ترجيحات بنتائج متقاربة لكتلتي الصدر والحكيم ولا عودة للتحالف الوطني مجدداً

90

حصادنيوز-يتوجه العراقيون، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع لاختيار 329 نائباً يمثلهم في مجلس النواب (البرلمان) الجديد، وسط تنافس انتخابي محموم بين جميع القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية، بهدف الحصول على منصب رئيس الوزراء الجديد، الذي لن يخرج عن «العباءة الشيعية» وفقاً لعرفٍ سياسي بعد 2003 يقضي منح رئاسة البرلمان للسنّة، والجمهورية للأكراد.
ورغم السباق الانتخابي المحموم بين القوى السياسية الشيعية والسنّية والكردية، للظفر بأعلى الأصوات، غير إنه كان على أشدّه لدى القوى السياسية الشيعية، التي تعدّ محور تحالفات ما بعد الانتخابات، لضمان تحقيق الكتلة البرلمانية الأكبر.
أبرز القوى السياسية الشيعيّة المتنافسة على كسب أكبر عدد من الأصوات، هي «الكتلة الصدرية» بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري، وبعضوية قادة الفصائل الشيعية المسلحة المنضوية في «الحشد» بالإضافة إلى «تحالف قوى الدولة الوطنية» بزعامة عمار الحكيم، وزعيم ائتلاف «النصر» حيدر العبادي.
التعهدات بالإصلاح ورفض «التطبيع» مع إسرائيل، أبرز العناوين التي طرحها الصدر في الترويج «للكتلة الصدرية» فيما جاءت شعارات «وحدةّ الحشد» ورفض حلّه أو دمجه، بالإضافة إلى إنهاء التواجد الأجنبي على الأراضي العراقية، في مقدمة الحملات الدعائية لتحالف «الفتح» في حين اكتفى تحالف الحيكم ـ العبادي، بالحثّ على سيادة «منطق الدولة».
ووسط ذلك، رجّح كتاب ومحللون عراقيون أن تكون نتائج الانتخابات متقاربة بالنسبة لقطبي الشيعة «الكتلة الصدرية» و»الفتح» مستبعدين إعادة إحياء «التحالف الوطني» الشيعي في المرحلة المقبلة.
رئيس مركز كتّاب العراق، الكاتب والمحلل السياسي، واثق الجابري، يقول في حديث لـ»القدس العربي» إن «التجربة العراقية برمتها شهدت الكثير من الإشكاليات من حيث الإداء السياسي والتنفيذي، الأمر الذي انعكس على الناخب العراقي» مبيناً إن «القوى السياسية الشيعة تتحمل الجزء الأكبر من أخطاء الحكومات والبرلمانات السابقة».
وأضاف: «قانون الانتخابات الجديد الذي يعتمد على الدوائر المتعددة، جعل المنافسة (الشيعية ـ الشيعية) على أشدها، بكون إن هذه القوى تتنافس اليوم مناطقياً في المحافظات التي تعدّ معقلاً لمكوّن واحد. هناك قوى أخرى تتنافس في هذه المناطق لكن التأثير الشيعي فيها أقوى».
وأوضح إن «الاسلام السياسي له تأثير في الساحة السياسية العراقية. هناك من يتمسك بهذه القوى، حتى وإن كانت لديه بعض الاعتراضات أو من الأفكار الجديدة» مبيناً إن «قوى الإسلام السياسية استطاعت في كثير من المناسبات أن تجمع جمهوراً كبيراً، وخصوصاً جماهير الفتح والتيار الصدري وتيار الحكمة. كل هذه التيارات هي ذات قواعد إسلامية، وتستطيع أن تجمع أعدادا كبيرة من الجماهير بشكلٍ منظّم».
في مقابل ذلك «هناك حركات شبابية ومدنية وعلمانية ولبرالية تتحرك على أرض الواقع لكنها متفرقة ولم تنظّم نفسها حتى الآن».
وبشأن حظوظ «الكتلة الصدرية» أم تحالف «الفتح» في المرحلة المقبلة، أوضح أن «جمهور الكتلة الصدرية أكثر طاعة لقيادته، وعلى هذا الأساس اختارت الكتلة مرشحيها ووزعتهم على الدوائر الانتخابية» مبيناً أن «الفتح يمتلك جمهوراً أيضاً. هناك جمهور غير منظم مع الفتح لكنه يؤيده ويواليه».
ورأى أن «الكتلتين تتنافسان بقوة لدرجة يصعب التكهن في نتيجة هذه المنافسة وأيّ الكتلتين ستتقدم على الأخرى».
ووفقاً للجابري فإن «تحالف قوى الدولة واحد من القوى السياسية الشيعية التي من المتوقع أن تكون لها حظوظ في الانتخابات، على اعتبار إن القوتين (الحكيم والعبادي) يحملان نوعاً من الاعتدال وحاولوا استقطاب الشباب التشريني وتحالفوا مع عدد منهم» لافتاً إلى أن «الشخصيات التي طرحها التحالف هي شبابية ولها تأثير في المجتمع».
ورجّح أن «تكون حظوظ تحالف قوى الدولة أوفر في الانتخابات، وسيحققون أرقاماً أكثر مما تحقق في الانتخابات السابقة (2018) رغم إنها لن تكون أرقاماً كبيرة».
وعن إمكانية إعادة إحياء «التحالف الوطني» الذي مثّل القوى السياسية الشيعية في السابق، رأى الجابري صعوبة تحقيق ذلك قائلاً: «العملية السياسية وصلت إلى الانسداد السياسي، ولا بد من تشكيل تحالف أغلبية وتحالف للمعارضة، وهذا ما أجمعت عليه القوى السياسية، حتى في الوثيقة التي أعيد على أساسها الصدر إلى العملية السياسية».
وفي هذه الحالة، «ستكون الأغلبية مشكّلة من الشيعة والسنّة والأكراد- مع كل تأكيد بأن الأغلبية ستكون للشيعة- ليخرج منها رئيس جديد للوزراء، شريطة عدم خروجه عن الاجماع الشيعي، بمعنى إن رئيس الوزراء المقبل يجب أن يحظى باتفاق جميع القوى السياسية الشيعية». والحديث للجابري.
وأشار إلى إن «هناك توافقا شيعيا يُجمع على ضرورة أن يكون رئيس الوزراء المُقبل، مرضياً داخلياً وإقليمياً ودولياً، وهذا يعني إن رئيس الوزراء الجديد سيخرج من رحم الاجماع الشيعي شريطة رضى بقية الأطراف السياسية المُلتحقة بالأغلبية».
وأعتبر إن «العراق ليس بمعزل عن العالم والاطروحات والتدخلات الإقليمية، لكن في ظل التقارب السعودي الإيراني سيكون التوجه العام نحو القوى المعتدلة والعاقلة والأقل تطرفاً، والتي يمكن أن تكون وسيطاً بين الطرفين (الإيراني والسعودي). لذلك يمكن القول إن التدخلات الخارجية في المرحلة المقبلة ستكون أقل من السابق».

الإطار التنسيقي

أما المحلل السياسي العراقي، حيدر البرزنجي، فرأى أن تجربة القوى السياسية في هذه الانتخابات أفضل من سابقاتها في 2018 لكنه اتفق مع رأي التقارب في نتائج القوتين الشيعيتين البارزتين «الكتلة الصدرية» و»الفتح».
وقال البرزنجي لـ»القدس العربي»، إن «التجربة الانتخابية الحالية هي أفضل بالنسبة للقوى السياسية الشيعية من سابقاتها، بعد خوضها تجارب عدّة واستطاعت أن تتجاوز التحديات التي مرّت بها سواء كانت أمنية أو سياسية، داخلية أم خارجية» مبيناً إنه «في عام 2018 كان هناك عزوف للمجتمع بسبب سوء الأداء السياسي. هذا لا ينطبق على القوى السياسية الشيعية وحدها بل جميع القوى الأخرى».
ورأى إن «نتائج الانتخابات ستكون مقاربة بالنسبة للكتلة الصدرية، ولتحالف الفتح» موضحاً إنه «لا يمكن لكتلة معيّنة أن تحصل على عدد كبير من المقاعد كما حصل في انتخابات 2018 بل إن النتائج ستكون متقاربة».
وأضاف: «تجربة الكتلة الصدرية ومشاركتها في إدارة الحكومة الحالية- وإن كان ذلك ليس ظاهرياً- ودعمها لرئيس الوزراء، ووزرائها الذين فشلوا في الأداء التنفيذي وتم عزلهم، ناهيك عن مواجهة التيار الصدري للحراك الجماهيري ودورهم في إنهائه، جعل حظوظهم في هذه الانتخابات ضعيفة، ناهيك عن خطاب التيار الصدري وشعاره الانتخابي يؤسس لمرحلة تثير مخاوف الجمهور، خشية الإقصاء أو استبعاد الكثير من القوى الأخرى مستقبلاً».
وفيما يخص حظوظ تحالف «قوى الدولة الوطني» فأوضح أن «تحالف قوى الدولة الوطنية ستكون له حظوظ في الانتخابات الحالية، لكن هذه الحظوظ لن تكون بمستوى بقية الكتل السياسية الشيعية، فالتحالف لن يصل إلى مرحلة تنافس الكتلة الصدرية أو تحالف الفتح، على اعتبار إنه لا يمتلك تلك القاعدة الجماهيرية التي تؤهله للحصول على مقاعد كثيرة في البرلمان الجديد» مرجحاً حصول تحالف الحكيم ـ العبادي على نحو «20 مقعداً في الدورة البرلمانية الجديدة».
كذلك، أشار البرزنجي إلى أن «هناك تحالفاً في الواقع تحت مسمى (الإطار التنسيقي) يضم القوى السياسية الشيعية، وهو موجود بالفعل وعقد نحو 35 اجتماعاً» موضّحاً أن «رئيس الوزراء الجديد سيخرج من الاطار التنسيقي الشيعي».
وكشف البرزنجي عن «وضع ضوابط وآليات لاختيار رئيس الوزراء».
وزاد: «لا يمكن إعادة إحياء تحالف وطني يضم كل القوى السياسية الشيعية» لكنه أشار إلى «وجود قوى متقاربة مثل دولة القانون (بزعامة نوري المالكي) وتحالف الفتح (بزعامة العامري) وحركة حقوق (الممثل السياسي لحزب الله في العراق) وغيرها، لكن التقارب بين هذه الكتل والكتلة الصدرية أمر مستبعد جداً».
وكان من المقرر إجراء الانتخابات في حزيران/يونيو 2021 ولكن تم تأجيلها لأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات طلبت مزيدًا من الوقت لتنظيم «انتخابات حرة ونزيهة» والتي وافق عليها مجلس الوزراء العراق في 19 كانون الثاني/يناير 2021.
ويبلغ عدد سكان العراق 40.2 مليون نسمة، 60 في المئة منهم دون سن الـ25 وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
ويبلغ عدد الناخبين في هذه الانتخابات 25 مليونا يتوزعون على 83 دائرة انتخابية و8273 صندوق اقتراع. أما عدد الناخبين الذين يمكن لهم نظريا التصويت فهو 23 مليونا كونهم أصدروا البطاقات الانتخابية البيومترية.

قد يعجبك ايضا