تركيا والعراق والأردن تخشى من ‘داعش’ وتحاول احتواء خطر مقاتليها
حصاد نيوز – ابراهيم درويش – هي مسألة وقت قبل أن تتمكن الجماعات المرتبطة بالقاعدة من السيطرة على شرق سوريا فيما يجتاح العنف منطقة غرب العراق، وهذا يعني أن الطريق لهجمات على غرار 9/11 و7/7 في نيويورك ولندن على التوالي صار معبدا، وعندها سيكون الوقت متأخرا لمنعها. ويقول باتريك كوكبيرن الكاتب ومراسل صحيفة ‘إندبندنت’ في مقال نشره عدد الأحد إنه ليس لديه أدنى شك في حدوث هذا فما عليه إلا مشاهدة الفيديو المثير للقشعريرة الذي وضعته الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على الإنترنت، حيث يظهر مجموعة من الجهاديين الأجانب وهم يحرقون جوازات سفرهم للتأكيد على التزامهم الدائم بالجهاد، ومعظم الجوازات التي ظهرت بين ألسنة الحريق لونها كان أخضرا مما يقترح أن حملتها من السعوديين، وهناك جوازات زرقاء اللون ما يعني أنها تعود لمواطنين أردنيين.
ولم يكن بعض من دمروا جوازاتهم ملثمين بينما غطى آخرون وجوههم. وفي عملية التخلص من الجوازات قام كل شخص بالإعلان عن ولائه للتنظيم ووعدوا بمواصلة الجهاد في بلادهم بعد الإنتهاء من جبهة سوريا.
نحن قادمون
ويظهر الشريط جهاديا كنديا وهو يلقي خطابا قصيرا بالإنكليزية قبل أن يتحول للعربية وجاء فيها ‘هي رسالة موجهة إلى كندا ولكل القوى الأمريكية، نحن قادمون وسندمركم’، فيما قال جهادي أردني ‘أقول لطاغية الأردن، نحن أحفاد أبو مصعب الزرقاوي ونحن قادمون لقتلك’، ويقدم جهاديون سعوديون ومصريون وشيشان نفس الرسالة والتهديد.
ويعلق كوكبيرن على أصالة وحرفية فيلم الفيديو قائلا إنه مصنوع بطريقة جيدة وربما أنتج في مناطق شمال أو شرق سوريا.
ويضيف قائلا إن هذا ‘يستحق النظر إليه وبهدوء مع الأخذ بعين الإعتبار أن هؤلاء ليسوا عصابة معزولة تختبئ في الصحراء أو مغاور الجبال، فداعش اليوم تسيطر أو تستطيع العمل من داخل منطقة شاسعة تمتد ما بين الفرات والبحر المتوسط، ومن الحدود الأردنية إلى جنوب تركيا’.
ويقول الكاتب إن تهديدات كهذه وحرق الجوازات أثارت ذعرا لدى جيران العراق الذين كانوا بطيئين في الرد على الوضع المتغير في سوريا وأن الجماعات القتالية بدأت تسيطر عليها الجماعات المرتبطة بالقاعدة أو المستنسخة عنها.
حكومة عاجزة
ويقول الكاتب إن البعض يربط بين تردي الوضع الأمني وسياسات نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي الذي أراد استخدام ورقة القاعدة للحصول على دعم وثقة الشيعة باعتباره حاميهم، وسيعرف صدق هذه النظرية عندما يتم إعلان نتائج الإنتخابات.
ويرى الكاتب وبعيدا عن هذا أن الحكومة العراقية عاجزة سياسيا وعسكريا عن مواجهة الأزمة، حيث أصيب في المعارك مع القاعدة 5.000 جندي مات منهم 1.000 جندي، ويقال إن كتائب تفككت بسبب عدم تلقي الجنود رواتب أو إمدادات طعام وذخيرة.
يضاف للفساد حيث تقول تقارير إن وظيفة قائد في الجيش العراقي يمكن شراؤها بمليون دولار أمريكي، وذلك على افتراض أن من يتولى منصبا قياديا في الجيش يمكنه تحصيل 50.000 دولار في الشهر من أموال الحماية والضرائب التي يفرضها على العربات التي تعبر نقاط التفتيش. ويقول إن الحكومة قد تحاول إعادة تجربة الأمريكيين في مكافحة القاعدة وهي تشكيل صحوات سنية. والمشكلة هي أن العرب السنة في الوقت الحالي يكرهون الجيش والقوات الأمنية أكثر من كرههم للقاعدة.
سيضربون تركيا
وأشار تقرير منظمة الأزمات الدولية الذي تحدث عن مصاعب تركيا المتعلقة باللاجئين السوريين وأزمة الجهاديين، حيث لاحظ أن حكومة حزب العدالة والتنمية غيرت من استراتيجيتها تجاه المقاتلين في سوريا ولم تغير من التزامها دعم المعارضة.
ونقل التقرير عن مسؤول تركي قوله إن ‘عناصر القاعدة المسلحين سيكونون مشكلة لتركيا، خاصة أننا بلد علماني ولا تتناسب أيديولوجية القاعدة معنا، ماذا سيحدث لو لم يحققوا ما يريدون في سوريا؟ فسيلقون اللوم علينا ويهاجموننا’.
وتخشى تركيا من ارتداد الوضع عليها، فبحسب مدير مركز بحث نقل عنه مركز الأزمات الدولية الذي قال ‘عندما تبدأ تركيا باعتقالهم ـ الجهاديين ـ وهو ما ستقوم بعمله، فسيردون بتنفيذ هجمات’.
ويعتقد أن معظم الجهاديين الذين عبروا إلى سوريا استخدموا الـ 510 ميلا التي تفصل بين البلدين للعبور والمشاركة في القتال ضد نظام بشار الأسد. ومثل تركيا بدأت السلطات الأردنية بإظهار علامات من القلق حول الدعم للجماعات المقاتلة التي يقوم أفرادها باجتياز الحدود للراحة والعلاج والتدريب حيث يعمل ضباط الأمن الأمريكيين والسعوديين والأردنيين على تشكيل ما أطلق عليه ‘الجبهة الجنوبية’ التي تتكون من المعتدلين والمعادين للجهاديين، مع أن جبهة النصرة ناشطة في الجنوب.
ويرى الكاتب أن الأردنيين ترددوا في المضي حول فكرة عملية الجنوب التي تنطلق من داخل أراضيهم، ولم يعودوا واثقين كما كانوا في عامي 2011 و2012 من أن نظام الأسد سيخسر الحرب، وما يقلق السلطات الأردنية أكثر هو وجود ألفي جهادي أردني في سوريا وماذا سيحدث لو عادوا إلى الأردن. ويشير كوكبيرن هنا إلى الهجوم الجوي الغامض الذي قامت به القوات الجوية الأردنية على عربات عسكرية كانت في تحاول الدخول من سوريا إلى الأردن وذلك في 16 نيسان/إبريل الماضي، ويضيف الكاتب إن الإردنيين منعوا حملة في الجنوب تتزامن مع الهجوم على حلب.
تقرير الخارجية الأمريكية
وفي الحديث عن الكتائب الأجنبية الجهادية في سوريا لا بد من ذكر التقرير الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي عن أشكال الإرهاب في العالم، والذي أشار إلى أن القاعدة والجماعات المرتبطة بها أصبحت قوية رغم المزاعم الأمريكية بالقضاء عليها وقتل زعيمها أسامة بن لادن في باكستان.
وعزا معدو التقرير أنفسهم بالقول إن قدرة ‘مركز′ القاعدة على إدارة عمليات قد تراجعت. ولا يذكر التقرير أن القاعدة ومنذ عام 2001 أي بعد تنفيذ هجومها الكبير في الولايات المتحدة، وخروجها من أفغانستان تحولت إلى أيديولوجية أكثر من كونها تنظيما بقيادة ومركز يدير العمليات. ويعترف تقرير الخارجية بزيادة ملحوظة وشراسة في الجماعات المرتبطة أيديولوجيا بالقاعدة والتي تتصرف بطريقة مستقلة.
ويعلق كوكبيرن بالقول إن الوضع أسوأ مما رسمته الخارجية الأمريكية أو اعترفت به، فمنذ العام الماضي سيطرت داعش على معظم العراق السني، وفرضت ضرائب على مدن الموصل وتكريت وسيطرت على مدينة الفلوجة والبلدات في وادي الفرات في غرب وشرق سوريا.
ولديها القدرة على حرمان أو فتح سد الفرات على دجلة وبغداد. وقامت بتفجير أنابيب النفط حيث سال في النهر ولوثته. وفي بلدة أبو غريب المعروفة بسجنها سيء السمعة، قامت داعش باستعراضات عسكرية.
جهاديون وأحزمة ناسفة
في تقرير آخر نشرته صحيفة ‘صنداي تايمز′ قالت إن الجهاديين البريطانيين في سوريا بمن فيهم طالب مدرسة سابق أعطوا أحزمة ناسفة لاستخدامها في حالة إلقاء القبض عليهم وللتسبب بمذبحة كبيرة في صفوف الأعداء، وظهر الجهاديون على شريطة فيديو وهم يطلقون التهديدات، حيث قال أحدهم أنه سيفجر نفسه في صفوف العدو محدثا أكبر قدر من الخسائر، وقال آخر إن الحزام محشو بالرصاص من أجل التسبب بأكبر ضرر. وينتمي الشباب إلى داعش. وكتب محمد حسن (19 عاما) والذي كان طالبا في مدرسة في مدينة بورتسموث للمتابعين له على وسائل التواصل الإجتماعي إن داعش توفر لهم أحزمة ناسفة ومجانية.
وكتب في الإسبوع الماضي على موقع ‘أسك.أف أم’ ‘الحزام الذي أحمله يزن ما بين 3- 4 كيلو غرام’ ويمكن الحصول عليه بإذن من الأمير ‘طالما كان الشخص عاقلا وليس مريضا نفسيا’. وعن خطورة الحزام قال إنه مزود بحزام إضافي ومحفز آخر ‘ومرة نمت وكان تحت المخدة حزام ناسف دون أن أعرف’. ويقول حسن وكنيته أبو دجانة إنه أحيانا يحمل حزاما ناسفا وليس بندقية عندما يكون في دورية للحراسة.
ويضيف أن كل الأحزمة التي شاهدها محشوة بحبات الرصاص الصغيرة بدلا من قطع الحديد الصغيرة’.
وعندما سئل عن موقف الإسلام من العمليات الإنتحارية أو قتل النفس غير المشروع، أجاب أنهم أي ‘داعش’ لا تتعامل معها كانتحار ولكن من أجل إضعاف العدو. وتشير إلى مقاتل بريطاني آخر في العشرينات من عمره كتب تغريدة على ‘تويتر’، ‘حزام متفجر عندما يقبض عليك’. وقال واسمه أبو القعقاع ‘فجرهم’.
ويعتقد أن هؤلاء الإنتحاريين هم جزء من 500 مقاتل بريطاني انضموا للقتال في سوريا. وهناك بعض التقارير تقول إن نظام الأسد اخترق القاعدة أو تركها كي تزدهر وتنتشر من أجل تصوير الجماعات الأخرى المعتدلة بالإرهابية.
ومنذ بداية الحرب في سوريا عام 2011 هناك 20 بريطانيا تطوعوا للقتال قتلوا بمن فيهم عبد الوحيد مجيد (41) من كرولي في غرب مقاطعة ساسكس والذي قاد شاحنة محملة بالمتفجرات وفجرها في سجن حلب المركزي في شباط/فبراير الماضي.