إيكونوميست: بوريس جونسون سيدفع الثمن الباهظ وسيتحول إلى رئيس وزراء ضعيف ولعبة بيد النواب

68

حصادنيوز-تحت عنوان “ثمن النجاة: رئاسة وزراء جونسون المحطمة” نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا حللت فيه مصاعب رئيس الوزراء بوريس جونسون مؤكدة أنه “قد يتمسك بمنصبه لكنه خسر السيطرة على الحزب”. وتقول المجلة “إن جونسون هز رأسه ونظر إلى ساعته علامة على الملل وقرص إصبعه وضرب على صندوق المساءلة في مجلس النواب. فقد ذهب الرجل الذي تنهد وتحرك ونظر إلى حذائه في مقابلة تلفزيونية قبل يوم، ولم يبد عليه أنه رئيس وزراء سيطاح به، بل خاض معركة انتخابية واحدة”.

وذكرت المجلة أن انقلابا بدأ قبل 15 دقيقة من المساءلة الأسبوعية في مجلس العموم يوم 19 كانون الثاني/يناير. فقد انشق كريستيان ويكفورد، من مقعد هامشي للمحافظين في بيري ساوث إلى حزب العمال المعارض. وأعلن أن رئيس الوزراء غير قادر على الحكم. ولم يثر  كلامه اهتمام جونسون  الذي رد بانتعاش: سيفوز المحافظون بالمقعد في الإنتخابات المقبلة “في ظل حكومتي”. وبعد دقائق أخرى قرأ ديفيد ديفيس، من نواب المحافظين الجالسين على المقاعد الخلفية والذي انتخب لأول مرة في البرلمان عندما كان ويكفورد في سن الثانية من عمره، كلمات ليو إميري لرئيس الوزراء في 1940 نيفيل تشامبرلين “لقد جلست طويلا هنا من أجل عمل جيد كنت تفعله، باسم الرب ارحل” وأومضت بسمة على شفتي جونسون.

وعلقت المجلة أن الفضائح التي كشف عنها خلال الأسابيع الماضية حول الحفلات التي عقدت في 10 داونينغ ستريت خلال فترة الإغلاق بسبب فيروس كورونا دفعت حكومة جونسون إلى حافة الإنهيار.

 ويبدو أن التفاصيل التي تم الكشف عنها كان الغرض منها إثارة الغضب، تجمع صاخب خلال الحداد الوطني بعد وفاة زوج الملكة، دوق أدنبرة، وهو ما دفع إلى اعتذار من جونسون إلى قصر باكنغهام. وقرر نواب حزب المحافظين التحرك حيث قدم بعضهم رسائل تدعو إلى سحب الثقة من جونسون، وأخرى تدعو إلى تفعيل عملية انتخاب للقيادة. ولم يتبع أحد من النواب ويفكورد إلى الجانب الآخر، كما ولم يحصل النواب على العدد الكافي لتفعيل عملية سحب الثقة وهي 54 نائبا. وقال طاقم جونسون إنه سيقاوم اي عملية سحب ثقة التي يحتاج إلى نصف اصوات أعضاء الحزب للفوز فيها. ومن خلال الأصوات التي هدرت خلف رئيس الوزراء في المجلس فالمتأمرين لا فرصة جيدة لهم للإطاحة بجونسون، فهم مختلفون على وقت الإطاحة ولا أجندة أو مرشح جاهز لخلافته. ولو نجا جونسون من الأزمة فسيكون قد دفع الثمن الباهظ.

فمنذ البداية حاولت حكومته وضع ذكريات حكومة تيريزا مي الضعيفة في الخلف. وملأ حكومته بالموالين الذين نبحوا ورددوا الشعارات التي أعدها مكتبه. كما وامتلأ مجلس العموم بعد انتخابات 2019، بالنواب الجدد والشباب مثل ويكفورد، الذين يدينون بالفضل لجونسون وحصولهم على وظائفهم. وعندما فاز حزب المحافظين بالإنتخابات التكميلية في البلدة الفقيرة هارتبول، شمال- شرق إنكلترا العام الماضي، تفاخر أعضاء حزبه ان جونسون سيظل في الحكم ولعقد من الزمان.  وقد تداعى كل هذا، وقال أحد الوزراء السابقين “انتهت رئاسة الوزراء الإمبراطورية”.

 ومثل تريزا مي، سيكون جونسون رئيس حكومة تصريف أعمال  منشغلة بالسباق حول من سيخلفه. وأصبحت اليد العليا لنواب الحزب الذي كان متشرذما ومشتتا، بشكل يجعل من الصعوبة عليه القيادة. واستمع عدد من النواب إلى مناشدات جونسون الإنتظار لحين صدور التقرير الذي تعده سو غريغ قبل تقديم رسائل سحب الثقة. وقابلت جونسون ودومينك كامينغر، مستشاره السابق الذي تحول لمعذبه. والسؤال هو إن كانت غريغ ستقبل دفاع جونسون إنه لم يعرف بخرق تجمع أيار/مايو 2020 للشراب في مقر الحكومة، قواعد الإغلاق. وينص القانون الوزاري الذي يعتبر جونسون الحكم النهائي فيه أن أي وزير ضلل البرلمان عليه الإستقالة.

ويبدو أن الرأي العام البريطاني قد حسم أمره، فأداء جونسون الإنتخابي يترنح منذ عدة أشهر، وخسر حزبه انتخابات تكميلية في مقعد آمن بتشام وأميرشام في حزيران/يونيو 2021 وفي نورث شروبشاير في كانون الأول/ديسمبر. والآن وقد انهار الحزب وزعيمه بات حزب العمال يتمتع بعشر نقاط في المقدمة.  ومن ناحية الشعبية بات جونسون أقل من تيريزا مي بناقص 25 نقطة، وبات يمثل تهمة للنواب المحافظين الذين فازوا في مقاعد العمال عام 2019. ولو امتنع النواب عن الإطاحة بجونسون فإنهم يريدون الحصول على أكبر ثمن منه.

وسيجبر بعد صدور تقرير غري على تنظيف طاقمه، فدان روزنفيلد ومارتن رينولدز المستشاران له واللذان طلبا من المشاركين إحضار الشراب معهم من المحتمل أن يخرجا. ويريد النواب أكثر من هذا، وهي عزل 20 من المستشارين الخاصين الذين حضروا إلى مقر الحكومة بعد تخرجهم من الجامعة ومشاركتهم في حملة بريكسيت، وحولوا مقر رئيس الوزراء إلى  مجلس مصغر. وربما حرفت القوة للحكومة مما يعني حكومة تتشاور أكثر أو أنها قد تعود إلى الوقت الذي انقسمت فيه أثناء مي وانشغلت بالتسريبات.

ومن المرشحين البارزين لخلافته، ليز تراس، وزيرة الخارجية ووزير الخزانة ريشي سوناك اللذان كانا حذرين في تقديم الدعم له. ويعتمد جونسون في الدعم على وزراء ليسوا محلا للإعجاب مثل وزيرة الثقافة نادين دوريز والداخلية بريتي باتيل. وبات البرلمان مشكلة وعصيا على التحكم به، فبعد 12 عاما في الحكم أصبح نوابه المحافظون متعبين ومنقسمين. وفي وقت يمكن تنظيم تمرد عبر واتساب وتستطيع الغالبية لعب دور البرلمان المعلق. وفي العام الماضي واجه جونسون تمردا قويا من كل زاوية في الحزب بشأن سياسة كوفيد-19 والوجبات المدرسية المجانية والدعم الأجنبي. وطالما ظل جونسون متمسكا بالحكم فسيحاولون استغلال ضعفه وتمرير قضاياهم المفضلة. وقال متمرد “سينجو لو قام بتشحيم عجلات السياسة بطريقة أفضل”. وفي 19 كانون الثاني/يناير، حاول عمل هذا بإعلان عن إعادة “الحريات القديمة” ورفع استخدام الكمامات وجوازات الكوفيد. لكن النواب الذين تجمعوا حول مجموعة بحث كوفيد، طلبوا منه المزيد مثل إلغاء التطعيم الإجباري للعاملين في الصحة الوطنية ووقف كل مراكز التطعيم. وأراد أخرون تأجيل زيادة الضريبة من أجل مساعدة الناخبين مواجهة التضخم والذي وصل مستواه إلى 5.4%.

وستكون عملية ارضاء نواب المقاعد الخلفية صعبة، كما بدا في عملية اللحم الأحمر، وهو اسم أطلق الموظفون في داونينغ ستريت على سلسلة من الإعلانات بداية الأسبوع، مثل اعتراض البحرية لقوارب المهاجرين وإرسالهم إلى غانا أو رواندا لمتابعة حالاتهم، وضريبة “بي بي سي” التي كانت ستجمد لمدة عامين ثم ألغي القرار. وتبين لاحقا أن كل الخطوات لم تكن ناجحة فقد نفت غانا التصريحات واعترفت وزيرة الثقافة بأنها لا تعرف عن تمويل آخر لبي بي سي. ومشكلة حزب المحاظفين أنه متشرذم، وهناك الكثير من نوابه يرفضون “اللحم الأحمر” ويرونه متعفنا، فهم يرون “بي بي سي” ثروة وطنية ويغضبون من استخدام البحرية كأداة في السياسة. كل هذا لن يكون مناخا جيدا للتشريعات في البرلمان، فجونسون يأمل بتمرير قانون جريمة وإصلاح النظام الإنتخابي حتى يفوز بالإنتخابات المقبلة. ورئيس وزراء ضعيف سيجرأ مجلس اللوردات. ففي 17 كانون الثاني/ يناير رفض المجلس قانون إجراءات الشرطة والجريمة والإدانة والمحاكم والذي يمنح الفرصة لتفريق التظاهرات. وفي أيام العز هدد جونسون بنقل مجلس اللوردات إلى يورك وأعرب عن غضبه من النخبة التي تعيش خارج الزمن. هذه أيام انتهت، فهو اليوم شخصية متلاشية  ولا ثقل لتهديداته ومغازلاته.

قد يعجبك ايضا