من قصص التحرش الجنسي في الاردن ..

36

imgid166735

حصاد نيوز – جاءت الدراسة التي أجراها اخيرا باحث أردني عن تعرض 53% من الأردنيات للتحرش الجنسي بأنواعه المختلفة، لتكشف ان أكثر أنواع التحرش الجنسي شيوعاً في الأردن هو «التحرش اللفظي»، يليه «التحرش بالنظر والإيماءات»، ثم «التحرش باللمس»، ثم باستخدام وسائل الاتصال المختلفة.
وعزت الدراسة التي أعدها الباحث في دراسات السلام والنزاعات محمود جميل الجندي، التي حملت عنوان «التحرش الجنسي جريمة بلا دليل»، أسباب التحرش إلى عدة عوامل منها: الوضع الاقتصادي الصعب والفقر والبطالة، وقلة الوعي الديني والثقافي للمتحرشين، ولباس المتحرش بها، والانتشار الواسع لوسائل الإعلام والاتصال. واستهدفت الدراسة عينة ممثلة من النساء في خمس محافظات أردنية مختلفة.
«الدستور» سلطت الضوء على هذا الموضوع الذي يعتبر دخيلا على قيم وعادات وتقاليد المجتمع الاردني، وهي من اهم الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي ظهرت في مجتمعاتنا الحديثة مع التطور العلمي والثقافي والتكنولوجي والاعلامي وتفتح الاخلاق والقيم بعد ابتعاد الانسان عن العقائد والديانات السماوية وانفتاح الانسان على الغير انفتاحا قائما على الافتتان والافساد والتحرش حتى وصلت لتحطيم القيم، ذلك دون ان نغفل ان هذه الظاهرة ازدادت مع تدفق الهاربين من بلادهم من ويلات ربيعهم العربي «المزعوم» حيث كشفت الدراسات انها تأتي من مقيمين ووافدين.

 قصص مرعبة
وفي هذا المجال حصلت «الدستور» على قصص حقيقية وردت الى مركز الجسر العربي لحقوق الانسان في دراسة بهذا الخصوص، تتحدث عن تجارب مريرة عايشتها ضحايا من اشخاص وحالات تدمي القوب ونستعرض بعض تلك القصص والتي نضع اسماء وهمية لمرسليها:
* تقول سماح «17 سنة» مررت بتجربة سيئة منذ أن كان عمري 13 سنة، حيث تعرضت للتحرش من سائق الأسرة الذي ظل يتحرش بها بواسطة اللمس، حتى جاء يوم البلوغ وبدأت أتعرف على معنى هذه المسألة، وألوم الأسرة على وضع الثقة دون متابعة، ولكني أكره نفسي وأسرتي والمجتمع، وحتى يوم ذهبت إلى طبيب نفسي تعرضت إلى تحرش مماثل من ممرض يعمل لديه، ولم اعد مرة أخرى، انني اكره المجتمع ولا أستطيع الاحتجاج خوفا من الفضيحة.
* تؤكد «نجوى» وتعمل مدرسة انها تتعرض للتحرش اللفظي خاصة من بعض سائقي سيارات التكسي الذين يضعون اغان هابطة خادشة للحياء وان السائق يبدأ انحطاطه الاخلاقي بتركيز النظر بالمرآة والتمتمة بعبارات وقحة.
* تقول «سناء» انها تعرضت إلى ذلك من شخص يكبرها بأكثر من 20 سنة، وكان اعتقادي بأنه شخص فوق الشبهات، وسذاجتي واستغلاله لمكانته دور أساسي في أن يستمر حتى مارسها بشكل كامل، حتى الآن لم ألاحظ أو يلاحظ أحد أي تغيرات طرأت علي وكتمت الأمر عن الكل، ولا أدري ما العلاج.
* اما سوسن وهي موظفة فتشير الى انها تتعرض لتحرش لفظي ايضا من بعض زملاء العمل وتضطر لطلب نقل من ذلك القسم ولا تتقدم بشكوى خوفا مما يترتب على ذلك من اطلاق شائعات وغيره.
* وتقول «حنان»: نعم تعرضت إلى التحرش الجنسي أكثر من مرة من أحد أقربائي ومن صديق أخي.. إنها كارثة لا زلت أعاني منها إلى الآن.. حالتي النفسية سيئة، ولم استطع أن أخبر عائلتي لأنني اعرف سلبية المجتمع العربي من هذه الجهة.. فالتزمت الصمت وكتمت الموضوع إلى أن ذكرته هنا، وأقول: تتعامل العائلة مع الطفل كالدمية، إذا بكت يلعبون معها، وإذا مرضت يحاولون تغيير بطاريتها. إنها فعلا مأساة!!..
* تقول «ساجدة» 20 سنة: تعرضت إلى التحرش اللفظي الجنسي، وقد حاول أشخاص التحرش الفعلي بي لكن حفظني الله تعالى ثم أنني دافعت وهربت، ورأيي أنه لا بد من علاقة حميمة مع الوالد والإخوة الكبار أو مع شخص مؤمن واع.
* بدورها تقول «مروى» 25 سنة: تعرضت إلى تحرش جنسي وأنا في الخامسة عشرة من عمري من قبل شخص «وافد» يعمل بوابا في العمارة التي تقع فيها شقتنا، ولكني استطعت أن افلت من ذلك المتحرش، ولم اخبر أحدا لأنني باختصار في مجتمع شرقي.
* فيما قررت «رنا» التوقف عن عملها في احدى الشركات بعد تكرار «التحرش اللفظي» بها من قبل بعض الزبائن خاصة انها شعرت ان مدير الشركة يطلب منها تقبل تجاوزات بعض الزبائن لذلك قررت ترك عملها.
ظروف التحرش وأنواعه
أمام ذلك يقول رئيس مركز الجسر العربي لحقوق الانسان الدكتور امجد شموط ان التحرش الجنسي الذي يدخل في خانة «السلوك الحيواني» ظاهرة اجتماعية ونفسية في بلدان عدة لكنها في الاردن لا تشكل ظاهرة، رغم تناميها في الاونة الاخيرة، الامر الذي يفرض ايجاد اطار تشريعي يعالجها قبل تفاقمها وتحولها الى ظاهرة مقلقة.
نوه شموط ان للتحرش انواعا، منها تحرش جنسي شفوي «ملاحظات وتعليقات جنسية هابطة» وطرح «اسئلة جنسية» و»نكات بذيئة» والالحاح في طلب لقاء..الخ.. فيما التحرش الثاني هو تحرش جنسي غير شفوي «نظرات موحية» و»الايماءات» و»التلميحات الجسدية»، فيما التحرش الثالث هو تحرش جنسي بسلوك مادي «بداية باللمس والتحسس»، وانتهاءً بالاعتداء.
وبين شموط ان ظروف «التحرش» تتشابه وتتنوع اماكن التحرش والتي عادة ما يتورط بها «ذكور» تجاه «اناث» وقد تزداد تلك الحالات في اماكن العمل والاماكن المزدحمة، والخلوات وسيارات التكسي واماكن وظروف يغيب عنها الشهود وتتعاظم المشكلات النفسية للمرأة الضحية، والتي عادت ما تتحرج من تقديم شكوى خوفا من تداعياتها، مطالبا بتجريم فعل التحرش بما تكفله مبادئ حقوق الانسان العالمية «كالحق في المساواة وعدم التمييز، والعمل، وتكافؤ الفرص، وقبل كل شيء الحق الاساسي في احترام كرامة الانسان وحريته».
 تنقلب التهمة على الضحية
من جانبه طالب الناشط الاجتماعي المحامي مهدي صالح العطيات بتضمين قانون العقوبات نصاً جرميا يتعلق بالتحرش الجنسي اسوة بتجارب دول عربية مثل مصر وتونس والمغرب، وسوريا باعتبارها صفة تأخذ منحى الجريمة.
ويضيف العطيات ان التحرش يعتبر بمثابة «جريمة مسكوت عنها» نظرا لكون عنصر الشهود في الجريمة يؤثر على مجريات القضية فيما لو فكرت المرأة التحرك قضائيا كون الجريمة تتم في ظروف لا يتواجد فيها اشخاص وبأماكن غير مأهولة.
ولفت العطيات ان المادة (320) من قانون العقوبات ليست رادعة في معاقبة المتحرشين والتي تنص على ان «كل من فعل فعلاً منافياً للحياء او ابدى اشارة منافية للحياء في مكان عام او في مجتمع عام او بصورة يمكن معها لمن كان في مكان عام ان يراه،  يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر او بغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً»، مبينا ان ذلك غير مقنع وقد آن الاوان لتجريمه.
 تكتم شديد على الجريمة
من جانبه، طالب المستشار المحامي زهير محمود كريشان بتضمين قانون العمل نصوصا صريحة جديدة من شأنها حماية الضحية في مواقع العمل نظرا لكون اماكن العمل الاكثر انتشارا لوقوع التحرش ووضع عقوبات مشددة بحق المتحرش كما هو الحال في قانون الحماية من العنف الاسري يحمي اي اعتداء قد يحصل داخل افراد الاسرة الواحدة في المنزل وكذلك الحال في قانون العقوبات بما يحدث خارج اسوار المنزل، بينما اماكن العمل فلا يوجد ذلك.
وكشف كريشان ان نسبة قضايا التحرش بالنساء في أماكن العمل تكاد تكون منعدمة في المحاكم، الموجود منها يعالج بشكل سري، حيث تلجأ معظم النساء المتحرش بهن في أماكن العمل من طرف المدير أو حتى الزميل إلى التكتم والتستر عن مثل هذه التصرفات الخادشة للحياء.
كما أشار كريشان في السياق ذاته إلى أن «الكثير من النساء اللواتي يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن العمل يفضلن السكوت عن هذه الممارسات كون إثبات جرم التحرش أمام القاضي أمراً صعباً جدًا نظرًا إلى أن معظم هذه القضايا تفتقر إلى غياب الأدلة القانونية المؤكدة للواقعة، وهو ما سيحول مسار القضية في الكثير من الأحيان إلى محاولة تلفيق جرم التحرش بحق هذا الشخص.
 آثار نفسية خطيرة
وعن الآثار النفسية للظاهرة التي تصيب ضحايا التحرش يقول الدكتور عايد الخولي أن أغلب النساء العاملات المتحرش بهن في أماكن العمل من طرف أصحاب العمل أو الزملاء يعانين من أمراض نفسية عديدة، مبينا ان المرأة المتحرش بها قد تصاب بانهيارات عصبية خطيرة، خاصة إذا كانت غير قادرة على مغادرة مكان العمل، وهو ما يعني بطبيعة الحال بقاءها تحت الضغط الذي قد يسبب لها انهياراً عصبياً، أما إذا كانت قادرة على مغادرة مكان العمل وتفادي الشخص الذي يقوم بالتحرش بها جنسيًا، فإنها ستكون حذرة جداً في علاقاتها حيث تظل هذه التجارب السيئة راسخة بذهنها وتراكمات سلبية بنفسية مهزوزة.
 رأي الشرع
من جهته، قال الشيخ احمد الرحاحلة «استاذ شريعة» انه ومن نتائج ضعف الوازع الديني في نفوس الكثيرين وانحسار أثره فيها، ما فُوجئت به المجتمعات وخاصة الإسلامية بين الفينة والفينة من مظاهر ذلك وتداعياته، والذي تظهر آثاره في انتشار مقاهي «الإنترنت» ونواديه، وانكباب الجنسين في هذه المقاهي والنوادي وغيرها على اتصال أفراد كل جنس بأفراد الجنس الآخر عن طريق ما يُسمي (chattig) الذي يعدُّ نوعًا من التحرُّش الجنسي بين مَنْ يستخدمونه، أو الدخول إلى المواقع التي تبث أو تعرض صورًا لا يحل مشاهدتها، وغير ذلك مما أتاحته شبكة «الإنترنت» هذا فضلاً عمّا يفعله بعضهم من مطاردة النساء في مواضع تجمعهن، كالأسواق أو معاهد العلم ومدارسه، أو اماكن العمل وغيرها، والتي تصل في بعض الأحيان إلى حد إسماع الأنثى كلمات الغزل، أو وصفها بأوصاف بغية لفت انتباهها، أو تضييق الطريق عليها، سواء أكانت تسير مُترجلة أم راكبة بمفردها مع غيرها، وإلقاء البطاقات التي تحمل أرقام الهواتف بداخل السيارة، أو ملاحقتها بسيارته لإرباكها وإجبارها على التوقف إن كانت تقود السيارة، أو إكراهها بذلك على السير في الطريق الذي يريدها أن تسلكه، ونحو ذلك.
وبين الرحاحلة أن الإسلام بهذا «يحرم ويجرم» كل فعل يفعله المسلم بغير حق ويؤذى به آخر حتى ولو كان مجرد نظرة، وقد حذر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من إطلاق العنان للبصر يصول ويجول فى النظر إلى ما حرم الله وجعل ذلك فى حكم الزنا وسببا له ومقدمة من مقدماته، وقد وضعت الشريعة الإسلامية عقوبات للتحرش بأنواعه الثلاثة سواء كان بالنظر أو القول أو الفعل وجعل التعزير عقوبة التحرش، والتعزير هو تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود، وهو يختلف بحسب اختلاف الذنب واختلاف المذنب، والأمر فى ذلك مرجعه إلى ولي الأمر فهو الذى يقدر العقوبة وفقا لحجم الجريمة ومكانة المذنب لأن مشكلة التحرش الجنسي تقلق المجتمع فهو غالبا يؤدي لوقوع جرائم مثل الاغتصاب أو الزنا أو هتك العرض أو القتل، ولذلك ينبغى الاجتهاد لمقاومة ومكافحة تلك الظاهرة من خلال تقوية الوازع الديني وبيان الحكم الشرعي للتحرش وهذا دور علماء الدين ووسائل الإعلام المختلفة، وكذلك ضرورة تقوية الروابط الأسرية ونهوض الأب والأم بواجبهما في رعاية الأبناء وتوجيههم ومراقبتهم، أيضا ضرورة النص على هذه الجريمة فى قوانين العقوبات واعتبارها من الجرائم المخلة بالشرف، وكذلك ضرورة مقاومة التعري والأفلام الماجنة وكل ما يؤدى إلى الانحلال وإثارة الغرائز ومراقبة الأماكن العامة التى يكثر بها التحرش. الدستور

قد يعجبك ايضا