كل ما تريد أن تعرفه عن مشوار ”النشاما” التاريخي

عُرفت كرة القدم الأردنية على نطاق ضيق طيلة عقود من الزمن، ومنذ أن بدأ المنتخب الوطني المشاركة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم المكسيك 1986 FIFA لم يبلغ مراتب متقدمة من المنافسة على إحدى بطاقات القارة الآسيوية كما هو عليه الآن، حيث بات على بعد خطوة واحدة فقط من التأهل لكأس العالم للمرة الأولى في تاريخه، بعدما حجز نصف المقعد الممنوح لآسيا وسيواجه الآن منتخب أوروجواي خامس تصفيات أمريكا الجنوبية يومي 13 و20 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

بعد أن وصل الفريق هذه المكانة المتقدمة جداً سلطت عليه المزيد من الأضواء، وبات اسم الأردن يتردد على كل لسان خلال هذه التصفيات نظير ما تحقق من نتائج لافتة، وبالتأكيد لبقاءه في دائرة المنافسة على بطاقة التأهل لبلاد السامبا. يستعرض موقع FIFA.com أبرز الأمور التي تميز بها منتخب الأردن المعروف بلقب “النشامى” (وهو مصطلح محلي يعني به: الرجال الشجعان) خلال مشواره في تصفيات آسيا ويقدم لكم أبرز النجوم، الأرقام والمدرب، وأهم المحطات التي عاشها خلال العامين الماضيين.

طريق طويل
خاض منتخب الأردن الطريق الأطول قبل الوصول إلى المحلق العالمي، حيث استهل مشواره من الدور التهميدي الثاني، فتخطي نيبال بانتصار هو الأكبر في تاريخه الطويل (9-0) ذهابا والتعادل (1-1) إياباً. وفي دور المجموعات تعيّن عليه مواجهة العراق والصين وقد سبق لهما وأن شاركا في كأس العالم FIFA ويعتبران من الأعمدة الرئيسية في قارة آسيا.

لم يترك الأردن فرصة “الإنتعاشة” التي عاشها جراء ظهوره الطيب في كأس آسيا 2011 وانطلق بقوة وتمكن من الحاق الهزيمة بالعراق والصين تواليا ومن ثم كسب موقعتيه ضد سنغافورة الفريق الرابع في المجموعة، وبعد أن حصد أربعة انتصارات متتالية كان من أوائل المنتخبات التي حجزت مكانها في الدور الحاسم.

كان مجرد اللعب في الدور الأخير من التصفيات حلم لم يتحقق من قبل، وأمام منافسين أكثر خبرة هم اليابان وأستراليا والعراق وسلطنة عمان ولم يكن أشد الاردنيين تفاؤلاً ليحلم بقدرة الفريق على المنافسة بقوة على مراكز التأهل. بداية متعثرة بتعادل مع العراق ومن ثم خسارة قاسية (0-6) في اليابان كانتا كفيلتين بتقويض أي حظوظ مستقبلية، لكن الفوز التاريخي على أستراليا (2-1) أعاد بعض الأمل. ولكن نتائج المجموعة جعلته يدخل السباق من جديد شريطة تحقيق انتصارين “خارقين” تحقق الاول بالفوز على اليابان (2-1) التي حضرت إلى عمان لتحسم تأهلها رسمياً، أما الثاني فلم يجد سبيله عندما تعرض لخسارة كبيرة في أستراليا (0-4) لتضيع فرصة التأهل المباشر التي كانت ستتحقق بالفعل لو عاد بالفوز من ميلبورن خصوصا وأنه حسم المعركة الأخيرة امام سلطنة عمان (1-0).

تواجه الأردن مع أوزبكستان في الملحق الآسيوي بعد حلول المنتخبين في المركز الثالث لكلتا المجموعتين في الدور الحاسم. وبعد تعادله على أرضه في عمّان (1-1) قام بنفس الأمر لدى زيارته لطشقند وفرض نفس النتيجة، ليقود اللقاء نحو ركلات الترجيح التي انتهت بعد ماراثون طويل لمصلحته ليظفر الأردن بنصف البطاقة الآسيوية للعب المحلق العالمي.

نجوم براقة
لكل فريق نجوم عدة وهذا لا غبار عليه في منتخب الأردن، لكن هناك ما يعرف بأنه نجم النجوم، وإذا اقترن هذا النجم بصفة “نصف الفريق” فهو حتما حارس المرمى العملاق عامر شفيع الذي يطلق عليه لقب “الحوت”، فهذا الحارس الفذ المتمتع بصفات تخوله اللعب في أفضل المستويات الاحترافية، قام بمجهودات “جبارة” في سبيل بلوغ الأردن لهذه المرحلة المتقدمة من التصفيات.

أظهر شفيع علامات “النبوغة” الكروية منذ صغر سنه، ولم يكن غريبا أن يحرس مرمى الأردن قبل أن يبلغ العشرين من عمره، وقد أثبت قدراته في كل المناسبات الكبيرة، حيث ساهم بالتأهل لكأس آسيا في المرتين اللتين ظهر بهما (2004 و2011) وفي كلتاهما كان عنصرا مهما جدا في التقدم لربع النهائي.

لن يكون الحارس الكبير حاضرا في لقاء الذهاب، حيث تحصل على إنذار ثان في مواجهة أوزبكستان، وهو ما جعل الجماهير الأردنية متوجسة من غيابة، لكن شفيع يثق بقدرات فريقه وزملاءه “كنت أحب أن أشارك في كلا اللقائين، ولكن نحن هنا عائلة واحدة والجميع يقدم المساندة، ومن سيشارك بالتأكيد يملك القدرات الكافية لتقديم الخدمات للمنتخب الوطني. هدفنا التأهل لكأس العالم وهذا دافع كبير للجميع لكي يكون في أفضل حال في الملحق العالمي، نتمنى أن نحقق حلمنا الكبير”.

كما يملك منتخب الأردن مزيجا متنوعا من عناصر الخبرة الذين لعبوا العديد من البطولات والمباريات الكبيرة، وعناصر الشباب الموهوبة التي أثبتت علو كعبها واستحقت دخول القائمة والثبات فيها واللعب طيلة مراحل التصفيات، إضافة لبعض المحترفين الذين ينشطون في أفضل البطولات العربية.

وفي مقدمة تلك الأسماء قائد الفريق عامر ذيب الذي يلعب منذ 12 عاما، وهو من أبرز المفاتيح الهجومية وكان مصدرا هاما لصناعة اللعب والتسجيل بينما كان زميله في الفريق حسن عبدالفتاح من أبرز الأسباب التي جعلت أمر التأهل للدور الحاسم ممكناً بفضل أهدافه المؤثرة التي جعلت منه في مقدمة القائمة التهديفية لتصفيات قارة آسيا. أما رأس الحربة أحمد هايل فهو اللاعب الوحيد الذي شارك في المباريات الـ18 وقد سجل أهدافاً مؤثرة جداً خصوصاً هدف الفوز على اليابان بينما أثبت ركيزة خط الوسط شادي أبو هشهش حضورا طيبا في المساندة الدفاعية طيلة التصفيات.

يملك منتخب الأردن تسعة محترفين في القائمة الحالية ولديه العديد من النجوم الذين خبروا المواجهات الكبيرة خصوصاً من الفريق الذي شارك في كأس العالم تحت 20 سنة كندا 2007 FIFA.

قيادة عربية
عرف منتخب الأردن الكثير من النجاحات عندما يتولى تدريبه المدربون العرب، حيث بدأت قصة الإنطلاق نحو القارية مع المدرب المصري الراحل محمود الجوهري، عندما قدم الفريق أداءاً رائعاً في كأس آسيا 2004. وبعد فترة من الركود، أتى العراقي عدنان حمد لينتشل الفريق من قاع تصفيات آسيا إلى مراكز التأهل، ومن ثم الظهور بشكل طيب للغاية في النسخة الأخيرة 2011، وتواصل الأداء الباهر في تصفيات كأس العالم الحالية، حين نجح حمد في قيادة الفريق نحو إنجاز تاريخي ببلوغ الدور الحاسم ومن ثم الملحق الآسيوي.

وبعد أن إنتهى عقد حمد مباشرة إثر ختام الدور الحاسم، سارع الإتحاد المحلي للاستعانة بالمصري حسام حسن الذي يملك سيرة طيبة في مشواره كلاعب. ورغم الفترة القصيرة له كمدرب فقد آمن بكل الحظوظ التي يتوفر عليها وبدا واثقاً كثيراً من قدرات لاعبيه، ونجح بشكل متميز بالخروج من موقعتي أوزبكستان بكفة متعادلة، قبل أن تحسم الركلات الترجيحية مصير نصف المقعد، ليذرف الدموع فرحا بما تحقق، فيما كان مشهد التفاف اللاعبين حوله ورفعه فوق الأعناق احتفالا بالفوز خالداً بالنسبة له بكل تأكيد.

ويبدو حسن واثقا من فريقه وهو دائما ما يتحدث عن ذلك معهم، ولذلك لن ترهبه فكرة مواجهة منتنخب أوروجواي مؤكدا “الفرصة متاحة أمامنا فوق أرضية الملعب، سنستعد لخوض هذه المعركة الحاسمة، نؤمن بحظوظنا وندرك أن الملعب هو الفيصل، نريد التأهل وتحقيق إنجاز تاريخي للأردن.”