بعد حادثة العيطان: ملف حماية البعثات الدبلوماسية يبقى مفتوحا
حصاد نيوز – فيما طوي أول من أمس ملف اختطاف السفير الأردني في ليبيا فواز العيطان، بعودته سالما معافى، أجمع سفراء، عاملون وسابقون وخبراء أمنيون، أن لا وجود لما يسمى “ضمانات لمنع تكرار حوادث الاختطاف في اي مكان بالعالم، وخاصة في البؤر الملتهبة”.
وفيما اجمع هؤلاء على المصالح الأردنية في ليبيا، وخصوصا بعد عودة الأمن إليها وإعادة بنائها بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، فقد شككوا في أن لا يتم إعادة تعيين سفير أردني الى طرابلس، مع تعزيزات امنية مضاعفة، ترافقه من قوى وعناصر أردنية.
كما شدد بعضهم على أن مواقف الأردن المعادية للإرهاب “لن تتغير”، وأن مثل هذه التهديدات، لن تثنيه عن مواقفه، المرتكزة على احترام قيم وحقوق الانسان اولا، ووقوفه الى جانب الحق، وبحزم ضد التطرف والإرهاب.
وفيما يؤكد سفراء عاملون أن الحكومة ووزارة الخارجية تبدي اهتماما جليا بأمن سفاراتها في الخارج، فإن سفير المملكة لدى مصر، وممثلها في الجامعة العربية، بشر الخصاونة، يشير ، إلى أن “الوزارة تقوم بعملية تقييم أمنية شبه يومية لكل السفارات”.
وأوضح أمس أن السفراء في الخارج، وهو منهم “يتلقون دائما إشارات من عمان، عندما يكون هناك خطر بمستوى مرتفع”، كما أكد انهم يتلقون توجيهات وتعليمات، بأن يقوموا مثلا بإخطار الدولة المضيفة بتعزيز الحماية والأمن، على المنشآت ودور السكن، والمكاتب وجميع أفراد البعثة، واتباع الإجراءات الاحترازية، ومنها الأمن الشخصي والانتباه والحذر وتقليص الحركة مثلا.
واعتبر الخصاونة أن ما يعرض الدبلوماسيين الأردنيين أحيانا للخطر، هو أن “المملكة لها مواقف سياسية مبدئية من قضايا دولية متعددة، من ضمنها تعاطيها مع الإرهاب”.
وتابع قائلا “احيانا يعرضنا هذا للخطر، وهذه المخاطر تأتي مع عملك الدبلوماسي التمثيلي”، ولكن هذا، برأيه، “لا يجعلنا نفكر مرتين بصوابية وصحة مواقفنا، المرتكزة على احترام القيم الإنسانية، ورفضنا للإرهاب بكل أشكاله، ووقوفنا الى جانب الحق وبحزم ضد الإجرام والإرهاب، فالمبادئ قد تتعبك ولكنها لا تخذلك”.
وبالنسبة للخصاونة، فإن تجربة اختطاف العيطان وإطلاق سراحه سالما “أثبتت مرة أخرى ان الإنسان الأردني غال جدا على دولته، وانها تفعل كل ما تستطيع لاستعادته، وتأمين حمايته وانتزاعه من مواطن الخطر”.
وكان وزير الخارجية ناصر جودة قال، في مؤتمر صحفي اول من امس، ان هاجس الوزارة اليومي هو “امن سفاراتها”، وأنها تتعامل مع أي تهديد مباشر أو غير مباشر لأي بعثة.
وكشف عن عدد من الطرق لتوفير الحماية الزائدة عند الحاجة اليها، “فهناك سفارات نطلب من الدول الموجودة فيها توفير أمنها، أو نتعامل مع شركات أمنية خاصة لهذه الغاية، أو نرسل رجال أمن من الأردن لتحافظ على سفاراتنا، وفق مقتضيات الحاجة”.
ولم يخف جودة انه في مرحلة سابقة، كان هناك تهديد مباشر للسفير العيطان، وتم استدعائه للمملكة حينها، ومن ثم عاد الى ليبيا، الا انه أكد أن الأردن “لا يستطيع أن يكون رهينة لوضع أمني”، بل “علينا أن نأخذ الاحتياطات وأن نكون على حذر في كل مرة نتعرض فيها لتهديد مباشر ونتخذ الإجراءات اللازمة”.
كما بين جودة ان ارسال سفير جديد لليبيا مسألة “سيتم دراستها في حينه”، وقال “نحن نتعامل مع شعب ليبي، علاقاته قديمة معنا، ويكن كل الاحترام للأردن”.
واشار، في هذا الصدد، الى استدعاء السفير الأردني من اليمن حاليا، كاجراء وقائي، كون اليمن يشهد حوادث وتفجيرات.
وحول هذا الأمر، تحدثت عدة مصادر دبلوماسية مبينة ان “عدد المرافقين الأمنيين لا يحدد بالضرورة حجم الحماية الأمنية للسفير”، وان هذا يعتمد على الوضع الأمني في البلد المشار إليه.
ففي بعض البلدان، يكفي حارس واحد او اثنان، وقد “يرفعون درجة حماية السفير، وصولا إلى 80 % مثلا، بينما يحتاج في بلدان اخرى لخمسة افراد او اكثر”، وضربوا مثلا على ذلك بالسفير الأميركي، الذي قتل في بنغازي، والذي “تم قتله هو وافراد حمايته معا”.
ويرى الوزير والعين الأسبق بسام العموش، ان لا ضمانات بعدم تكرار حوادث الخطف، “فهناك طائرات تخطف وليس فقط بشر”، وخاصة مع وجود جماعات معينة، وعدم استقرار، لكن “هذا لا يعني ان لا نأخذ احتياطاتنا، والمزيد من الاجراءات الأمنية، والتنسيق مع الدول”.
إلا أن العموش، الذي خدم كسفير اسبق للمملكة لدى ايران، انتقد في حديثه ما اسماه “المخاطرة باطلاق تصريحات تستفز افرادا معينين”، بدون ان يحدد من هم هؤلاء الأفراد، او من يطلق هذه التصريحات.
من ناحية أمنية، بين العموش ان الأردن يوفر الحماية اللازمة لسفارات أميركا وبريطانيا وغيرهما، بطلب منهما، في إشارة منه الى ان البعثات تطلب من الدولة زيادة الحماية لها، ان ارتأت الحاجة لذلك، وواجب الدولة المضيفة ان تحمي السفارة كمبنى، كما ان الدول نفسها قد ترسل امنا من لدنها ليبقى مع السفير ويرافقه.
ورأى العموش أن الإرهاب “قد يضرب اية دولة”، الا ان الحذر يزداد في المناطق الملتهبة. وعن إرسال سفير اردني الى ليبيا، قال “ممكن اعادة سفير.. ولكن ليس الحالي، فهناك قائم بأعمال، ويمكن ارسال سفير اخر”.
وعن مصالح الأردن في ليبيا، وصعوبة عدم إرسال سفير اخر اليها، اوضح العموش “دولة مثل الأردن لا ينبغي لها ان تنسحب الان من ليبيا، فلديها مصالح هناك، كما ان الأردن شارك بدعم لوجستي باسقاط القذافي، ولدينا بطالة وعمالة، ووضع اقتصادي صعب، وعندما تستقر ليبيا، فانها ستعطينا اولوية في فرص العمل، وإعادة الإعمار وغيره”.
من جانبه، رأى الباحث في شؤون الجماعات السلفية حسن ابوهنية ان اختطاف السفير الاردني “كان درسا قاسيا” حول اعادة الدبلوماسيين الى المناطق الساخنة، حيث كان معروفا ان الوضع غير امن، مؤكدا على ضرورة اتخاذ اجراءات امنية صارمة.
وفي ظل وجود تهديدات مباشرة، في دولة مثل ليبيا، حيث سبق اختطاف دبلوماسيين مصريين، وقتل سفير أميركي، “كان ينبغي اتخاذ اجراءات امنية اكبر”، وفقا لأبو هنية.
وقال انه ينبغي تخفيض البعثة الدبلوماسية الاردنية في الوقت الراهن، لأن الوضع هناك خطر، واستشهد، في هذا الصدد، بما قاله السفير العيطان، عند الافراج عنه، من أن “اختطافه تم بغاية السلاسة والسهولة”.
وبالنسبة لإبقاء السفير في اي دولة، تعاني فلتانا امنيا، قال ابوهنية “الأمر يعتمد على اهمية البلد بالنسبة لنا، فان كانت لدينا مصالح فعلية، يمكن ان تتضرر، فلا بد من وجود سفير حينها، لكن في بلدان اخرى، لا مصالح كبرى بها، وبها اوضاع امنية مضطربة، فمن الممكن عودة السفير عند عودة الاستقرار لتلك الدولة”.
وضرب امثلة على ذلك بسورية وليبيا، فهناك دول عدة سحبت سفراءها لغاية الآن من هناك، كما أن اميركا، التي عينت سفيرا آخر لها، في ليبيا، فإن مساءلات الكونغرس عن الإجراءات الأمنية هناك “ما تزال جارية لغاية الآن، وتم تعزيز الحماية بقوات المارينز وغيرها”.