فرنسا تسعى لاستعادة نفوذها عبر القمة الأوروبية- الأفريقية والتمهيد للمصالحة مع الجزائر والمغرب
حصادنيوز-تجد فرنسا في القمة الأفريقية- الأوروبية المرتقبة في بروكسل منتصف فبراير/ شباط الجاري فرصة لمحاولة استعادة بعض نفوذها في القارة السمراء لاسيما بعد الضربات التي تعرضت لها وآخرها طرد السفير الفرنسي من مالي.
وتترأس فرنسا الاتحاد الأوروبي منذ بداية يناير الجاري وحتى يونيو/ حزيران المقبل ضمن الرئاسة الدورية لهذه المجموعة، والتي تصادفت مع منعطف هام في تاريخ الاتحاد بالرهان على مبادرة “البوابة العالمية” التي تعتبر بمثابة مشروع مارشال موجه الى دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية لمحاصرة النفوذ الصيني الآخذ في التبلور عبر مشروع “طريق الحرير”.
وستستضيف بروكسل يومي 17 و18 فبراير الجاري قمة ستجمع بين رؤساء الدول والحكومات الأوروبية مع نظرائهم الأفارقة لدراسة سبل تطوير التعاون.
وتجد فرنسا في القمة فرصة لمحاولة استعادة نفوذها الآخذ في التراجع بصورة كبيرة خلال السنتين الأخيرتين. ومن عناوين هذا التراجع رهان دول الساحل الأفريقي التي كانت تشبه ملحقات فرنسية على الدعم الأمني الروسي مؤخرا لمواجهة الحركات الإرهابية، من خلال جماعات مسلحة مثل فاغنر الروسية. وفي الوقت ذاته، الرهان على الدعم الصيني لتحقيق نهضة اقتصادية في ظل ما تعتبره هذه الدول سيطرة الشركات الفرنسية على اقتصادها. ووصل الأمر بمالي إلى طرد السفير الفرنسي خلال الأسبوع الجاري بسبب تدخله في الشؤون الداخلية، وهي سابقة بكل المقاييس في العلاقات بين البلدين.
في الوقت ذاته، تجد فرنسا في القمة مناسبة للتصالح مع دول المغرب العربي وأساسا المغرب والجزائر. وكانت قد قامت بمبادرة تجاه الجزائر، إذ اتصل الرئيس إيمانويل ماكرون بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون ودعاه إلى قمة بروكسل، وذلك بعد توتر العلاقات بين الجانبين بسبب تصريحات ماكرون حول الذاكرة الاستعمارية، التي نفى فيها وجود أمة جزائرية، مما دفع بالجزائر إلى سحب سفيرها كاحتجاج، ليعود الشهر الماضي بعد اتصالات.
ويُجهل هل اتصل الرئيس ماكرون بالملك محمد السادس لدعوته إلى القمة كما ينص على ذلك البروتوكول، والراجح أنه التزم بالبروتكول، ولم يفصح لا الجانب المغربي ولا الفرنسي عن أي اتصالات. وتمر العلاقات بين الرباط وباريس بأزمة حقيقية نتيجة تقارير حول تجسس الاستخبارات المغربية على فرنسا وعلى رأس القائمة ماكرون نفسه، في حين ينفي المغرب هذه التهمة. ورفع المغرب دعاوى ضد المنابر الإعلامية التي اتهمته ومنها جريدة لوموند، وطالبت النيابة العامة في باريس برفض الدعوى لأن الدول لا يمكنها اللجوء إلى القضاء الفرنسي بتهمة التشهير. وفي ظل الأزمة الحالية، من المحتمل مشاركة المغرب على مستوى منخفض بحيث لا يحضر الملك محمد السادس مثل هذه المؤتمرات وقد لا يحضر الوزير الأول عزيز أخنوش.
ويرى الاتحاد الأوروبي في مشروع “البوابة العالمية” جسرا نحو تعزيز النفوذ والحفاظ عليه لاسيما في القارة الأفريقية. ورغم تشعبات هذا المشروع إلا أن أفريقيا تبقى هي الهدف الرئيسي. وتعد فرنسا محورية في هذا المشروع بحكم علاقاتها التاريخية بالمنطقة لاسيما بعد انسحاب بريطانيا التي كانت تتولى منطقة أفريقيا الإنجلوسكسونية.
وتبرز الأوساط الدبلوماسية الفرنسية وبعض مركز التفكير الاستراتيجي في باريس أهمية القمة لفرنسا التي تواجه تحديات كبرى في الساحة الدولية سواء في البحر الأبيض المتوسط من طرف تركيا أو القارة الأفريقية من الصين وروسيا.