ندوة الأحزاب السياسية والحياة الحزبية في الأردن تثير الكثير من الآراء والنقاش في جامعة فيلادلفيا

79

58918_1_1393668960

حصاد نيوز  – انطلاقاً من الدور الريادي لجامعة فيلادلفيا وانفتاحها على المجتمع المحلي والتعرف على ما يدور فيه ولإلقاء الضوء على الحياة الحزبية في الأردن ومستقبلها يتابع مركز الدراسات المستقبلية في جامعة فيلادلفيا سلسلة ندواته الفكرية والعلمية المتخصصة والتي بدأت الأولى منها لعام 2014 قبل أيام برعاية السيدة ليلى شرف رئيسة مجلس أمناء الحامعة وقد تناولت الندوة واحدة من المسائل التي تشغل تفكير الأردنين الا وهي الآفاق المستقبلية للأحزاب والحياة الحزبية في الأردن، استمرت الندوة التي شارك فيها تسعة متحدثين على مدار يوم كامل، وقد أثارت الندوة مجموعة من الأفكار والأسئلة خاصة وأن أوراق العمل تحدثت عن كثير من العناوين التي تهم الناس والأحزاب وعوامل النجاح والصعاب التي تواجه التجربة الحزبية الأردنية.

ولأن أعداد الأحزاب الأردنية قد تجاوز ال (30) حزباً فقد شارك في هذه الندوة والتي اعتبرت جزءً أولاً شارك فيها تسعة متحدثين كان في مقدمتهم وزير التنمية السياسية. هذا وسينعقد الجزء الثاني من الندوة في أوائل شهر نيسان ليضم المجموعة الأخرى من ممثلي الأحزاب.

الأستاذ الدكتور محمد أمين عواد رئيس جامعة فيلادلفيا في كلمة افتتاحية قدمها نيابة عنه الدكتور ابراهيم بدران مستشار رئيس الجامعة، ومدير مركز الدراسات المستقبلية قال فيها: “بداية لا بد من الاعتراف بأن الحياة الحزبية ومسألة الاحزاب عموماً لا تخص بلداً عربياً بعينه وإنما هي مشكلة عربية عامة. فجميع الاقطار العربية تقريبا تعاني من هذه المسألة ولم تصل فيها إلى حالة من التوافق الوطني وحالة من التصالح والتشارك بين الدولة . وربما لا نبالغ إذا قلنا أن واحداً من أسباب الربيع العربي في المنطقة وبالتالي تحوله إلى ربيع دام أو خريف بائس في عدد من البلدان هو ذلك الفشل الذريع الذي تعاني منه البلاد العربية في التعامل مع الحزبية وتداول السلطة اضافة إلى الفشل في إدارة الدولة وشؤونها، وليس بسبب ترتيبات خارجية أو مؤامرات تدميرية هنا وهناك. صحيح أن البوابة الرئيسية لخروج الدول النامية من حالة التخلف يبدأ بإدارة الدولة التي تشمل فصولاً أساسية عديدة لا مجال لتفصيلها. ولكن تأتي في مقدمتها الإدارة السياسية ثم إدارة الموارد البشرية والموارد الطبيعية وإدارة التعليم والمعرفة والعلاقات الإنسانية والمواطنة والتشريع وبالتالي إدارة المسألة المجتمعية وإدارة التطلعات المستقبلية . ورغم محاولات الأنظمة العربية التهرب من مواجهة الحقيقة وهي ان الحكم ليس حكراً على فصيل دون آخر، وأن الدولة لا تستقر إلا على أساس مبادئ المشاركة وتداول السلطة. وأن الاحزاب والحزبية هي الأداة الأقوى والانجع لمثل هذه المشاركة ولتنظيم عملية التداول، إلا ان الواقع العملي يثبت يوما بعد يوم أن لا جدوى من هذا التهرب وأن الديموقراطية من خلال الأحزاب تمثل متطلباً أساسياً بالضرورة ويستدعي حياة حزبية نشطة. ومن هنا فقد جاء انعقاد هذه الندوة في جزئها الأول ليلقي الضوء من منظور وطني كلي على هذه المسألة خاصة وان هناك تقارير عالمية ووطنية قد صدرت في هذا الإتجاه وتبين أن الأقطار العربية لا تحتل الترتيب والمكانة المطلوبة في الديموقراطية والحاكمية الجيدة”.

أما وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية الدكتور خالد الكلالدة فقد أثار الكثير من النقاط في حديثه المركز وحواره وأجوبته على الأسئلة التي أثيرت وقال: ان هناك تحديات سياسية وامنية واقتصادية تواجه الاحزاب هي بطريقها الى الحل والمعالجة لأنه لا يمكن ايقاف او ابطاء مسيرة الاصلاح وقد استمعنا لتأكيد جلالة الملك خلال لقائه الرئيس الاميركي قبل ايام بأن هذه المسيرة مستمرة ولن تتوقف حتى في ظل التطورات المقلقة على مستوى الاقليم. واضاف الدكتور الكلالدة ان ذلك يشكل طمأنة للجميع بان النموذج الاردني الاصلاحي مستمر وان الاردن ورغم قسوة التحديات التي تواجهه جراء ذلك سيواصل المسيرة ولن يتوقف. واكد ان العمل الحزبي سيكون احد مرتكزات الدولة والنظام السياسي قريبا بمعنى اخر ان الاحزاب هي التي ستشارك في ادارة دفة الحكومة وهي التي ستشكل الكتل البرلمانية والتي ستقود الحراك السياسي والشعبي وهي التي ستقود المعارضة ايضا على غرار العمل الحزبي في الدول العريقة التي اصبح العمل الحزبي راسخا فيها. واستدرك بالقول انه لا يرى ان قانون الاحزاب الحالي يساعد الاحزاب الى الوصول الى ما تطمح اليه من حياة حزبية مؤسسية توصلها الى مجلس النواب وبالتالي تشكيل الحكومة البرلمانية وعليه فانه من المنطقي في هذه المرحلة ان يسبق قانون الاحزاب قانون الانتخاب حتى يمكن للأحزاب من ترسيخ دورها وان تصل الى مجلس النواب في الانتخابات القادمة.

وحول التغيرات السياسية المستقبلية على الأحزاب بين وزير التنمية السياسية الاسبق المهندس موسى المعايطة في ورقته أنه لا يوجد ديمقراطية حقيقية دون أحزاب سياسية تمثل المصالح المختلفة لفئات المجتمع وتسعى لحل الخلافات بينها بالطرق السلمية، مشيرا الى ان الانتخابات جزء من الديمقراطية ولكنها ليست الاساس فالديمقراطية مرتبطة بالتعددية السياسية لحل التناقضات سلميا ولتبلور ارادة الناس وتعبر عنها. واكد ان قانون انتخاب ديموقراطي متقدم من شأنه أن يسهم في تطوير التعددية السياسة وتطوير الاحزاب وتوحيد النسيج الوطني للدولة الاردنية وان الاحزاب تسعى للوصول الى تشكيل الحكومات لتطبيق الافكار وبالتالي يحكم عليها المجتمع من خلال التعبير عن مصالحه.

وفي الورقة التي قدمها أمين عام الحزب الوطني الدستوري الدكتور احمد الشناق عن الأحزاب وقانون الانتخاب قال: “ان الحديث عن دور الاحزاب ومكانتها في الانتخابات النيابية يتطلب احلال النظام الحزبي في قانون الانتخابات النيابية وهذا يقتضي تغييرات جوهرية على النظام الانتخابي، فالتعددية الحزبية لا تؤدي دورها ولا تعمل الا في اطار معطيات تختلف عن معطيات المسؤولية الفردية والرقابة الفردية والانتخاب الفردي”. وعليه نتحدث عن شان متعلق بإدارة شؤون الدولة وهذا يتطلب استراتيجية وطنية برؤية مستقبلية نحو اعادة الانتاج السياسي للدولة باعتماد النظام الحزبي بديلا عن معادلات تقليدية بما يحفظ المنجز الوطني ويستجيب لمتطلبات الدولة الحديثة مشيراً إلى عدم وجود عوائق دستورية لتطوير حياة حزبية يكون ثمرتها انتاج حكومة برلمانية حزبية.

وتحدث الدكتور موسى بريزات المفوض العام لحقوق الإنسان في الأردن من منظور يراعي حقوق الإنسان ويوازن بين السياسة والحقوق قائلاً: ” ان التجربة الحزبية ما زالت متواضعة جماهيرياً، وأنها بحاجة إلى نضج أكبر وإلى ثقة أكبر من قبل الناس وخاصة الشباب الذين يحتاجون إلى رؤية تجسد أهمية البعد الحزبي في حياتهم وقناعتهم بدور الحزب بعيداً عن المصالح الخاصة وهيمنة الفرد. وأثار بريزات مجموعة من النقاط حول مفهوم العدالة الاجتماعية واقتصاد السوق والعلاقة بين الهوية والمواطنة واتساع الفجوة بين الغني والفقير وقال انه لابد من وجود برامج تقنع الناس لكي تعزز من الارتقاء بالحركة الحزبية التي تظللها انتخابات حرة نزيهة تعزز أحزاب ذات برامج قادرة على الوصول إلى تشكيل حكومات برلمانية.
وحول الأحزاب والمجتمع قال الدكتور سالم ساري الأستاذ في جامعة فيلادلفيا إن إستطلاعات الرأي العام التي تجريها الجامعات ومراكز البحوث الأردنية تشير الى ان الأحزاب الأردنية ، الكبرى والصغرى، لا تصل الى الشارع الأردني.، ولا تتواصل معه. وتشير مجريات السياسة الأردنية الى أن الأحزاب ليست هي الناظم الأكبر أو الأصغر في الحياة السياسية الإجتماعية الأردنية. وتشير الوقائع الفعلية لكل من الدولة، المجتمع، والأحزاب، الى أن السياسة عندنا لا تعمل باتصال مع الأحزاب أوالمجتمع، وانما بانفصال ، عنهما معآ.ومن شأن هذه الإشكلية أن تعمق الهوة الإجتماعية القائمة المتفاقمة بين الأحزاب والمجتمع.

وأضاف: وتشير هذه الحقيقة الى أن الإشكالية االحزبية عندنا، كما هي ربما في أي مجال آخر ، إشكالية ثقافية مجتمعية ، في المقام الأول. فلا تتغذى الأحزاب عندنا من ثقافة سياسية حزبية عصرية متحركة، تتطور بها وتطورها ،في الوقت ذاته ، وانما تتغذى من الثقافة المجتمعية العامة السائدة المسكونة (تاريخيآ) بالشك والخوف والعدائية للسياسة والسياسيين ، وللأحزاب والحزبيين. وما دامت القضية الكبرى المشتركة بين هذه القوى الفاعلة الثلاثة ،هي الديمقراطية، فلا تكفي لمواجهة هذه الإشكالية الكلية نقد كل من الأحزاب وبرامجها وممارساتها، أونقد الدولة ونظمها ومؤسساتها ، أو نقد المجتمع وبلادته الإجتماعية السياسية، وانما لابد من التوجه مباشرة الى الإشكالية الثقافية ، اللينة الصلبة ، للديمقراطية الأردنية الكلية.

وأكد ساري أن الطريق المباشر الى الديمقراطية هو تمكين الثقافة /تمكين المجتمع ، لتوليد التغيير الذاتي ، أو إستيعاب التغيير العالمي ..وتلك مهمة تنموية شاقة لأي ثقافة/مجتمع تقليدي ساكن. ولكنها مهمة مركزية لا يتوقف على نجاحها نجاح الأحزاب والمجتمع المدني فحسب، وانما نجاح السياسة والإقتصاد، العلم والتعليم ،الإعلام والإتصال ..جميعآ. و في حين ما زال يعجز عندنا التغيير التنموي (الطوعي) الذاتي ، فان احدى الفضاءات المتاحة، هي تكثيف التفاعل الثقافي مع العالم. وهذه مهمة تتيحها حركة العولمة الجارية اليوم والمتجهة ،بقوة و إصرار، نحوعولمة الإقتصاد والسياسة والإجتماع والثقافة جميعآ. وما زال عندنا كثير من الأحزاب و التنظيمات االسياسية والتيارات الفكرية ..يرى في هذا الإتجاه العالمي ليس جزءآ من الحل ..وانما هو جزء من المشكلة!!

الدكتور منير حمارنة أمين عام الحزب الشيوعي الأردني قدم ورقة حول فلسفة الحياة الحزبية الأردنية تطرقت إلى النهج الحزبي ومسيرته وبرامجه منوهاً إلى البرامج والتحديات ومسيرة الحزب الشيوعي وما رافق مسيرته من أجواء وتوترات وصعاب إلى أن أصبح عملة تحت الضوء وانطلق إلى المشاركة في الحياة السياسية والبرلمانية الأردنية.

وعن تجربتهم الحزبية أبرزت السيدة عبلة أبو علبة الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي الأردني الدور التاريخي للحركة الحزبية الأردنية وما رافق المسيرة الحزبية من توترات وأزمات متلاحقة وكيفية التعامل مع الأحزاب حسب الظروف والأجواء وجدلية البرامج السياسية والاجتماعية والاقثصادية للأحزاب والخصخصة وتآكل الطبقة الوسطى. وأبرزت في حديثها مسيرتها الطويلة في مجال العمل السياسي الحزبي وما تمخض عن هذه التجربة من انعكاسات ايجابية وسلبية مشيرة أن قانون الانتخاب لابد أن يتطور من أجل إيجاد أحزاب سياسية قادرة على النهوض بالعمل السياسي والوصول إلى حكومات برلمانية.

وفي حديثه عن تجربته الحزبية الحديثة تحدث السيد ظاهر عمرو أمين عام حزب الحياة عن سروره في البداية لتشكيل حزب سياسي بعيداً عن المصالح والمنافع يمارس دوره في التنمية وتشجيع المبدعين وإقامة ليالي حصاد يتم من خلالها تكريم المبدعين في المجالات المختلفة لكنه تفاجأ بأن الصعوبات والتحديات التي واجهت مسيرة الحزب كانت أكبر مما كان يتوقع بكثير وأن الواقع في العمل الحزبي والتعامل مع الحكومات مرير جداً.

أما الأستاذ أمجد المجالي الرئيس السابق لحزب الجبهة الأردنية الموحدة فقد تحدث عن الوضع الحزبي في الأردن منذ تاريخ نشوء الإمارة وما رافق تشكيل الأحزاب سواء كانت دينية أو قومية أو يسارية أو وطنية من تحديات عصيبة، وتطرق إلى أهمية البرامج الحزبية وأثرها في إثراء الحياة السياسية وتعزيز مسيرتها ودورها في الرقابة على الحكومات. وأشار المجالي إلى العديد من المحطات في المسيرة الحزبية والملامح التي تعمل على الارتقاء بالأحزاب وإقبال الناس عليها مشيراً إلى أن الأحزاب الناجحة هي التي تقدم برامج واقعية تستمد من حياة الناس وواقعهم وتنهض باقتصادهم وتحقق لهم العدالة والرفاه والعمل المنتج وتصل إلى حكومات برلمانية حزبية.

 

قد يعجبك ايضا