متحدثون: الجهود الملكية تؤكد مجددا أن لا سلام حقيقيا دون حل عادل للقضية الفلسطينية

88

 

حصادنيوز– لم يكن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 78 قبل أيام هو الأول، ولن يكون الأخير على مدار نحو 25 عاما ماضية، لكنه كان يحمل توصيفا دقيقا للواقع في العالم والمنطقة وقضية فلسطين، مقرونا بثوابت أردنية واضحة بأن الحل للقضية الفلسطينية لن يكون على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

وكانت الجهود الملكية متواصلة، حيث حل جلالة الملك ضيفا رئيسا على مؤتمر قمة الشرق الأوسط العالمية، سبقها ولحقها اجتماعات متتالية ومتعددة مع مسؤولين وسياسيين وصناع القرار قال من خلالها للعالم إنه لن يكون سلام حقيقي دون حل للقضية الفلسطينية، وإننا جميعا معنيون بهذه القضية.

الوزير الأسبق سميح المعايطة قال لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن أي فهم أو تعامل مع أي تطور على صعيد القضية الفلسطينية يستند في الموقف الأردني إلى مرجعية ترى بأن القضية الفلسطينية أولوية وركيزة في أية علاقة مع الاحتلال الإسرائيلي سواء أكانت علاقات ثنائية أو علاقات إقليمية في دول العالم العربي والإسلامي ويجب ألا تتخطى القضية الفلسطينية، أي أن يكون دائما هناك ارتباط وثيق بين وجود هذه العلاقات وتطورها وبين القضية الفلسطينية، بما يتناسب مع ما تقوم به إسرائيل من تعامل إيجابي مع الحق الفلسطيني بوجود عملية سلام وتفاوض حقيقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين واعتراف إسرائيل وتعاملها مع الحقوق الفلسطينية الأساسية، وعلى رأسها الدولة الفلسطينية بشكل أساسي.

وأضاف أن الأردن يحرص على هذا الارتباط دائما ويدعو له، انطلاقا من قناعة أردنية مبنية على أن أي علاقات ثنائية مع العالم العربي والإسلامي أو دول أو مجموعات مع إسرائيل، يجب ألا تتجاوز الحقوق الفلسطينية، لأن الرابح بالتأكيد ستكون إسرائيل، الأمر الذي ينعكس سلبا على القضية الفلسطينية وعلى قدرة الفلسطينيين والعرب لتحصيل الحق الفلسطيني من الإسرائيليين.

وأشار إلى صفقة القرن عام 2017، والتي وقف الأردن فيها موقفا واضحا، وكان لجلالة الملك عبد الله الثاني موقف لا يحتمل التأويل في رفض أي عملية سلام على المستوى الإقليمي أو تفاوض لا يقوم على إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.

ولفت في هذا السياق إلى لاءات جلالة الملك الثلاثة في ذلك الوقت، لأن فكرة صفقة القرن كانت تقوم على إقامة علاقات عربية وإسلامية مع الإسرائيليين وعدم منح الفلسطينيين حقوقهم، والاكتفاء بدلا من ذلك بكيان إداري مع تعزيز نوعية الخدمات للفلسطينيين وبعض التسهيلات الاقتصادية، لكن دون الذهاب إلى إعطاء الفلسطينيين دولة على أرضهم، الأمر الذي رفضه الأردن انطلاقا من إدراك بأن الإسرائيليين إذا لم يدفعوا ثمنا لاحتلالهم، فسيكون العبء على الهوية الوطنية الأردنية والهوية الوطنية الفلسطينية.

وقال إن الأردن لا يقف حجر عثرة بوجه السلام، لكنه في نفس الوقت يطالب بأن تكون عملية السلام مرتبطة تماما بمقدار ما يقوم به الإسرائيليون من إيجابية وتعاون مع الفلسطينيين، ووجود مفاوضات جادة مع الفلسطينيين كذلك، لا مجرد عملية سلام للتسلية كما فعل الإسرائيليون في الفترات الماضية، عندما كانت تجري مفاوضات لكن دون نهايات، وكانت مبنية على المماطلة والمراوغة من قبل الإسرائيليين.

وأشار إلى أن الأردن يدرك أن القضية الفلسطينية تعاني نتيجة توسع العلاقات الإسرائيلية في العالم العربي والإسلامي دون وجود مسار مواز مع الفلسطينيين يعطيهم حقوقهم، وكذلك يدرك الأردن بأن هناك صعوبات أو عوائق كبيرة نتيجة وجود حكومة إسرائيلية، ليست فقط متطرفة بل حكومة عنصرية، لدى جزء من أعضائها كممثلين لأحزاب برامج عدوانية تجاه الفلسطينيين وهويتهم والأرض الفلسطينية والمقدسات.

وأكد أن موضوع القدس والمقدسات أحد القضايا المهمة بالنسبة للأردن، والتي يقوم من أجلها صراع سياسي دائم مع الإسرائيليين نتيجة الممارسات الإسرائيلية.

وأردف بأن الأردن سيبقى يتعامل مع ثوابت موقفه، وسيبقى يتحرك بهذا الاتجاه، لأنه الخيار الوحيد في التأكيد على موقفه ويسعى لتحقيقه.

وقال رئيس لجنة فلسطين النائب الدكتور فايز بصبوص إن جلالة الملك وضع العالم أمام مسؤولياته في حضور ملكي تخلله لقاءات مع قادة وزعماء العالم.

وأضاف أن التوازن الأردني في علاقاته الخارجية والداخلية كانت قائمة على بعدين ومحورين، داخلي انتهج جلالة الملك نهجا وئاميا اجتماعيا تجسد عند كل الأردنيين لأنسنة السلوك الاجتماعي، وخارجيا فكانت الثوابت القيمية الأردنية ببعدها القومي والتشاركي تنطلق دائما من التشبيك والتنمية الأممية والإقليمية غير المجزوءة بفرض معايير جديدة في التعامل مع كل أزمات المنطقة .

ولفت إلى أن خطاب جلالة الملك ولقاءاته مع زعماء العالم أخيرا، عبرت بكل وضوح من خلال قراءة تاريخية واستشرافية للمرحلة المقبلة الخطرة؛ فكانت أول استهدافاته في الخطاب ضبابية تمويل وكالة (الاونروا) رغم ما قدمه ويقدمه الأردن من نشاط لاستدامة التمويل، ففي جميع لقاءات جلالة الملك الذي يقود الدبلوماسية الأردنية حظيت (الأونروا) بأهمية كبيرة، ليس فقط في البعد المالي أو الإسنادي، وإنما أيضا من خلال رمزيتها التي تعبر عن حق العودة الثابت والراسخ، فرغم كل ذلك تعامل المجتمع الدولي مع هذه القضية أو جزء منها دون تركيز أو الأخذ بعين الاعتبار .

وبين أن القراءة النقدية الدولية بكليتها لتركيبة الحكومة الصهيونية المتطرفة والهجمات الممنهجة تجاه الموقف الأردني والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية المستمدة من أبعاد دينية وسياسية وروحية تجسد وئاما اجتماعيا بين المسلمين والمسيحيين لا يمكن ان تجد له مثيلا.

وأكد أن الوصاية الهاشمية تمتلك شرعية أممية، وتحظى بدعم دولي منقطع النظير، مشيرا إلى أن خطاب جلالة الملك أخذ بعدا تحذيريا، وأن صبر الأردنيين على ذلك قد نفد، وعلى كل دول المنطقة ودول العالم ان تتحمل مسؤولية العودة إلى الصواب، وإيجاد بعد سياسي حقيقي للقضية الفلسطينية قائم على عدالتها المطلقة.

وقال النائب السابق الدكتور هايل الدعجة إن المحاولات الإسرائيلية للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والمعترف بها دوليا كما أكدت عليها القرارات والمرجعيات الدولية، تبقى محاولات فاشلة ولن يكتب لها النجاح، مشددا على أن مبادرة السلام العربية التي أطلقت في العاصمة اللبنانية بيروت عام 2002، هي المعتمدة مرجعية عربية في أي مفاوضات مستقبلية مع إسرائيل، وهي المبادرة كما القرارات الدولية التي تدعو إلى اقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأضاف أن أي تجاوز على هذه الآلية التفاوضية هو في حقيقته يشكل تجاوزا على حقوق الشعب الفلسطيني التي هي الأساس في الحكم على أي عملية تطبيعية أو تفاوضية، وبالتالي فإن المنطقة كما إسرائيل لا يمكن أن تنعم بالأمن والسلام إلا إذا حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.

ولفت إلى أن الجانب الفلسطيني يمثل الطرف الأهم في أي مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، من هنا فإن أي متطلبات إسرائيلية أو أميركية أو دولية لا يمكنها أن تتحقق أو تلبى دون مراعاة المتطلبات الفلسطينية التي يعول عليها في تحقيق أي متطلبات أخرى.

وأكد أن المجتمع الدولي كما العدالة الدولية أمام محك حقيقي من حيث التزامه واحترامه ومراعاته للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية، والتي تعتبر أن الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس أراض محتلة، ولا سيادة لإسرائيل عليها.

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعات الأردنية، والخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور غازي الربابعة، قال إن نص الإجماع العربي الذي تقرر قبل عقدين من الزمن في قمة بيروت، على أن السلام خيار استراتيجي، وأنه يمكن إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل فيما لو قامت بالانسحاب من الأراضي، التي احتلت في عدوان عام 67 وعاصمتها القدس، مبينا أن هذا الإجماع نص على ألا تفريط في أي حق، ولا إقامة أية علاقات تعاون أو تطبيع مع إسرائيل، إلا بعد أن يتم تحقيق هذا المطلب العربي الإجماعي الذي جرى في بيروت.

وأشار إلى أن إسرائيل بدأت تتوسع بعلاقاتها مع الدول العربية والأردن يدرك بحكم موقعه الجيوستراتيجي، وبحكم أن القيادة الهاشمية في هذا البلد تمسكت بالحقوق العربية الإسلامية، منذ الشريف حسين -رحمه الله- وحتى الوقت الحاضر، وأن الهم الفلسطيني هو خيار الأردن باعتباره يقف على طول خط المواجهة مع إسرائيل، وأن هذا الأمر لا يهدد فقط حقوق الشعب الفلسطيني، وإنما يهدد أيضا الأردن الذي يعتبر مطمعا لدى إسرائيل لاستكمال فكرة الوطن البديل.

واكد أهمية حديث جلالة الملك في هذا التوقيت بالذات لأنه يعي حقيقة المؤامرة الكبيرة التي تخطط لها إسرائيل لاقتلاع الأرض الفلسطينية.

وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني في الضفة يتعرض إلى نزيف دموي مستمر، وهجمات ممنهجة، واقتلاع القدس، وانتهاك الحرمات في مسرى الرسول عليه الصلاة السلام ومعراجه، فبالتالي على العرب والمسلمين أن يوحدوا كلمتهم، ولا يمكنوا إسرائيل من التطبيع، ما دامت الحقوق العربية مغتصبة، وما دام مسرى الرسول ومعراجه في قبضة الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد أن دعوة جلالة الملك في هذا التوقيت، وفيما قبلها تؤكد الثوابت الفلسطينية في الحقوق العربية والإسلامية التي لا يجوز التفريط بها.

يشار إلى جلالة الملك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام وضع رؤية وتوصيفا للأزمات الحاضرة التي يمر بها العالم أجمع، واستشرف في الوقت ذاته قضايا المستقبل القريب والأخطار التي تحدق بواقع جيل جديد يتحمل مسؤوليته صناع القرار الدوليون الفاعلون الآن.

وخاطب جلالته العالم بمحاور عدة تحدث فيها عن حماية حدود الوطن أولوية وأزمة اللاجئين ومستقبلها الذي بات يدق ناقوس الخطر، وعن الأردن ودوره وطاقته في استضافة اللاجئين، ودور المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته تجاه أزمة اللاجئين، وعن القضية الفلسطينية وضبابية المستقبل بالنسبة للفلسطينيين، وعن الأزمة السورية واللاجئين السوريين ومستقبلهم والممارسات الإسرائيلية وانعكاساتها على زعزعة الثقة بالعدالة العالمية، والعام الحالي وما شهده من عنف ودموية بالنسبة للفلسطينيين، والالتزام بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، وحماية الشباب الفلسطينيين من التطرف وتكاتف الجهود الدولية لمنع ضياع جيل جديد.

وأكد جلالته أن القضية الفلسطينية مركزية للأردن والعالم، ولا سلام دائم وشامل في المنطقة دون حل عادل لها قائم على حل الدولتين على أساس حدود 1967 وفقا للشرعية الدولية، وقيام دولتهم المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام وازدهار؛ وسيحافظ الأردن على هوية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس بموجب اتفاقية الوصاية التاريخية.

وتواصلت الجهود الملكية في نيويورك، فكان جلالته ضيفا رئيسا في مؤتمر قمة الشرق الأوسط العالمية الذي عقدته مؤسستا المونيتور وسيمافور الإعلاميتان، بحضور قيادات سياسية وإعلامية دولية.

وقال جلالته في هذه القمة عن القضية الفلسطينية: “أعتقد أن جزءا من التحدي يكمن في الحكومة الإسرائيلية، والاعتقاد لدى البعض أنه يمكنك تجاوز فلسطين والتعامل مع العرب، ثم الالتفات إلى الفلسطينيين، وهذا أمر غير ممكن”.

وأكد أنه لن يكون هناك سلام حقيقي دون حل للقضية الفلسطينية، و”أننا جميعا معنيون بهذه القضية والمطلوب هو النظر إلى الصورة الأكبر وعدم التفكير بشكل تكتيكي”.

جهود جلالته رافقها جهود سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، إذ شارك سموه في الوفد الأردني الرسمي لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم قام بزيارة عمل إلى العاصمة الأميركية واشنطن، التقى خلالها مسؤولين في الإدارة الأميركية ورؤساء لجان وأعضاء في الكونغرس بشقيه الشيوخ والنواب، وممثلي مراكز بحثية وفكرية ورجال أعمال ورياديين أردنيين متخصصين في قطاعات تكنولوجية مختلفة.

لقاءات ولي العهد شهدت نقاشا لقضايا سياسية واقتصادية، أكد خلالها سموه موقف الأردن الثابت إزاء العديد من القضايا المحورية، وأهمها حقه في حماية أمنه وحدوده، وكذلك أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى لقاءات سموه مع الشباب الأردنيين والرياديين لتعزيز دور المغترب الأردني وتعزيز مشاركته في الاستثمار وخصوصا في مجال التكنولوجيا.

–(بترا)

 

قد يعجبك ايضا