فايننشال تايمز: حتى السعودية وإيران تفكران بالسلام على ما يبدو
حصادنيوز-تحت عنوان “حتى السعودية وإيران تفكران بالسلام على ما يبدو” قال ديفيد غاردنر في صحيفة “فايننشال تايمز” إن ساكن البيت الأبيض الجديد ترك أثره على المنطقة الملتهبة والتي تعتبرها الولايات المتحدة المزود الرئيسي لـ “الحرب الدائمة”، وذلك بعدما خرج منه مشعل الحرائق الجيوسياسية دونالد ترامب.
ويحاول فريق بقيادة روبرت مالي، المبعوث الخاص إلى إيران، إحياء المعاهدة النووية التي وقعت عليها إدارة باراك أوباما مع خمس قوى عالمية أخرى والتي خرج منها ترامب في 2018.
وأثارت المحادثات غير المباشرة في فيينا والتي يتنقل فيها بقية الموقعين على الاتفاقية بين الأمريكيين والإيرانيين، الآمال وإن كانت قصيرة المدى.
وفي الوقت نفسه، كشفت “فايننشال تايمز” عن اجتماع سري بين السعودية وإيران في بغداد والبحث عن طرق لرأب الصدع بين الدولتين. وربما كانت هذه المحادثات استكشافية، لكنها تتواصل بين طرفي النزاع السني- والشيعي الذي يقف على الجوانب المتضادة في حروب الوكالة. ولو أخذت هذه التحركات مجموعة فتبدو وكأنها رقصة وتقارب بدون أن يكون هناك مصمم رقصات ماهر. لكن هذا واضح من محاولات إسرائيل الصارخة لتخريب دبلوماسية بايدن النووية، فحملتها الجوية ضد أرصدة إيران في سوريا والجماعات الوكيلة عنها في لبنان والعراق بالإضافة إلى عمليات الاغتيال للعلماء الإيرانيين والتخريب للمنشآت النووية، هي ضمان بألا تتخلى إيران عن صيغتها الوكيلة التي تقوم على ميليشيات بصواريخ.
وخرجت “حرب الظل” الإسرائيلية لضوء النهار الواضح هذا الشهر بعملية التخريب التي استهدفت مفاعل نطنز، المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم. وجاء الهجوم في وقت وصلت فيه محادثات فيينا إلى مرحلة إقناع إيران العودة والالتزام بمبادئ اتفاقية 2015 والتي قيدتها ووضعتها تحت تفتيش ورقابة دولية وسمحت لها بتخصيب نسبة 3.67% من اليورانيوم. وكرد على عقوبات ترامب زادت إيران النسبة إلى 20% وردت على هجوم نطنز برفع النسبة إلى 60% وهي خطوة كبيرة نحو الوصول إلى نسبة 90% من اليورانيوم النقي الضروري للسلاح النووي.
وتقول طهران إن هذا الإجراء مهم لإظهار أنها قادرة على الضرب من جديد، وكذا حصولها على الدورة النووية التي تراها رادعا ضد السلاح النووي الإسرائيلي. ولكنها قالت إن نسبة 60% يمكن التراجع عنها. وبشكل مثير فعمليات التخصيب في نطنز كانت تتم تحت الأرض، ولكنها تجري في العلن لاستفزاز بنيامين نتنياهو للقيام بمحاولة أخيرة وتحدي راعيته الولايات المتحدة لكي تضبط تصرفاته.
ويتعامل بايدن مع نتنياهو بشك نابع من معرفة طويلة. وبنفس الطريقة يتعامل بعدوانية مع ولي العهد السعودي والذي على خلاف نتنياهو لا دعم كبيرا له في الكونغرس. وربما كان هذا السبب وراء بحثه عن مدخل بديل عن النهج الصدامي الذي تتبناه إسرائيل. وأشار الكاتب إلى بالون اختبار ظهر في مقال نشر في كانون الثاني/يناير بصحيفة “الغارديان” وناقش فيه كل من عبد العزيز صغير وحسين موسويان المرتبطان بالجانبين السعودي والإيراني، أهمية التعاون الذي يأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمنية للبلدين. ويبدو أن هذه المحادثات الأخيرة بدأت تقوم بالمهمة.
وقال الكاتب إن ولي العهد السعودي هدد في عام 2017 بنقل الحرب إلى الأراضي الإيرانية، وبعد عامين غير نبرته. ففي أيلول/سبتمبر 2019 شنت إيران هجمات صاروخية وبالطائرات المسيرة على منشأة النفط في كل من أبقيق وخريص، وبعمل هذا كشفت إيران عن مكامن الضعف السعودي. ومع أن المملكة أنفقت مليارات على منظومة باتريوت إلا أنها فشلت في اكتشاف الهجوم الذي جاء على موجتين كما قال مسؤول عربي بارز. ولم ترد السعودية. كما كشف الهجوم على المنشآت النفطية السعودية أن أمريكا ليست درعا أمنيا يمكن الثقة به. وتباهى ترامب بأنه جاهز لإطلاق النار ولكنه استنتج سريعا أن السعودية هي التي تعرضت للهجوم وليس أمريكا.
وتظل محاولات بايدن إعادة ضبط العلاقة مع إيران صعبة لكن محاولات السعودية للبحث عن تنافس جيوسياسي مع إيران وليس مواجهة تساعده.