العقبة: قنابل موقوتة بين الأحياء السكنية

22

53124_1_1389822749

حصاد نيوز –  شهدت ظاهرة بيع البنزين المهرب بين الأحياء السكنية وعلى قارعة الطريق مؤخرا اتساعا في مدينة العقبة التي تكتظ بالعديد من المركبات والمواطنون، فيما تحولت بعض المنازل إلى مستودعات بنزين لتشكل قنابل موقوتة تنتظر شرارة خاطئة لتسفر عن كارثة حقيقية.

ويقدر مسؤول في العقبة عدد المواقع التي يباع فيها البنزين عبر “جالونات بلاستيكية” بأكثر من 100 موقع، فيما لم يتخذ أي إجراء حقيقي تجاه ما بات يعرف بـ”تجار البنزين المهرب”، من قبل الجهات المعنية.

ويطرح استمرار عمليات بيع البنزين المهرب على قارعة الطريق تساؤلات عن أسباب صمت الجهات المعنية وفي مقدمتها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.

وأمام هذا الواقع بات العديد من سكان الأحياء التي يخزن بها البنزين بمثابة أحياء ملغومة وفق ساكنيها الذين أبدوا استياءهم إزاء عدم اتخاذ أي إجراءات بحق المتاجرين بالبنزين، لا سيما أن طريقة تخزين البنزين غير سليمة ولا تتوفر فيها عناصر الأمان.

ووفق مطلعين، يصل البنزين المهرب إلى العقبة عن طريق استبدال خزانات وقود الشاحنات أو السيارات القادمة من الدول المجاورة وبالتحديد المملكة العربية السعودية أو تعديل تلك الخزانات لتتسع لأكبر كمية ممكنة، حيث ينشط في هذا النوع من التهريب السائقون الذين يعملون بقطاع النقل، أما بالنسبة للطريقة التي يتم فيها تسويق البنزين المهرب فتتم على مرأى الجهات المعنية دون القيام بأي إجراءات تكفل عدم انتشار هذه الظاهرة.

وكانت دائرة الجمارك العامة قد قررت في العام الماضي بعد السماح باستخدام خزانات إضافية للسيارات التي تتنقل بين الأردن والسعودية ومصادرة أي كمية بنزين صادرة إلى الأردن، إضافة إلى من يتكرر خروجه من الأشخاص والمركبات 6 مرات شهريا أو خلال ستة أشهر، وكذلك من يعبر الحدود خروجًا من المملكة ويعود خلال ساعتين أو أقل عن طريق منافذ (الحديثة وحالة عمار والدرة) يعتبر مخالفًا، وعند ذلك يستوفى من كل مالك مركبة أو سائق مركبة يسجل خروج أي منهما خلال عشرة أيام فارق السعر المحلي (المدعوم) مع السعر العالمي لكامل خزان المركبة القياسي.

وتقف مفوضية العقبة الاقتصادية الخاصة عاجزة عن اتخاذ أي قرار بإغلاق المحلات أو حصر تلك المستودعات التي تخزن بها البنزين المهرب.

ويقول صاحب محل تجاري في العقبة وبالقرب منه محل لبيع البنزين ان محله وبقية المحلات التجارية مهدد بالحريق جراء انتشار بيع البنزين المهرب، والتي لا تتقيد بشروط السلامة العامة، مبينا أنه تقدم أكثر من مرة بشكوى لدى مفوضية العقبة الاقتصادية الخاصة، لكن الظاهرة تأخذ بالانتشار يوماً بعد يوم.

ويضيف مأمون سلامة أن رائحة الشارع أصبحت لا تطاق، مشيراً أن محلات البنزين المهرب في الوسط التجاري وبين الأحياء السكنية تشكل خطراً على سلامة المواطنون والممتلكات الخاصة والعامة، مطالباً سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بإجراءات رادعة وإغلاق كافة المحلات.

ويؤكد عدد كبير من أصحاب المركبات ممن ضاق بهم الحال وأجبروا على شراء البنزين المهرب، أنهم تعرضوا للنصب والخداع وآخرون تعطلت مركباتهم وأصيبت بأضرار نتيجة خلط مواد أخرى مع البنزين لتحقيق أكبر عائد مالي.

ويقول إبراهيم الرواشدة سائق إحدى المركبات إنه تعرضت لخدعة كبيرة عندما اشترى صفيحة من البنزين المهرب من وسط المدينة، حيث تبين بعد شرائها أنها كانت معبأة لنصفها فقط ولم تكن ممتلئة، حيث قام البائع بإفراغها في “تنك” السيارة ووضع يده على مقدمة الصفيحة، مبينا أنه لاحظ بعد مسيره بالمركبة أن كمية البنزين التي اشتراها قليلة كون مؤشر البنزين لم يرتفع إلا قليلا وليس كالمعتاد، وعند عودته للبائع كاد أن يحدث شجار معه.

ويضيف عماد الفقير أنه معتاد دائماً على شراء البنزين من إحدى محطات الوقود وبالصدفة وجد محل بوسط مدينة العقبة يبيع بنزين، مشيرا إلى أنه ملأ سيارته، وبعد أيام أجبر على إرسالها إلى الورش الفنية، وتبين بعد الفحص أن البنزين تم خلطه بالماء.

في المقابل يقول تجار يبيع البنزين المهرب إنهم يبيعون البنزين المهرب ذا المنشأ السعودي بسعر اقل من محطات الوقود في المدينة، ما دفع أصحاب المركبات إلى الاعتماد على البنزين المهرب، مشيرين أن أغلبهم عاطلون عن العمل وأن ما يقومون به يؤمن حياة كريمة لهم ولأسرهم.

من جانب آخر، يشتكى مستثمرون في محطات بيع مشتقات النفط من استفحال ظاهرة البنزين السعودي المهرب في المدينة، ما أدى إلى تراجع الطلب على مادة البنزين لديهم كلما زادت وفرة البنزين السعودي في المدينة.

سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وعلى لسان مساعد مفوض البيئة رئيس لجنة السلامة العامة في السلطة هاشم القضاة قال إن مطلع الاسبوع المقبل سيشهد إجراءات مكثفة ومتتالية ليلية وصباحية على المحلات والمناطق التي يباع فيها البنزين المهرب، والذي يشكل خطراً كبيراً على حياة المواطنين.

وأكد القضاة أنه يوجد تنسيق مشترك مع الجهات ذات الاختصاص والعلاقة مثل الجمارك والمحافظة، وتمت مخاطبتهم بهذا الموضوع للقضاء على هذه الظاهرة، ولم يخفي القضاة أن الإجراءات السابقة التي تم اتخاذها بشأن إغلاق محلات البنزين لم تكن ضمن المستوى المطلوب، لكنه أكد مواصلة هذه الإجراءات بشكل أكبر مما كانت عليه بدءا بضبط الحدود بالتعاون مع الجمارك الى تسفير العمال الذين يمتهنون هذه المهنة وإغلاق المحلات نهائياً ومعاقبة صاحب المنطقة أو المحل الذي تباع فيه مادة البنزين بالتنسيق مع المحافظة والشرطة.

من جهته، قال مصدر جمركي في العقبة إن دور جمارك العقبة ينحصر على النقاط الحدودية ولا توجد أي صلاحيات للجمارك داخل المدينة، مبيناً أن دخول البنزين المهرب يتم عن طريق مواطنين مجاورين لمنطقة الدرة بواسطة تنكات داخلية بسياراتهم، مشيراً الى أن الجمارك تقوم بالتفتيش والكشف الدقيق على المركبة التي تدخل الى الاردن، وإذا اكتشف وجود بنزين مهرب داخل المركبة، وهو عادة ما يكون في تنكات احتياطية، يقوم افراد الجمارك بتفريغ حمولة البنزين المهرب.

وأكد أنه لا يوجد نص قانوني لتفريغ المركبة بالكامل من البنزين، إلا انه يقتصر ذلك على تفريغ البنزين من التنكات الاحتياطية.

وكان عدد من النشطاء وسكان مدينة العقبة قد تناقلوا عبر رسائل إلكترونية مقاطعة البنزين المهرب السعودي.

ودعا النشطاء الجهات المسؤولة في المدينة إلى إيجاد حلول جذرية وضبط ظاهرة انتشار وبيع البنزين السعودي التي أخذت بالتوسع الكبير في المدينة وبأساليب عرض وبيع جديدة تنطوي على مخاطر كارثية نظرا لانعدام شروط السلامة العامة للتعامل مع مادة شديدة الانفجار ووسط ارتفاع حاد جدا لدرجات الحرارة خاصة في فصل الصيف.

وأوضح مواطنون أن بيع البنزين في (الأحواش) غير المجهزة أو في سيارات متجولة ينطوي على خطورة كبيرة جدا، مشيرين الى هذه المادة اعتاد عليها سكان المدينة وزوارها وهي تحل مشكلة عدم توفر هذه المادة في بعض الأحيان في المحطات، خاصة أنها كانت تباع بأسعار محفزة للمواطنين، وبفارق كبير عن سعرها في محطات الوقود بأقل بأربعة دنانير عن سعرها الحقيقي وتحقق للتاجر ربحا معقولا.

قد يعجبك ايضا