رئيس وزراء الهند مودي يوهم أنصاره بـ”ألوهيته” ويحرض على كراهية الإسلام والمسلمين
حصادنيوز- تحت عنوان “وجهة نظر الغارديان بشأن الانتخابات الهندية: جرأة ناريندرا مودي على نشر الكراهية”، أكدت الصحيفة البريطانية في افتتاحيتها، الصادرة أمس، أن “رئيس وزراء الهند يشجع على الإيمان بألوهيته، مما يدفع أتباعه إلى الاعتقاد بأن هدف الإله (المزعوم) هو نشر الخوف والكراهية”.
لفتت “الغارديان” في بداية افتتاحيتها إلى أن كتاب قواعد الانتخابات الهندية يشدد على أنه “لا يجوز لأي حزب أو مرشح أن يشارك في أي نشاط قد يؤدي إلى تفاقم الخلافات القائمة أو خلق الكراهية المتبادلة أو التسبب في التوتر بين مختلف الطوائف والمجتمعات، الدينية أو اللغوية”. وتساءلت الصحيفة مستنكرة: هل أخبر أحد ناريندرا مودي بهذا؟ مشيرة إلى “لجوء رئيس الوزراء الهندي إلى استخدام لغة معادية للإسلام بشكل علني خلال الحملة التي استمرت شهرين، حيث صور مسلمي الهند البالغ عددهم 200 مليون نسمة على أنهم تهديد وجودي للأغلبية الهندوسية”.
ومضت الصحيفة تقول: إنه من المثير للضحك أن الهيئة المكلفة بإجراء استطلاعات رأي حرة ونزيهة أصدرت بالفعل دعوة ضعيفة لضبط النفس من جانب “النشطاء النجوم”. وذكرت أنه مع ظهور نتائج الانتخابات الهندية الأسبوع المقبل، حذر أحد المعلقين من أن مودي “وضع هدفا على ظهور المسلمين الهنود، وأعاد توجيه غضب المجتمعات الهندوسية الفقيرة والمهمشة بعيدا عن الرأسماليين المقربين والطبقات العليا المتميزة”.
وأكدت “الغارديان” على أن: “خطاب مودي يهدف إلى صرف انتباه الناخبين الذين يعانون من ارتفاع معدلات التضخم ونقص الوظائف على الرغم من النمو الاقتصادي السريع. وتتلخص الإستراتيجية السياسية التي ينتهجها حزبه “بهاراتيا جاناتا “في التأكيد على التهديدات التي تواجه الحضارة الهندوسية، والحاجة إلى أمة هندوسية موحدة ضد المسلمين. ومع ذلك، قام مودي بدمج هذه القومية الهندوسية مع فكرة أنه مرسل من الله. وأكد راهول غاندي من حزب المؤتمر، وهو خصمه الرئيسي، أن أي شخص آخر يقدم مثل هذا الادعاء يحتاج إلى رؤية طبيب نفسي”.
واستطردت الصحيفة قائلة: “لقد كتب كارل ماركس أن الدين هو أفيون الشعوب. ولا يزال صدى هذا الفكر يتردد في الأماكن التي يظل فيها الدين المنظم قوة مؤثرة. ولهذا السبب يدعي دونالد ترامب أيضًا أنه يقوم بعمل الله. وفي الهند، كثيراً ما ينظر الفقراء إلى الساسة باعتبارهم آلهة تقدم لهم الإغاثة لتخديرهم من آلام الواقع”.
وأكدت على أنه “من خلال ادعائه بأنه إله، يجعل مودي الناخبين مخلصين، ويشجع الاعتقاد بأن هدف الإله (المزعوم) هو استهداف الأقليات، وحظر المعارضة، والتعامل بقسوة مع الحماية الدستورية. ومن المحبط أن نعتقد أن مودي سيحقق فوزا انتخابيا ثالثا. وهناك القليل من السلوى في الاعتقاد بأن حزب “بهاراتيا جاناتا” (القومي الهندوسي المتطرف) ربما لن يحقق هدف مودي المتمثل في الفوز بما يقرب من ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان البالغ عددها 543 مقعدًا في البلاد. وقد يسحب المستثمرون الأجانب أموالهم من سوق الأسهم الهندية، مشيرين إلى عدم اليقين بشأن النتائج”.
وذكرت الصحيفة بأنه “قبل عشر سنوات، وعد مودي بأن تكون الوظائف على رأس أولوياته. ومع ذلك، لم تتحرك معدلات البطالة إلا بالكاد على الرغم من أن الهند هي الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً في العالم. فأربعة أخماس العاطلين عن العمل هم من الشباب. ويتم توظيف عدد أكبر من النساء في سن العمل كنسبة مئوية من القوى العاملة في نيبال وبنغلاديش مقارنة بالهند. وتذهب ثمار النمو إلى أحضان أثرياء الهند، الذين ينحدرون بشكل شبه حصري من الطبقات العليا في البلاد التي تدعم حزب بهاراتيا جاناتا. ومن غير المستغرب أن تصل عدم المساواة في الهند في عهد مودي إلى أعلى مستوى مسجل على الإطلاق”.
وأشارت “الغادريان” إلى أن “تقليص هذه الفجوات ليس مجرد ضرورة أخلاقية فحسب، بل هو شرط ضروري للنمو الاقتصادي. فالتنمية البشرية هي نتيجة للتعاون الاجتماعي، الذي يصبح أكثر صعوبة في مجتمع طبقي حيث يتم تشجيع الانقسامات. وقد اقترح تقرير لمختبر عدم المساواة العالمي التابع لتوماس بيكيتي (الباحث الاقتصادي الفرنسي الشهير) فرض ضريبة سنوية على الثروة وضريبة على الميراث على 370 ألف هندي يكسبون 1.2 مليون يورو سنويا، والذين يمتلكون حاليا أكثر من ربع إجمالي ثروة البلاد”. ولفتت الصحيفة إلى أن “مؤلفي التقرير يؤكدون على أن عائدات هذه الضريبة ينبغي استخدامها لمضاعفة الإنفاق العام الحالي على التعليم، والذي ظل راكداً عند مستوى 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية”.
وذكرت الصحيفة أن “الحد من عدم المساواة كان سمة من سمات حملة غاندي، ويُحسب له ذلك. لكن المشكلة بالنسبة للهند هي أن مودي (مدعي الألوهية) لديه موهبة تحويل الغضب والخوف إلى سلطة سياسية”.
وافتتاحية “الغارديان” ليست الأولى، فقد سبقتها تقارير موثقة في الصحيفة نفسها وصحف أخرى عالمية أوهندية شجاعة (على قلتها)، ووقائع وشواهد على الأرض تدين خطاب وممارسات مودي وحزبه الهندوسي المتطرف المعادي للإسلام والمسلمين ، والذي زاد بشكل خطير مع استهداف المسلمين بشكل خاص والاعتداء على مساجدهم التاريخية وتحويلها إلى معابد هندوسية. كما يتم أيضا استهداف الأقلية المسيحية وحرق وتدمير كنائسها.
رغم الوقائع التي تؤكد العكس، كان مودي زعم في حوار مع مجلة “نيوزويك” الأمريكية، في أبريل/ نيسان الماضي أن الهند أم الديمقراطية والمسلمون يعيشون “في سعادة وازدهار”.
ولدى سؤاله عن الأقليات الدينية التي تشتكي من التمييز، زعم أن “هذه هي الاستعارات المعتادة لبعض الأشخاص الذين لا يكلفون أنفسهم عناء مقابلة أشخاص خارج فقاعاتهم. وحتى الأقليات في الهند لم تعد تصدق هذه الرواية. تعيش الأقليات من جميع الأديان، سواء كانت مسلمة أو مسيحية أو بوذية أو سيخية أو جاينية أو حتى أقلية صغيرة مثل البارسيين، في سعادة وازدهار في الهند”.
من إجمالي سكانها الذي تخطي 1.4 مليار نسمة، حيث تجاوزت الهند الصين لأول مرة لتكون أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان.
وكان الكاتب الأمريكي (المولود في الهند) ساداناند دوم حذر في مقال بصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في 2022 بعنوان “القومية الهندوسية تهدد صعود الهند كأمة”، من مخاطر التطرف الهندوسي المعادي للإسلام والمسلمين على صعود الهند كأمة، وعلى علاقاتها بالعالم الإسلامي، وخاصة في منطقة الخليج العربي، حيث إن نحو ثلثي مواطني الهند في الخارج (8.9 ملايين من 13.6 مليون شخص) يعيشون في دول مجلس التعاون الخليجي الست. ووفقا لمعهد سياسة الهجرة، وهو مركز أبحاث في واشنطن، فقد استأثرت دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات الأخيرة بأكثر من نصف تحويلات الهنود في الخارج والبالغة 87 مليار دولار تقريبا.
وكان الكاتب يشير للتعليقات المهينة التي أدلى بها مسؤولو الحزب الحاكم حينها، حول النبي محمد، التي أججت الغضب وسط مسلمي الهند وفي الخليج وأماكن أخرى من العالم من معاداة الإسلام والمسلمين في الهند.
وفي مارس/ آذار الماضي أعلنت حكومة مودي دخول قانون الجنسية المثير للجدل الذي تمّ إقراره في العام 2019 حيّز التنفيذ، رغم إدانته من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان واعتباره تمييزيا ضدّ المسلمين وإثارته احتجاجات دامية.
وجاء القرار قبل أسابيع قليلة من الانتخابات التشريعية، التي يتجه مودي فيها للفوز بولاية ثالثة.
وكان البرلمان الهندي اعتمد في كانون الأول/ديسمبر الماضي هذا المشروع الذي يسهّل منح الجنسية للاجئين من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان، باستثناء المسلمين. ويُسمح فقط للهندوس والبارسيين والسيخ والبوذيين والجاينيين والمسيحيين الذين دخلوا الهند من هذه الدول الثلاث ذات الغالبية المسلمة بالتقدّم للحصول على الجنسية.
وبالنسبة للمعارضين، يشكل هذا القانون أيضاً خطوة أولى نحو إنشاء سجلّ وطني للمواطنين، وهو ما يخشاه العديد من المسلمين باعتبار أنّه من المحتمل أن يحرمهم الجنسية بسبب افتقارهم لوسائل تساعدهم على إثباتها. ولا يملك العديد من الهنود الفقراء وثائق تثبت جنسيتهم.