وذلك منذ إعلان قيام دولة إسرائيل على أراضي فلسطين التاريخية في عام 1948.
وتابع بنكيران: “الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين على مدى عقود من الزمن، والإبادة الجماعية الوحشية التي ترتكبها إسرائيل بالخصوص منذ 7 أكتوبر 2023، وخطة الجنرالات الجارية في شمال غزة منذ أسابيع ليس لها مثيل في تاريخ الوحشية”.
** تجديد للقاموس الاستعماري
من جهته، رأى المرصد المغربي لمناهضة التطبيع (غير حكومي) أن ماكرون “يجدد التعبير عن القاموس الاستعماري القديم بتجريم حق المقاومة بوصفها بالإرهاب، تماما مثلما كانت فرنسا الاستعمارية تصف المقاومين في المغرب والجزائر وتونس ضد الإمبريالية أواسط القرن العشرين”.
وأشار أنه “بينما كان ماكرون يلقي خطابه، كانت أشلاء أكثر من 70 شهيدا من النازحين، تحت أنقاض عمارة قصفها الجيش الإسرائيلي في منطقة بيت لاهيا” بشمال غزة.
** برلمانيون يدينون
تصريحات ماكرون لاقت كذلك انتقادات من قبل برلمانيين مغاربة.
إذ قالت الكتلة النيابية للعدالة والتنمية المغربي في بيان: “نرفض ما تضمّنه خطاب ماكرون من توصيف غير منصف ومجانب للصواب، في تقييمه لأحداث 7 أكتوبر”.
وأضافت: “عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 هي رد فعل طبيعي، تكفله جميع الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية، لكافة الشعوب الرازحة تحت وطأة الاحتلال والاستعمار، ومنها الشعب الفلسطيني”.
واعتبرت الكتلة أن “وصف أحداث طوفان الأقصى بالهمجية أو البربرية، مقابل الانتصار لما يسمى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، يمكن أن يرقى إلى الشراكة مع الاحتلال الاسرائيلي، في حرب الإبادة المستمرة”.
وأوضحت أن “تداولت في رد فعل آني أثناء إلقاء الرئيس الفرنسي لخطابه، إلا أنه واحترامًا له باعتباره ضيفا لجلالة الملك، وامتثالا لنهج المغاربة في التعامل مع ضيوفهم، قررنا العدول عن رد الفعل المتفق عليه”.
وعملية “طوفان الأقصى” نفذتها “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في 7 أكتوبر 2023، حيث استهدفت قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة قطاع غزة ردا على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”.
بدورها، رفضت النائبة عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، ما جاء في خطاب ماكرون في حق الفصائل الفلسطينية.
وقالت البرلمانية في بيان، إن “هذا الخطاب يكشف عن النفاق الصارخ للدولة الفرنسية التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تستمر في دعم وتسليح الكيان الصهيوني الذي يمارس أبشع أنواع الإرهاب”.
** وقفات احتجاجية
وضمن حالة الغضب الواسعة في المغرب على تصريحات ماكرون، نظمت هيئات غير حكومية بالمملكة وقفات احتجاجية في مدن مختلفة، مثل العاصمة الرباط (غرب) وطنجة ومراكش (شمال).
إذ نظمت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع (غير حكومية)، مساء الثلاثاء، وقفة احتجاجية في مراكش ضد تصريحات ماكرون.
ورفع المتظاهرون في الوقفة شعارات تحتج على وصف الفصائل الفلسطينية بـ”الهمجية”، معلنين التضامن مع الشعبين الفلسطيني واللبناني في مواجهة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.
كما نظمت مجموعة العمل من أجل فلسطين (غير حكومية) وقفة أمام مبنى البرلمان، مساء الثلاثاء، ضد هذه التصريحات.
وغادر ماكرون المغرب، الأربعاء، بعد زيارة رسمية دامت لـ2 أيام، وشهدت توقيع اتفاقيات ثنائية رفقة الملك محمد السادس.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل بدعم أمريكي مطلق حرب “إبادة جماعية” على غزة، أسفرت عن أكثر من 144 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.