بي بي سي: لماذا تواصل الدول الأفريقية دعم الصين في اضطهادها لمسلمي الإيغور؟

49

حصادنيوز-نشرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تقريرا لديكنز أولوي، تساءل فيه عن سبب تردد الدول الأفريقية في دعم الغرب في نقده لسجل الصين في حقوق الإنسان، وبالتحديد معاملتها للمسلمين الإيغور في إقليم تشنجيانغ.

بل على العكس حضر عدد من الدبلوماسيين الأفارقة مناسبة في العاصمة الصينية بكين أثنوا فيها على سياسة الصين في الإقليم. وتحتجز السلطات الصينية حوالي مليون مسلم في نظام معسكرات الاعتقال وسط اتهامات بممارسة عمالة السخرة وتعقيم المسلمات والتعذيب والإبادة، وهي اتهامات تنفيها الصين. ودافعت الحكومة الصينية عن المعتقلات قائلة إنها مراكز تدريب مهني و”إعادة تعليم” لمواجهة الإرهاب والتطرف الديني على حد تعبيرها.

ونقل الكاتب ما قاله سفير بوركينا فاسو، أداما كومباري، أثناء لقاء عقد في شهر آذار/ مارس تحت عنوان “تشنيجانج في عيون السفراء الأفارقة للصين”: “تقوم بعض القوى الغربية بالمبالغة بالموضوعات التي يقولون إنها تتعلق بتشنجيانغ خدمة لأغراضهم”.

وشارك في المناسبة، السودان والكونغو برازافيل التي قال مبعوثها دانيال أوسواسا، حسبما نُقل، إن بلاده تدعم ما قال عنها الإجراءات الصينية لمكافحة الإرهاب في المنطقة. وقال إنه “يثمن الإنجازات العظيمة في تشنجيانغ في السنوات الأخيرة وفي كل المجالات”.

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن اللقاء هو مثال عن سكوت الأفارقة عن القضايا الدولية الملحّة. وفي بيان لفرع المنظمة في أفريقيا، قالت مديرته كارين كانيزا: “ربما كان لقاء روتينيا لكن استعداد الحكومات الأفريقية للصمت على قمع الصين له تداعيات كبيرة”.

وأضافت أن “الأفارقة شجبوا لا مبالاة الدول لمأزقهم وحاولوا الحصول على تضامن دولي مع معاناتهم”.

لكن إيجيومي أوتوبو، الزميل غير المقيم في معهد الحكم العالمي في بروكسل، يرى أن القادة الأفارقة لديهم فهم مشترك مع الصين قائم على مجالات ثلاثة: حقوق الإنسان والمصالح الإقتصادية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

 لكن مواقف الدول الأفريقية المؤيدة للصين تجعلها على تضاد مع الدول الغربية عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان. ففي أثناء تصويت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف حول قانون الأمن الوطني المتعلق بهونغ كونغ، والذي أنهى استقلالية الإقليم، صوتت 25 دولة أفريقية إلى جانب الصين، وهي أكبر مجموعة من أية قارة.

وبعد أشهر، لم توقع ولا دولة أفريقية على بيان توبيخ للصين على سجلها في حقوق الإنسان في تشنجيانغ وهونغ كونغ والتيبت، وهو البيان الذي دعمته الدول الغربية. وتتهم الدول الغربية حكومات أفريقيا بمنح الأولوية للمنافع الاقتصادية بدون اعتبار للقضايا الدولية.

ويقول إريك أولاندر، مؤسس مشارك لمشروع الصين أفريقيا، إن عدم استعداء الدول الأفريقية للصين هو “أولوية أهم في السياسة الخارجية”. وأضاف: “أن هؤلاء النقاد لا يفهمون أن هذه الدول الفقيرة النامية، الكثير منها مدين لبكين وتعتمد على الصين في معظم تجارتها، ولن تكون قادرة على تحمل التداعيات الناجمة عن إغضاب الصين”. وهناك عامل آخر، وهو تاريخي يتركز على مساعدة الدولي الأفريقية في عام 1970 الصين للانضمام إلى الأمم المتحدة وسط معارضة الولايات المتحدة. و”منذ ذلك الحين توطدت العلاقات” كما يقول كليف أمبويا، المحلل بالشؤون الصينية- الأفريقية ومقره في نيروبي. ويضيف: “على مدى 30 عاما، كان وزراء الخارجية الصينيون يزورون الدول الأفريقية في بداية العام الجديد، مما يعني أن استثمارهم طويل الأمد ويترك انطباعا قويا على الأفارقة”.

وربما لم يعجب هذا الشباب الأفارقة الذي يعجبون أكثر بالولايات المتحدة، حسب دراسة أخيرة “للباروميتر الأفريقي”. إلّا أن الجيل السابق وقادة الحكومات يحملون مشاعر مختلفة وما دفعهم للبحث قبل 20 عاما للبحث عن دعم الصين في مشاريع البنية التحتية والتي غيرت صورة القارة عبر شبكة ضخمة من الجسور والسكك الحديدية والطرق والموانئ وبنى الإنترنت بشكل يؤكد أن القارة ليست بعيدة عن الاقتصاد الرقمي.

وتشكل بعض هذه المشاريع جزءا من مبادرة الحزام والطريق التي وقعت عليها 46 دولة أفريقية. وتساءل أوتوبو عما يقابل هذه الجهود من الغرب، مضيفا أن من الصعوبة مزاوجة الجهود الصينية. ويرى أولاندر أن غياب الشفافية في العقود الضخمة التي وقعت بين الصين ودول القارة جعلت البعض يتحدثون عن “مصيدة الدين” لهذه الدول مع أنه تم دحض هذه النظرية. وستكون موضوعات مثل تخفيف الدين والحصول على لقاحات كوفيد-19 من أهم الموضوعات في منبر التعاون الصيني الذي يعقد كل ثلاثة أعوام وستستضيفه السنغال هذا العام.

ومنذ تفشي وباء كورونا، كانت الأعلام الصينية أمرا مألوفا في مطارات القارة الأفريقية، حيث تشير لوصول المعدات الطبية وأجهزة الحماية، وشحنات من اللقاح الصيني. وانتفعت 13 دولة أفريقية مما أطلق عليها “دبلوماسية اللقاح” التي إما اشترتها أو وصلت كتبرعات.

ومقارنة مع الجهود الصينية، لم يصل من بريطانيا والولايات المتحدة أي دعم لمواجهة الوباء، باستثناء برنامج كوفاكس الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية وتدعمه الصين. ووفر كوفاكس 18 مليون لقاح لـ41 دولة أفريقية. وأصبحت دبلوماسية اللقاح سباقا عالميا، حيث حذر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الدول من تلقي اللقاحات الروسية والصينية وانتظار اللقاحات الدولية التي اعتمدت على دراسات.

ولم يكن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن واضحا مثل راب، بل أخبر طلابا أفارقة: “لا نطلب منكم الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، ولكنني أشجعكم على سؤال أنفسكم أسئلة صعبة والبحث تحت السطح والمطالبة بالشفافية واتخاذ قرارات قائمة على معرفة”.

ولا تستطيع الدول الغربية المنافسة في مشاريع البنية التحتية أو القروض، وليست لديها أوراق انتقامية ضد من يتخذون موقف الصين، ولكنها تعتمد على الكليشيهات مثل الديمقراطية والاستثمار في الاقتصاد الحر. وفي الوقت الحالي، فمن المستبعد قيام الدول الأفريقية بالتحرك ضد قادة الصين وجلبهم إلى محكمة الجنايات الدولية بسبب معاملتهم للمسلمين الإيغور، كما حدث لزعيمة ميانمار السابقة أونغ سان سوتشي عام 2019 عندما تقدم وزير العدل السابق في غامبيا بدعوى ضد البلد بسبب معاملتها للمسلمين الروهينجا. وحصل أبو بكر تامدو على دعم منظمة التعاون الإسلامي وأعضائها الـ57 منهم 27 دولة أفريقية. ودعم الغرب التحرك، ونتج عنه طلب محكمة الجنايات الدولية من ميانمار اتخاذ إجراءات لمنع الإبادة.

قد يعجبك ايضا