جون أفريك: غارات المسيّرات تثير التوترات بين الجزائر ومالي

28

 

حصادنيوز – تحت عنوان “غارات الطائرات بدون طيار تثير التوترات بين تبون وغويتا”، توقفت مجلة “جون أفريك” الفرنسية عند تنفيذ الجيش المالي، منذ 25 أغسطس/آب المنصرم، سلسلة من الغارات بطائرات بدون طيار استهدفت محيط بلدة تين زاوتين، وهي بلدة حدودية تمتد بين مالي والجزائر.

وأشارت المجلة الأسبوعية إلى أن المواجهة التي دارت بين متمردي الإطار الإستراتيجي الدائم للدفاع عن شعب أزواد ضد الجيش النظامي المالي ومساعديه من مجموعة فاغنر- التي تم دمجها الآن في كيان أكبر يسمى فيلق أفريقيا- أدت إلى خسائر فادحة للقوات المسلحة المالية، وكانت الهزيمة مريرة بشكل خاص بالنسبة لمقاتلي مجموعة فاغنر.

واعتبرت “جون أفريك” أنه من المتوقع أن يكون لرد الجيش المالي عواقب تتجاوز شمال مالي. فقد أثارت هذه الخطوة ردّ فعل قوياً من جارتها الجزائر التي لها حدود مشتركة مع مالي بطول 1329  كيلومتراً، وتعتبر وضع هذه المناطق الصحراوية الشاسعة قضية أمن قومي.

بينما تزعم باماكو أنها قتلت “حوالي عشرين مسلحًا” واستهدفت إرهابيين، يؤكد الانفصاليون الطوارق، بالإضافة إلى العديد من المصادر المحلية والإنسانية، أن القتلى كانوا في الغالب من المدنيين، بما في ذلك حوالي عشرة أطفال. وهي رواية تدعمها الجزائر التي قامت على جانبها من الحدود بالعناية بالعديد من المصابين جراء هذا الهجوم.

غضب الجزائر

دعا الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة وسفير الجزائر السابق بفرنسا، يوم الإثنين 26 أغسطس/آب المنصرم، بمناسبة الذكرى 75 لاعتماد اتفاقيات جنيف، إلى “وضع حد للانتهاكات التي ترتكبها الجيوش الخاصة التي تستخدمها دول معينة،” ودعا إلى فرض عقوبات من الأمم المتحدة على الهجمات المرتكبة. ومن خلال إدانة مقتل العديد من المدنيين في تين زاوتين، أثارت الجزائر غضب باماكو.

ونددت سلطات مالي بقيادة عاصمي غويتا، من خلال ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، بالاتهامات “الخطيرة [و] التي لا أساس لها من الصحة” واتهمت الجزائر بـ “بث دعاية إرهابية”. من جهتها، جددت الجزائر، التي تشعر بالقلق من استئناف الاشتباكات المسلحة على حدودها، معارضتها لوجود شركات عسكرية خاصة في المنطقة مع التشكيك في تواطؤ الدول التي تستخدمها، تشير “جون أفريك”.

وتابعت المجلة الفرنسية أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ومحيطه يعارضون بشدة تواجد فاغنر في منطقة الساحل- خاصة أن المجموعة الروسية تدعم معسكر الجنرال حفتر في ليبيا، وهو ما يعتبر تهديداً- كما لا ينظرون بعين الرضا إلى تسليم تركيا ست طائرات بدون طيار إلى الجيش المالي، الذي يستخدمها بشكل خاص ضد المتمردين الطوارق.

وأوضحت “جون أفريك” أن منطقة تين زاوتين تخضع، منذ فترة طويلة، لمراقبة وثيقة من قبل الجيش الجزائري، الذي يمتلك قواعد جوية ومهابط طائرات مروحية وثكنات تتواجد فيها وحدات كبيرة من الجنود والدرك وحرس الحدود. يتمركز فيها الحراس وأعضاء آخرون من أجهزة المخابرات. ففي فبراير 2024، أشرف رئيس الأركان سعيد شنقريحة على تمرين تكتيكي بالذخيرة الحية بعنوان “زوبعة الهقار 2024”..

وعلى الجانب الجزائري، تم تركيب عبوة ناسفة كبيرة حول البلدات والقرى المتاخمة لمالي، محاطة بالأسلاك الشائكة، وحفرت حول محيطها خنادق، لتجنّب غارات الإرهابيين أو المهربين. كما يقوم الجيش الجزائري بعمليات تفتيش منتظمة لنقاط المياه والوقود. بعد لجوء الجزائر إلى الأمم المتحدة، أفادت بعض الشائعات عن رغبة الجزائر المفترضة في فرض حظر على الرحلات الجوية في المنطقة. وهو خيار نفاه بشدة مصدر مقرب من الأمر، تقول “جون أفريك”.

تعفن اتفاق الجزائر

إذا كانت ردود الفعل تقتصر في الوقت الحالي على المجال الدبلوماسي، فإن الوضع حول تين زاوتين قد أدى على أي حال إلى إنعاش علاقات الجوار بين الجزائر وباماكو، توضح “جون أفريك”، مضيفة أن منذ وصول المجلس العسكري المالي إلى السلطة تزايدت التوترات، على وجه الخصوص، بسبب مسألة المتمردين وانهيار اتفاق الجزائر . وفشلت الجزائر، زعيمة الوساطة الدولية المسؤولة عن تنفيذ اتفاق السلام هذا، في إعادة إطلاق تطبيق هذا النص الذي كان بمثابة وقف لإطلاق النار بين التمرد الشمالي وباماكو منذ 2015، تقول “جون أفريك”.

وبعد دفن الاتفاق بشكل نهائي، في يناير/كانون الثاني الماضي، لم تقدر السلطات المالية موقف الجزائر تجاه المتمردين الطوارق. وفي أعقاب استئناف الأعمال العدائية بين الجيش المالي والمتمردين، واستيلاء الجيش المالي على مدينة كيدال الرمزية للغاية، أكدت السلطات الجزائرية من جديد “اقتناعها الراسخ بأن [اتفاق الجزائر] يظل الإطار المناسب لحل المشكلة” وإنهاء الأزمة في مالي”، داعية “جميع الأطراف المالية إلى تجديد التزامها بهذا العمل الجماعي من أجل السلام والمصالحة”.

حتى أنه تم استقبال وفد من الحركات المسلحة من شمال مالي في مكان مرتفع بالجزائر العاصمة في ديسمبر الماضي. وأثارت الزيارة رد فعل غاضب من باماكو، حيث نددت الحكومة بـ”الأعمال غير الودية التي تقوم بها السلطات الجزائرية تحت غطاء عملية السلام في مالي”.

بعد استدعاء السلطات المالية لسفير الجزائر بباماكو، تم استدعاء السفيرين المقيمين بالبلدين من قبل سلطاتهما.

 وفي 5 يناير/كانون الثاني، عاد السفير الجزائري إلى مالي، ما بشّرَ بتحسّن نسبي في العلاقات بين الدولتين الجارتين، والتي عادت و تضررت مرة أخرى بعد سبعة أشهر.

القدس العربي

قد يعجبك ايضا