مراهقون يرون في الأرجيلة “موضة” وعائلاتهم توفرها لهم!

37

70574_1_1400619193

حصاد نيوز – بثقة، يروي الطالب خالد عزام (16 عاما) بدايته مع الأرجيلة التي تعود إلى ما قبل عامين عندما كان يجتمع مع عدد من سكان الحي الذي يقطن فيه في أحد المقاهي لمشاهدة إحدى المباريات، كونه لا يملك اشتراكا للقنوات الرياضية، فأعجبه منظر تدخين الأرجيلة إلى أن جربها ذات مرة مع أحد الأصدقاء، ليكرر التجربة لاحقا!

يقول عزام “أنا محاط بعائلة مدخنة، ورغم أنني في الوقت الحاضر لا أدخن أمامهم، لكن والدتي تعلم بشرائي (أرجيلة خاصة بي)، وعادة أخرج وأصدقائي للتدخين في أحد الأماكن العامة، أو نصعد للتدخين على أسطح منازلنا”.

ويضيف “ورغم أنني حاولت في البداية محو فكرة أن الشاب يدخن كي يصبح رجلا، ولكن وجدت نفسي أنساق لهذا الشعور، خصوصا أن الجو الذي ندخن فيه الأرجيلة يكون وسط جمع من الناس فيشعر من لا يدخن بنوع من النقص”.

اتسعت ظاهرة استهلاك الأرجيلة من قبل الشباب والفتيات صغار السن؛ حيث أصبحت من ضمن السلوكيات والنشاطات والبرامج المسائية لعدد منهم، ممن يرتادون المقاهي أو يتبادلون الزيارت أو يجدون في الأماكن العامة مكانا يدخنون فيه الأرجيلة وعادة ما يحضر كل منهم أرجيلته الخاصة.

ومن المشاهد التي باتت “مألوفة” لدى الأردنيين أن تصطحب عائلة أطفالها، أو أولادها المراهقين للمقاهي و”الكوفي شوبات” لتصبح الأرجيلة “رفيق سوء” للعائلة بأكملها وتتسلل إلى الصغار بدون أن يعلم الأهل مخاطرها على أبنائهم.

فالطالبة مرام (16 عاما) تؤكد أن والدتها تسمح لها بطلب الأرجيلة عندما يذهبون للترويح عن أنفسهم في “الكوفي شوب”، وتصف تعامل والدتها معها بـ”منتهى الحرية”!، لافتة إلى أنها “تتفهم متطلبات الحياة العصرية للشباب”!

كما تشير إلى أنها وصديقاتها يقمن أحيانا بطلب الأرجيلة عبر الهاتف “ديلفري”، ولكل واحدة منهن اختيارها للنكهة التي تروق لها من المعسل، وتكون جاهزة بجميع معداتها.

الطالب يزيد (15 عاما)، يصف نفسه بأنه من “عشاق الأرجيلة”؛ إذ أصبح من الزبائن الأوفياء لمقاهي الأرجيلة المتعددة، وفق قوله، حيث يبين أنه يكون سعيدا وهو يدخن “النفَس الأول للأرجيلة”.

ورغم أن الأربعيني أبوسند مدخن “شره”، وفق ما وصف نفسه، إلا أنه يستاء جدا من رؤية الشباب والفتيات الصغار يدخنون الأرجيلة، بل إن هذا المشهد يستفزه.

يقول أبوسند “يحاول ولدي (14 عاما) أن يخفي أمر تدخينه للأرجيلة، لكنني ضبطه أكثر من مرة برفقة أصدقائه، ووبخته كثيرا، ونصحته أنه يمكنه تركها الآن، أما إذا استمر بتدخينها فستصبح عادة ولن يستطيع التخلص منها”.

أما صاحب المقهى نزار دعسان، فيقول “غالبا ما يأتي صغار السن لمشاهدة المباريات، ولا يمكننا منعهم من طلب الأرجيلة، فالناس كلهم يدخنون مع علمهم بأضرار التدخين، ولا شك أن تدخين الأرجيلة بالنسبة للشباب يشكل موضة”.

وبحسب الإحصاءات، فإن الأردن يحتل المرتبة الأولى بين الذكور في منطقة الشرق الأوسط من حيث عوامل الخطورة المسببة للسرطان؛ كالتدخين والسمنة والسكري وتزامنت هذه الزيادة في أمراض الوفيات مع زيادة في نسب المدخنين والتي تخطت حاجز 30 % بشكل عام وزادت على 60 % بين الذكور البالغين.

ويبين مدير مكتب مكافحة السرطان ورئيس قسم العناية الحثيثة والأمراض الصدرية في مركز الحسين للسرطان الدكتور فراس الهواري، أن الأطفال تتجاوز نسب التدخين محليا لديهم فهي بين الفئة العمرية 13-15 سنة 30 %، وبحسب دراسة علمية قام بها مركز الحسين للسرطان وجد في مسح ميداني على أربع مدارس للإناث أن 13 % من طالبات الصف السادس يدخنّ الأراجيل، مشيرا الى أن التدخين السلبي يزيد من نسبة الإصابة بالسرطان بنسبة 30 %. ويؤكد الهواري أن الإدمان على التبغ يحتل المرتبة الثانية من حيث قوته بعد الإدمان على الهيروين والكوكائين متفوقا على الإدمان على الكحول والحشيش، مبينا أن معدل تدخين الجلسة الواحدة من الأرجيلة يساوي تدخين 60 سيجارة دفعة واحدة.

ويقول “إن مكافحة التدخين وضبط أسباب انتشاره أصبح قرارا استراتيجيا لابد من تفعيله الآن وليس غدا بدءا بحظر التدخين في الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية والخاصة كافة ووضع القوانين الصارمة المتعلقة باستخدام التبغ وتفعيل حظر بيع وتقديم جميع أشكال التبغ للمراهقين والأطفال ومنعهم من دخول الأماكن التي تقدم هذه المنتجات لحمايتهم من ضرر التدخين السلبي حتى إن كانوا برفقة آبائهم وأمهاتهم فواجب الدولة حماية هؤلاء الأطفال من الضرر الجسيم الواقع عليهم”.

استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان، يقول “من الظواهر “الغريبة والخطيرة” في مجتمعنا الأردني انتشار ظاهرة الأرجيلة بين الشباب صغار السن والمراهقين الذكور والإناث، سواء في المقاهي أو في المنازل أو على الطرقات والأماكن العامة، ولا شك أن لمثل هذه الظاهرة آثارا سلبية كثيرة سواء على الشخص نفسه وخصوصا صغار السن والإناث، أو على الأسرة من حيث تأثر الآخرين بها، وآثارها المادية والاقتصادية على المجتمع والأسرة والفرد نظرا للتكاليف التي تسبب إرهاقا للميزانية في كثير من الأحيان”.

ويشدد على ضرورة أن تكون الأسرة قدوة للأبناء الصغار في ذلك من حيث امتناع الأبوين عن التدخين عموما وعن الأرجيلة بشكل خاص، نظرا لأضرارها الصحية الخطيرة، منوها إلى أن عنصر القدوة من أكثر وسائل التأثير عند الآخرين، خصوصا من قبل الأبوين والمعلمين والشخصيات العامة والمشهورة.

ويضيف مستهجنا “لا يعقل أن يطلب الأب أو الأم من الأبناء عدم ممارسة هذه العادة وهم يمارسونها في البيت وعلى مرأى من الأبناء”، وخصوصا عندما يصاحب ذلك نوع من النظرة الاجتماعية التي تعطي بعدا إضافيا للأشخاص الذين يدخنون الأرجيلة، مما يترك أثرا في نفوس الأبناء ويجعلهم يقومون بتقليد الآخرين للظهور بهذا المظهر الذي يعتقد البعض أنه قيمة إضافية للشخص، علما بأن هذا الفهم “مغلوط ويجب تصحيحه”، فهي من الممارسات الخاطئة التي ينبغي على المجتمع نبذها وأن تكون النظرة لمن يتعامل معها نظرة سلبية وليست إيجابية.

ويختتم سرحان حديثه “لا بد من التركيز على خطورة الأرجيلة على الإناث بشكل خاص وآثارها الصحية عليهن وخصوصا في فترة الحمل والرضاعة، إن مثل هذه الجهود بحاجة لتضافر وتعاون؛ إذ لا يعقل أن تركز وسائل الإعلام على بعض الشخصيات وهي تمارس هذه العادة بوصفها شيئا مقبولا وتمارسها طبقة معينة من المجتمع وفي الوقت نفسه يطلب من الشباب الصغار الابتعاد عنها وتجنبها”.

قد يعجبك ايضا