قانون المالكين والمستأجرين يفشل في حماية المهمشين
حصاد نيوز – “العقد شريعة المتعاقدين”، قاعدة قانونية تكاد أن تؤدي بالأرملة أم أحمد وطفليها للتشرد، نتيجة إصرار صاحب الملك على عدم تجديد عقد ايجار مسكنه السنوي لها، طمعا بنيل مبلغ مالي أكبر عند تأجيره لعائلة عربية.
وتقول أم أحمد”أسكن في هذا المنزل منذ العام 2009 وأنا ملتزمة بتسديد الايجار في موعده والوصولات تؤكد ذلك، استأجرت المنزل بمبلغ 65 دينارا، لكن صاحب الملك رفع الايجار لـ75 دينارا ولم اعترض على ذلك، برغم وضعي المالي الصعب، لكني فوجئت بإصراره على فسخ العقد، بحجة رغبة عائلة سورية باستئجار المنزل بمبلغ لا أستطيع دفعه”.
“أم أحمد” تسكن في ضاحية الحسن في مدينة الزرقاء، وتعمل كعاملة في مصنع براتب شهري قدره 190 دينارا لتعيل طفلين، أكبرهما عمره 10 أعوام وأصغرهما 5 أعوام، إذ تتوجه إلى عملها من السابعة صباحا وحتى الرابعة بعد الظهر.
تبين أم أحمد ان “عوامل عدة تجعلني أكثر تمسكا بالمنزل الذي أعيش فيه، ابرزها قدرتي على دفع الايجار مقارنة بالإيجارات الاخرى التي تتجاوز 120 دينارا، اما السبب الثاني فهو قرب منزل شقيقتي التي تتكفل برعاية طفلي اثناء غيابي ومساعدتها لي بتوفير الطعام ومصاريف المنزل، كون راتبي لا يكفي لتغطية كل احتياجات الأسرة”.
وتضيف أم أحمد انها في الشهرين الماضيين دأبت بالبحث عن منزل آخر في المنطقة لكن محاولاتها باءت بالفشل، في حين تلقت قبل ايام انذارا من محكمة البداية باخلاء المنزل، كما أمهلها صاحب الملك فترة اربعين يوما للإخلاء، حتى ينتهي ابناؤها من تقديم امتحاناتهم المدرسية.
إلى جانب مشكلتها في ايجاد سكن جديد، تعاني ام أحمد من تحديات عدة، أبرزها عدم شمولها وأطفالها بالتأمين الصحي وتدني راتبها الذي بالكاد يكفيها بعد الاقتطاعات وتكلفة المواصلات من مكان سكنها إلى المصنع الواقع في منطقة الرصيفة.
وتعكس حالة أم أحمد “فشل” التشريعات الأردنية، وتحديدا قانون المالكين والمستأجرين في توفير الحماية للفئات المستضعفة والهشة، حيث يحمي القانون صاحب الملك، فيما يبقى الفقراء والمستضعفون من دون حماية، بحسب قانونيين.
وتقول المحامية هالة عاهد إن “قانون المالكين والمستأجرين الجديد لم يراع الفئات المطحونة والهشة في المجتمع، فالقانون فقط ميز بين المستأجرين قبل عام 2000 وبعده، من دون تمكين جوانب الحماية الاجتماعية”.
وتتابع ان “التزام القانون بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، وضمن لصاحب الملك رفع الايجار كما يراه مناسبا، وان كان الرفع مبالغا به، كما أعطى صاحب الملك الحق بعدم التجديد”، منوهة الى انه رغم الميزات الايجابية لقاعدة “العقد شريعة المتعاقدين”، لكن في “المالكين والمستأجرين”، تلك القاعدة لا تصلح وتسبب أضرارا للطرف الأضعف.
وتلفت عاهد إلى أن جوانب القصور في حماية الفئات المهمشة تتجاوز قانون المالكين والمستأجرين لتمتد إلى القوانين الناظمة لصندوق المعونة الوطنية.
وتتابع “كون الأرملة عاملة، فهي بالتالي لا تستفيد من المعونة الوطنية، برغم أن راتبها يقع في اطار الحد الادنى للاجور، فان دخلها دون خط الفقر للاسر الأردنية، وبالتالي هي لا تستفيد من خدمات المعونة النقدية وغيرها، تحديدا التأمين الصحي”.
وتدعو عاهد إلى ضرورة مراجعة التشريعات الأردنية بما يضمن توفير حماية أكبر للأسر التي تعيل أطفالا وللفئات الأكثر ضعفا وتحديدا أسر الأيتام.
وبحسب أرقام وزارة التنمية الاجتماعية، يبلغ عدد الايتام في الأردن الذين يعيشون في اطار أسرهم 72 ألف طفل، منهم 24 الف فقير مشمولين بالمعونة الوطنية، لكن دراسات غير رسمية تؤكد وجود اسر فقيرة غير مشمولة بالمعونة الوطنية.