الاقتصاد في 2023 .. اهتمام ملكي وهندسة اصلاحات وتصاعد بالمؤشرات
حصادنيوز-حظي الملف الاقتصادي من خطط وبرامج الدولة الاقتصادية ولاسيما المتعلقة برؤية التحديث، باهتمام مستمر خلال عام 2023، فضلا عن بحث آليات النهوض بالاقتصاد الوطني والوقوف على أبرز التحديات التي تواجهه.
وشكلت اللقاءات المتواصلة التي إجراها جلالة الملك عبدالله الثاني، مع الفعاليات الاقتصادية والرياديين والشركات الناشئة، دفعة قوية لمواصلة العمل والجهد لخدمة الاقتصاد الوطني من خلال تنفيذ المبادرات التي تضمنتها رؤية التحديث الاقتصادي، لضمان استقطاب الاستثمارات وتوليد فرص العمل، والمضي بالاصلاحات.
وشدد جلالة الملك خلال لقاءاته مع مختلف الفعاليات الاقتصادية على أهمية دور القطاع الخاص في تعزيز الثقة وحالة التفاؤل بالاقتصاد الوطني، وقدرته على تجاوز الصعوبات والتحديات التي فرضتها ظروف دولية واقليمية استثنائية، آخرها العدوان الاسرائيلي الغاشم على أهالي قطاع غزة.
وجدد جلالة الملك تأكيده خلال اللقاءات العديدة على “أن الأردن بلد قوي ومستقر والأزمات تجعله دائما أقوى، ويمتلك الخبرة في كيفية التعامل مع الأزمات، وهو قادر على مواصلة بناء اقتصاده والعمل في الظروف الصعبة”.
كما جدد جلالته تأكيد أهمية تقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتنسيق لمواجهة التحديات الاقتصادية ومواصلة تنمية الاستثمارات المحلية واستقطاب المزيد من الاستثمارات الخارجية، إضافة الى الاستمرار في مسيرة التحديث الاقتصادي.
وبفضل الجهود الملكية السامية حصل الأردن على مساعدات خارجية لدعم خطط البلاد الاستراتيجية والمشروعات ذات الابعاد التنموية المهمة للاقتصاد الوطني، ما يؤكد أن المملكة تحظى بدعم الأشقاء والأصدقاء.
ورغم الصعوبات، فالاقتصاد الوطني متين وقادر على التأقلم مع التحديات مستندا في ذلك على روافع متعددة بمقدمتها رؤية واضحة للتحديث الاقتصادي، واستقرار نقدي ودينار قوي واحتياطيات مريحة من العملات الأجنبية، وأقل معدل تضخم بالعالم.
وتزخر المملكة بالعديد من الفرص الاستثمارية ذات القيمة المضافة العالية والواعدة تتوزع على قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات اللوجستية والسياحة والصناعة والزراعة والصحة، علاوة على مشروعات للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وصعدت الكثير من مؤشرات الاقتصاد الوطني خلال عام 2023 ضمن مسارات عديدة، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الجارية والثابتة خلال الربع الثاني من 2023، بنسبة 2.6 بالمئة، مقارنة مع الفترة نفسها من 2022.
وارتفع حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة بنسبة 21 بالمئة خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2022 ، ليصل إلى 776 مليون دولار.
كما ارتفع حجم الاستثمارات المستفيدة من قانون البيئة الاستثمارية خلال 9 أشهر من العام الحالي بنسبة 34 بالمئة ليصل لنحو 879 مليون دينار مقارنة مع 657 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي 2022.
وحافظت الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي على مستوياتها المرتفعة وسجلت ارتفاعا ملموسا حسب آخر البيانات المتاحة بالعام الحالي لتبلغ 18 مليار دولار مقابل 17.3 مليار دولار نهاية العام الماضي، تغطي مستوردات المملكة من السلع والخدمات مدة تزيد على ثمانية أشهر.
وواصل معدل التضخم الشهري انخفاضه خلال العام الحالي ليصل إلى 1.3 بالمئة خلال شهر تشرين الثاني الماضي، ليبلغ بذلك معدل التضخم المسجل خلال 11 شهرا من العام الحالي 2.1 بالمئة.
وسجل العجز في الميزان التجاري (يمثل الفرق بين قيمة الصادرات الكلية وقيمة المستوردات)، للمملكة انخفاضا بنسبة 9.0 بالمئة، خلال 10 أشهر من عام 2023، مسجلا 8.142 مليار دينار، مقابل 8.948 مليار دينار للفترة نفسها من العام الماضي.
وبلغت نسبة تغطية الصادرات الكلية للمستوردات 48 بالمئة خلال 10 أشهر من عام 2023، مقارنة بنسبة 46 بالمئة خلال نفس الفترة من العام 2022 بتحسن مقداره 2 نقطة مئوية.
وارتفع الدخل السياحي للمملكة خلال 11 شهرا الماضية من العام الحالي 2023 بنسبة 30.5 بالمئة ليسجل ما قيمته 6.9 مليار دولار، بينما بلغ عدد زوار المملكة خلال 11 شهرا من العام الحالي 5.937 مليون زائر، بارتفاع 29.2 بالمئة، مقارنة مع الفترة نفسها من 2022.
وحافظت أسعار المواد الغذائية في الأردن على استقرارها، حيث لم تتجاوز نسبة ارتفاعها 1.7 بالمئة خلال 10 أشهر من العام الحالي مثلما جاء في تقرير للبنك الدولي في الوقت الذي ما زالت فيه أسعار الأغذية في معظم دول العالم تشهد ارتفاعات متفاوتة وصلت على سبيل المثال في لبنان إلى 218 بالمئة و 72 بالمئة في تركيا، و 71 بالمئة في مصر.
وبلغ معدل البطالة خلال الربع الثالث لعام 2023 نحو 22.3 بالمئة بانخفاض مقداره 0.8 نقطة مئوية عن مستواه في الربع الثالث لعام 2022 البالغ نحو 23.1 بالمئة.
وارتفعت الإيرادات المحلية خلال 11 شهرا من عام 2023، لتصل إلى 7.124 مليار دينار، وبزيادة بقيمة 470 مليون دينار، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لتبلغ تغطيتها من النفقات الجارية ما نسبته 90 بالمئة، حيث زادت الإيرادات الضريبية بقيمة 250 مليون دينار، والإيرادات غير الضريبية بقيمة 220 مليون دينار.
كما أقرت الحكومة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2024، وإحالته لمجلس الأمة ضمن الإطار الزمني الذي حدده الدستور، حيث لا تشمل رفعا للضرائب أو الرسوم وبأعلى إنفاق رأسمالي في تاريخ المملكة، إلى جانب رفع مخصصات الحماية الاجتماعية، وتعزيز تقدم سير العمل في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، وكذلك تعزيز جاهزية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
ورصدت الحكومة في مشروع قانون الموازنة المخصصات المالية لدعم السلع الغذائية الاستراتيجية ودعم أسطوانة الغاز، إضافة إلى زيادة مخصصات دعم طلبة الجامعات والمعونة الوطنية لتمكنها من استيعاب عدد أكبر من الأسر المستحقة للدعم، ورصد مخصصات أكبر لخدمة الدين العام.
وكان الأداء الإيجابي لمختلف القطاعات الاقتصادية بمثابة شهادة على فعالية السياسات المالية والنقدية التي نفذتها المملكة، حيث هيأت بيئة مواتية لتحفيز النشاط الاقتصادي واتساع قاعدته، وعززت استقرار الاقتصاد الوطني وعمقت الثقة به وفي بيئة الاستثمار السائدة.
وتؤكد هذه المؤشرات كذلك، على صلابة الاقتصاد الوطني ومرونته، وثقة المستثمرين ببيئة الاستثمار، إلى جانب قوة الدينار وجاذبية الودائع بالدينار، مدعومة بجهاز مالي ومصرفي راسخ ومتين.
وتوصلت الحكومة بنجاح إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء للبدء بتنفيذ برنامج وطني جديد للإصلاح المالي والنقدي يمتد حتى 2028، بقيمه اجمالية تصل الى 1.2 مليار دولار، بعد إتمام متطلبات المراجعة السابعة بنجاح.
وسيساعد البرنامج الذي تم اعداده من قبل وزارات ومؤسسات وطنية مختصة المملكة على المحافظة على الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي عبر رفع تنافسية الاقتصاد الوطني ودعم التصدير والتوسع بالحماية الاجتماعية.
وأعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني خلال العام الحالي عن تثبيت التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل ليبقى عند مستوى ( BB-) مع نظرة مستقبلية “مستقرة”، ما يمثل شهادة على منعة الاقتصاد الوطني، عازية تثبيت التصنيف نتيجة للإصلاحات الاقتصادية والمالية التي نفذتها البلاد بالفترة الاخيرة وقدرة الأردن على الوصول لمصادر التمويل المحلي والخارجي، والدعم الدولي الذي يحظى به في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، إضافة إلى حجم السيولة التي يتمتع بها القطاع المصرفي بالمملكة.
وتشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الوطني سيسجل نموا حقيقيا العام المقبل 2024 بنحو 2.6 بالمئة، ونموا اسميا 5.1 بالمئة، وسيحافظ على معدلات التضخم المعتدلة والتي تعد من أقل المعدلات في العالم، ما يسهم بتعزيز الاستقرار المالي والنقدي وحماية القوة الشرائية للمواطنين.
كما أعلنت مجموعة العمل المالي رفع اسم الأردن من قائمة الدول تحت المتابعة المتزايدة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أو ما يعرف بالقائمة الرمادية، كاعتراف بنجاح المملكة بتعزيز المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل ومواءمتها مع المعايير الدولية، واستكمال تنفيذ كل بنود خطة العمل الخاصة المعتمدة من قبل المجموعة.
وتقدم ترتيب الأردن في مؤشر الابتكار العالمي الذي يصدر سنويا عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية بالشراكة مع معهد بورتولانز، من المرتبة 78 عام 2022 إلى المرتبة 71، من بين 132 دولة شملها تقرير المؤشر في عام 2023.
وأنجز الأردن خلال العام الحالي العديد من القوانين الاقتصادية بغية التأسيس لاقتصاد منيع كان أبرزها: البئية الاستثمارية، ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وحماية البيانات الشخصية لسنة2022، والملكية العقارية، ومعدل قانون الشركات، والمعدل لقانون منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وأطلقت وزارة الاستثمار، المنصة الترويجية الأولى للاستثمار في الأردن بعنوان (استثمر في الأردن) وتحتوي على 21 فرصة استثمارية بحجم استثمار يقدر بنحو مليار دينار، إضافة الى 8 قطاعات استثمارية ذات أولوية.
وبمناسبة مرور عام على إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة طريق تحديث القطاع العام، عقدت الحكومة ملتقى بعنوان (عام على التحديث)، تم خلاله استعراض ما تم تحقيقه في البرنامجين والتحاور حول أولويات المرحلة المقبلة، بحضور 600 مشارك ومشاركة ممن صاغوا رؤيتي التحديث الاقتصادي والإداري.
واستكملت المملكة المراجعة الثالثة للسياسة التجارية في إطار أعمال منظمة التجارة العالمية عن الفترة (2016-2023)، والتي تعكس تأكيد الأردن لالتزاماته تجاه النظام التجاري متعدد الأطراف منذ انضمامه لمنظمة التجارة العالمية.
وفي عام 2023 استطاع الاردن تجاوز تبعات الكثير من الصعوبات الاقتصادية التي خلفتها أزمة فيروس كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية والخلل الذي واجه سلاسل التزويد، بفعل روافع كامنه يعتليها حكمة قيادته واستقراره السياسي والامني والاجتماعي، وانجازه اصلاحات جزئية شاملة طالت مسارات السياسة والاقتصاد والادارة.
وتقف المملكة مع بداية العام الجديد على أعتاب مرحلة جديدة من العمل والبناء ومراكمة الانجازات الاقتصادية التي تحققت على مدى ربع قرن بقيادة جلالة الملك، ما يتطلب تسريع خطوات الاعتماد على الذات، وتعظيم قيم العمل والانتاج، وتعزيز التشاركية والعمل بروح الفريق، ولا سيما في الظرف الاستثنائي الذي تعيشه المنطقة جراء العدوان الاسرائيلي الغاشم على اهالي قطاع غزة.
(بترا )