وزير الخارجية يبحث ونظيره الإسباني تطورات الوضع في غزة
حصادنيوز-بحث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي الأربعاء، مع وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، التطورات الخطيرة التي تشهدها الأوضاع في غزة، والتداعيات الكارثية للحرب، والجهود المبذولة لوقفها.
وشدد الوزيران على ضرورة تكثيف الجهود للوصول لوقف كامل وفوري لإطلاق النار في غزة، وبما يضمن حماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة إلى جميع أنحاء القطاع.
كما بحث الوزيران العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.
ووقّع الصفدي وألباريس مذكرتي تفاهم الأولى بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في البلدين الصديقين، والثانية بين المعهد الدبلوماسي الأردني في الوزارة والمدرسة الدبلوماسية في وزارة الخارجية الإسبانية.
وفي مؤتمر صحفي مشترك بعد اللقاء، قال الصفدي “أرحب بمعالي وزير خارجية إسبانيا خوسيه ألباريس في زيارته الأولى إلى المملكة لبحث آليات البناء على الشراكة والصداقة الاستراتيجية التي تربط المملكتين، ولتنسيق جهودنا لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وإنهاء الكارثة الإنسانية، والعمل معاً من أجل ضمان التقدم نحو مستقبل يسوده العدل، ينتهي معه الظلم وتتجسد خلاله الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على التراب الوطني الفلسطيني لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل سبيلاً وحيداً لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة”.
وأضاف، “على المستوى الثنائي أجرينا محادثات موسعة استهدفت التوافق على خطوات عملية لزيادة التعاون بين البلدين والبناء على مخرجات الزيارة التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى إسبانيا العام الماضي ولقائه رئيس الوزراء، ووقعنا اليوم مذكرتي تفاهم الأولى حول مأسسة المشاورات السياسية، والثانية حول تبادل الخبرات بين المعهدين الدبلوماسيين في البلدين، وهاتان المذكرتان ستتيحان اجتماعات مستمرة بيننا من أجل التوافق على خطوات لتوسعة التعاون في مختلف المجالات، وتبادل الخبرات في العمل الدبلوماسي”.
وأكد الصفدي أن “لإسبانيا دورا رئيسا في الاتحاد الأوروبي، ولها تاريخ كبير أيضاً في العمل من أجل تحقيق السلام في المنطقة؛ فمن إسبانيا انطلقت العملية السلمية قبل أكثر من 30 عاماً، وهي مستمرة في جهودها التي تريد أن تحقق الهدف الذي عملنا جميعاً لأجله منذ عقود، وهو إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام على أساس حل الدولتين”.
وشكر الصفدي الوزير ألباريس على مواقف إسبانيا الواضحة لجانب العدالة، وإنهاء الظلم، وتحقيق السلام وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني وبما يحقق لإسرائيل أيضاً الأمن في إطار الجهود المستهدفة بناء سلام كامل ودائم. كما شكر الصفدي ألباريس على موقف إسبانيا الثابت من دعم وكالة الأونروا، وقال “متفقان على أن لا بديل للأونروا وأهمية استمرارها في القيام بدورها خصوصاً في مواجهة الكارثة الإنسانية التي تستمر وتتفاقم في غزة، ونراها تتصاعد أيضاً في الضفة الغربية”.
وقال “بحثت والوزير الوضع المتدهور الذي نراه يستمر في غزة ومتفقان على أن غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة وأن أي مقاربة مستقبلية يجب أن تقوم على أساس هذه القاعدة وتستهدف إيجاد الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية كاملة بما فيها الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية”.
وحذر الصفدي من أن “الخطر يتفاقم، واتفقنا على أنه لا يمكن أن يُسمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بتقويض أمن المنطقة برمتها، ولا يمكن أن السماح له بالاستمرار في هذه الحرب، ولا يمكن أن يقبل العالم أن يموت الأطفال جوعا وأن تموت الأمهات عطشاً وأن يشرد حوالي 1.7 مليون فلسطيني خصوصاً وأن إسرائيل مستمرة في منع دخول ما يكفي من المساعدات لتلبية احتياجات الفلسطينيين”، مشيراً إلى أن التحديات كبيرة والتعنت الإسرائيلي في رفض وقف الحرب وفي رفض إدخال المساعدات يدفع المنطقة باتجاه المزيد من التأزيم.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإسباني “علاقاتنا الثنائية تمر بأفضل لحظاتها وهذه الزيارة ستساهم في توطيد العلاقات بين الأردن وإسبانيا”، مشيراً إلى أن العلاقات وثيقة وبنيت على أساس علاقات وثيقة بين الشعبين وبين البلاط الملكي”.
وأضاف “قمنا اليوم بتوقيع اتفاقيتين؛ واحدة حول المشاورات السياسية وأخرى حول التعاون بين معاهدنا الدبلوماسية، وراجعنا الاتفاقيات الاقتصادية، ونود أن نعمل بشكل موسع مع الأردن فيما يتعلق بقطاعات الماء والطاقة البديلة”.
وقال، “الأردن وفلسطين أكبر شركائنا في مجال التعاون الإنساني، والتزمنا بحوالي 90 مليون يورو هذا العام للتعاون في هذه المجالات، وفي الأردن هناك ما يقارب 2.5 مليون من اللاجئين الفلسطينيين، وجزء من هذه المساهمات التي سنقدمها للأونروا ستصل إلى الأردن”.
وأكد ألباريس أن “الأونروا مؤسسة دولية غير قابلة للاستبدال فهي توفر التعليم لأكثر من 200 ألف طالب، وعشرات الآلاف من الأشخاص ينعمون بالخدمات الصحية التي تقدمها لهم، وغيرها من الخدمات”.
وأشار الى أن “للأردن وإسبانيا؛ اهتمامات مشتركة، وقلقنا مشتركا، ومتفقون على واحدة من أهم المشاكل والصعاب التي دفعتني إلى أن آتي إلى عمان وهي الأزمة الإنسانية في غزة والوضع المثير للقلق في الضفة الغربية”، مؤكدا أن “الدبلوماسية الأردنية صوتها قوي جداً وهي مهيأة وقادرة على إيصال الرسالة، ونحن في الدبلوماسية العالمية، نعتبر الأردني مرجعية مهمة في هذه المنطقة”.
وشدد على ضرورة “تسهيل الدخول غير المشروط للمساعدات الإنسانية الى غزة ووقف قتل المواطنين ليس فقط الذين يموتون بسبب القصف والقنابل ولكن أيضاً الذين يموتون بسبب الجوع، وهذا هو ندائي الأول ومطلبي الأول وإطلاق سراح الرهائن غير المشروط واحترام غير مشروط للحقوق والمواثيق الدولية والمعاهدات الدولية”.
وقال ألباريس “لا يجوز أن تكون أي مؤسسة أو دولة فوق القانون. أدنت العمليات التي قامت بها حماس، ولكن منذ ذلك مرت خمسة أشهر منذ السابع من تشرين الأول وعداد الموتى لم يتوقف، نتحدث اليوم عن أكثر من 30 الف و500 ضحية، الكثير منهم من الأطفال والنساء؛ هم ليسوا أرقاماً ولن ننساهم، هم أشخاص لهم مشاعر ولهم حياة، وهذا ما يجعل من الوضع غير مطاق على الإطلاق، ويجب وقف هذه المأساة، ويجب أن نعمل سوية على وقفها”.
وأضاف، “على الجهتين أن تعملا على وقف إطلاق النار وترك السلاح، ونحن ندعم جهود الوساطة والكثير من المجتمع الدولي يدعمها، وخاصة إسبانيا والأردن”.
وقال “وقف إطلاق النار الدائم والنهائي يمكن أن نصل إليه إذا ما قمنا باحترام وتطبيق حل الدولتين، وإسبانيا تريد الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام وأكثر من 90 دولة تدعم هذه المبادرة، ونريد أن نجد فلسطين معترفا بها على مستوى العالم كدولة مستقلة ذات سيادة تعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل”.
وفي إجابة عن سؤال قال الصفدي “الكلام ليس كافياً نحن في مواجهة حرب خرقت إسرائيل فيها كل القوانين الدولية، وخرقت القانون الدولي الإنساني، وارتكبت جرائم حرب غير مسبوقة، واستخدمت التجويع سلاحاً في هذه الحرب وهذه أيضاً جريمة حرب؛ أكثر من 30 ألف فلسطيني ارتقوا خلال هذه الحرب بينهم أكثر من 12 ألف طفل وهذا الرقم هو الأعلى في كل الصراعات التي شهدها العالم على مدى السنوات الأخيرة”.
وأشار الى أن “إسرائيل ترفض إدخال الغذاء والدواء، وتقطع الماء والكهرباء عن أهل غزة، ونحن في مواجهة حالة غير مسبوقة ليس فقط في حجم الهمجية التي تبدت خلال هذه الحرب ولكن أيضاً بحجم العجز الدولي على مواجهة هذه الهمجية وعلى مواجهة هذه الخروقات للقانون الدولي”.
وأضاف، “رأينا قرارات مجلس الأمن تدعو في الحد الأدنى إلى إدخال المساعدات الإنسانية والحكومة الإسرائيلية رفضت ذلك، رأينا محكمة العدل فرضت إجراءات تدبيرية تدعو إلى إدخال الغذاء والدواء وإسرائيل لم تلتزم بذلك، ومع ذلك نرى مجلس الأمن ما يزال غير قادر على اتخاذ قرار يلزم إسرائيل بوقف هذه الحرب فبالتالي هذه الحرب كرست الشعور بوجود معايير مزدوجة في التعامل وفق القانون الدولي كرست الشعور بأن إسرائيل تتصرف فوق القانون ولا يمكن أن يسمح لأي دولة أن تكون فوق القانون”، مؤكداً أن المطلوب هو خطوات عملية، وقرار ملزم من مجلس الأمن يلزم إسرائيل بوقف الحرب ويلزم إسرائيل بإدخال المساعدات، وبأن المطلوب فرض عقوبات”.
وزاد، “بدل أن تستمر الدول بإرسال الأسلحة التي تمكن إسرائيل من الاستمرار في هذه الحرب، يجب أن ترسل مساعدات إنسانية ويجب أن ترسل وفوداً تفرض وقف هذه الحرب وتأخذنا باتجاه السلام الحقيقي الذي لا يمكن أن يتحقق إلا على أساس تلبية جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل”.
وأكد “بعد خمسة أشهر من هذه الحرب الهمجية لا يمكن بأي شكل تبرير استمرارها، ولا يمكن أن يستمر تجويع الأطفال، ولا يمكن أن يستمر العالم صامتاً وهو يرى أكثر من 15 بالمائة من الأطفال في شمال غزة في أقصى حالات المجاعة، ونحن نرى أطفالاً رضعا يموتون من الجوع ومن عدم توفر الحليب”.
وقال الصفدي “لإسبانيا دور رئيس ولها موقف واضح في رفض الظلم وفي العمل من أجل تحقيق العدالة، وإقامة الدولة الفلسطينية، واحترام القانون الدولي، ليس فقط على المستوى الثنائي ولكن أيضاً في إطار الاتحاد الأوروبي ونذكر الدور الذي قامت به خلال ترؤسها الدورة الماضية من الاتحاد الأوروبي والجهود التي قامت بها”
وأضاف “مستمرون في العمل معاً من أجل ليس فقط إنهاء الحرب وإدخال المساعدات لكن أيضاً ضمان أن ما يتبع ذلك يكون عملاً حقيقياً محكوماً بتواقيت زمنية لتحقيق حل لهذا الصراع على أساس حل الدولتين”
وأكد أنه “بغير ذلك سنرى الصراع يتجدد، والحروب تعود إلى المنطقة بين فترة وأخرى، لأن أساس الصراع هو وجود احتلال لا يوجد هناك آفاق لانتهائه، وهناك خطوات تقوم بها هذه الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفاً حتى في تاريخ إسرائيل لتكريس هذا الاحتلال وللاستمرار في حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه”.
وقال وزير الخارجية الإسباني “إسبانيا ستواصل القيام بما قامت به منذ تفجر الصراع. الوصول إلى وقف لإطلاق النار هو أولويتنا القصوى، هذه هي زيارتي الثالثة للمنطقة وتحدثنا مع جميع شركائنا، وفي بروكسل نتحدث بشكل مستمر مع المفوض العام، ونتحدث مع الولايات المتحدة، ونسعى إلى وقف توريد السلاح لمنطقة الصراع، وفي إسبانيا توقفنا منذ السابع من أكتوبر عن إعطاء رخص لتوريد السلاح إلى إسرائيل، ووضعنا عقوبات على 12 مستوطنا من إسرائيل لأن الوضع في غزة وفي الضفة الغربية أيضاً يقلقنا”.
وقال ألباريس “رئيس الحكومة أعلن قبل مدة أن إسبانيا تريد من البرلمان مناقشة هذا الموضوع، وضمان إيجاد الدولة الفلسطينية كجزء وكدولة عضو في المجتمع الدولي، وبحيث تكون غزة والضفة الغربية تحت سلطة واحدة، وبحث يكون في غزة ميناء وتكون العاصمة القدس الشرقية وكي نصل إلى كل ذلك نحن بحاجة إلى مساعدة مالية من الجميع”.
وأشار الى أن إسبانيا ضاعفت الدعم للسلطة الفلسطينية إلى 3 أضعاف ما كان عليه في السابق؛ وحوالي 35 مليون يورو إضافية قدمناها للأنروا منذ شهر كانون الأول الماضي كي نضمن أن الفلسطينيين الذين يعيشون اليوم في غزة وفي الضفة الغربية والفلسطنيين اللاجئين خارج فلسطين يحصلون على الخدمات التي يستحقونها”.
وفي إجابة على سؤال حول مشاركة إسبانيا في الإنزالات الجوية الإنسانية للمساعدات على غزة، قال وزير الخارجية الإسباني “تشارك إسبانيا في الكثير من هذه الإنزالات الجوية لمساعدة المحتاجين في غزة و سنشارك أيضاً، وسأعطي التعليمات لمدير التعاون الإسباني في الأردن من أجل إيصال المساعدات عبر الجو”، مشيراً إلى حنكة القيادة الأردنية في الإنزالات الجوية.
وقال “في عام 2014 صوت البرلمان الإسباني بالإجماع على قرار يدعو للاعتراف بالدولة الفلسطينية، هناك سفارة فلسطينية في العاصمة مدريد وكان لي اجتماعات عديدة وبشكل رسمي مع نظيري وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وخلال هذه الحكومة الإسبانية تحدثنا عن أننا نود الاعتراف بشكل رسمي بالدولة الفلسطينية”.
وأكد الصفدي “نقوم بما هو متاح لكننا ندرك جميعاً أن السبيل الوحيد لإيصال المساعدات هو وقف سياسة التجويع التي تعتمدها إسرائيل في غزة، والسماح بإدخال المساعدات بشكل كامل وكاف لجميع أنحاء القطاع”، مشيراً إلى أنه ثمة مجاعة حقيقية، وثمة أرقام للأمم المتحدة لا يمكن أن يقبلها العالم في هذا الزمان وفي هذا الوقت، وهنالك تعقيدات كبيرة تفرضها إسرائيل حتى على ما تسمح مبدئياً بدخوله من مساعدات.
وأضاف “نرفض أن تأخذ إسرائيل 2.3 مليون فلسطيني في غزة رهينة، ونؤكد أن وقف الحرب هو الأساس وعندما تقف الحرب القضية ليس فقط إدخال المساعدات ولكن أيضاً ضمان توزيعها وعندما تطلق إسرائيل النار على الشرطة التي كانت ترافق المساعدات وتطلق النار على الفلسطينيين المنتظرين للمساعدات فهذا أيضاً جزء من التحديات اللاإنسانية التي تفرضها هذه الحرب”، مؤكداً استمرار الأردن بعمليات الإنزال بالتعاون مع كل الشركاء.
— (بترا)