خبراء: نتنياهو يحاول استغلال الأزمات لصالحه وواشنطن لم تعد تراه حليفا لها
حصادنيوز- مع زخم الأزمات التي تحيط برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلا إن الرجل يحاول استغلال كل هذه الأزمات لتأمين مستقبله السياسي بغض النظر عن مصلحة إسرائيل، كما يقول مراقبون.
ففي الوقت الذي يواجه فيه نتنياهو ضغوطا متزايدة من ذوي الأسرى بشأن مصير ذويهم ومن الولايات المتحدة بشأن العملية العسكرية التي يريدها في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، تتزايد أزمة قانون تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) داخل إسرائيل.
ورغم هذه الضغوط الكبيرة، فإن الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى يرى أن نتنياهو لا يزال يتعامل مع كل هذه الأزمات من منطلق مصلحته السياسية وليس من منطلق مصلحة إسرائيل، حتى إنه مستعد للتضحية بالعلاقات مع الولايات المتحدة في سبيل أهدافه.
وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال مصطفى إن نتنياهو يواصل التأكيد على أنه القائد الأوحد القادر على حماية مصالح إسرائيل، مؤكدا أن هذا الأسلوب رفع شعبيته داخليا من 24% خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 32% خلال مارس/آذار الجاري، بل ونجح أيضا في تثبيت حكومته.
كما نجح نتنياهو أيضا في شيء آخر مهم، وهو جعل اغتيال قادة حركة المقاومة الإسلامية حماس كما حدث في حالة مروان عيسى، نوعا من أنواع الحرب الانتصار في هذه الحرب، كما يقول مصطفى.
نتنياهو لم يعد حليفا لواشنطن
على العكس من ذلك، يرى المسؤول السباق بوزارة الخارجية الأميركية وليام لورانس أن نتنياهو فشل في التعامل مع كل الأزمات، إلى حد جعل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “تعتبره لم يعد حليفا لأميركا، وإنما إسرائيل هي الحليفة”.
ومن وجهة نظر لورانس، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي “لم يعد يقوم بما تريده واشنطن خصوصا فيما يتعلق بإيصال المساعدات للمدنيين في قطاع غزة، كما إنه لم يعد قادرا على مواصلة الحياة السياسية بعد الحرب”.
وعن سبب هذا التحول الأميركي تجاه نتنياهو، يقول لورانس إن الرجل “عاجز عن تحقيق السلام الذي كررت واشنطن مرارا حاجتها إليه، فضلا عن أنه يضر بالعلاقات بين البلدين”.
لذلك، فإن تخلي واشنطن عن إسرائيل في مجلس الأمن الدولي “قد يؤدي لمعاقبتها في محكمة العدل الدولية”، كما يقول لورانس، الذي لا يعتقد أن نتنياهو يريد إذلال بايدن في عام الانتخابات كما يقول البعض وإنما يريد تأمين مستقبله هو السياسي.
انقسام داخلي
ورغم إفلات نتنياهو من فخ السقوط السياسي حتى الآن فإن هناك انقساما كبيرا داخل إسرائيل بشأن مستقبل إسرائيل حيث يعتقد البعض أنه (نتنياهو) ذاهب بها الى الهاوية، فيما البعض الآخر يراه بطلا نجح في مواجهة أميركا، وهو انقسام يجب عليه التعامل معه، كما يقول مصطفى.
لكن النقطة الأهم -برأي مصطفى- هي أن “الدولة العميقة (المؤسستان الأمنية والعسكرية) تراه كارثة على إسرائيل لأنه يعارض واشنطن بينما هما تدركان أنه لا وجود لأمن إسرائيل من دون أميركا، ويرونه مستعدا للتضحية بهذه العلاقة من أجل البقاء في السلطة”.
ويؤيد لورانس هذا الأمر، بقوله إن نتنياهو “يضر بالعلاقة مع أميركا ومع الفلسطينيين ومع العالم كله”، مؤكدا “وجود تغير جذري في السياسة الأميركية مع اليهود الشباب ومع العرب وحتى مع الأميركيين الذين سئموا سمعة إسرائيل كدولة إبادة جماعية”.
ويعتقد لورانس أن “هذه خسارة قد لا يمكن تعويضها بسهولة، وأن العلاقات الإسرائيلية مع واشنطن لن تعود كما كانت من قبل لا سيما وأن تطبيع إسرائيل لم يعد ممكنا في ظل نتنياهو”.
وعن موقف الولايات المتحدة من الأزمات التي تعيشها إسرائيل، قال لورانس إن “كل ما من شأنه إسقاط نتنياهو يفيد واشنطن حاليا بما في ذلك ضغط ذوي الأسرى والاستقالات في الحكومة لأن هذا كله يخدم ملف المفاوضات”.
ورغم كل هذا الجدل فإن لورانس يؤكد أن واشنطن لا تزال قادرة على تحجيمه بدليل أنها منعته من دخول مدينة رفح جنوبي القطاع منذ شهرين لأنها رفضت ذلك فعليا.
ووفقا للمسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية، فإن واشنطن حشرت إسرائيل في زاوية بشأن قبول وقف مؤقت لإطلاق النار من أجل مفاوضات الأسرى وفي عدم سماحها باجتياح رفح، وكلاهما أمر لا تريده إسرائيل، حسب قوله.
وخلص لورانس إلى أن واشنطن “لديها تأثير على إسرائيل ولديها إرادة كبيرة لوقفها في لحظة ما، وقد فعلتها في حروب سابقة”، مضيفا “صحيح أن الولايات المتحدة لم توقف إسرائيل حتى الآن لكنها تقترب من فعل ذلك”.
القضية الأكثر خطورة
وعن القضية الأكثر خطورة على حكومة نتنياهو، قال مصطفى إن قانون تجنيد اليهود الحريديم قد تسقط حكومته لأنه يحاول صياغة قانون يخدم أجندته الانتخابية، لكنه إذا خضع لأي طرف من الطرفين (المؤيدين والمعارضين) ستسقط حكومته لأن هذا سيؤدي لاحتجاجات متعلقة بمستقبل إسرائيل عموما.
ففي حين هدد عضو مجلس الحرب بيني غانتس بالاستقالة من حكومة الحرب في حال لم يتم سن قانون لتجنيد الحريديم، هدد المتشددون بمغادرة البلد إذا تم تجنيدهم.
لذلك، يقول مصطفى إن هذه الحرب فجّرت خلافات كانت منضبطة تاريخيا لكنها أصبحت بلا ضابط خلال هذه الحرب، والمرحلة المقبلة ستكون مرحلة انقسامات كبيرة، مؤكدا أن إسرائيل “إذا لم تحسم بعض الأمور ستكون في معضلة تاريخية فضلا عن أنها في منعطف تاريخي يهدد هويتها ومستقبلها”.