علم أن اتصالات بدأت في الآونة الأخيرة بين الجانب الأردني ونظيره الإسرائيلي بهدف حمل إسرائيل على التوقف عن مشروع المطار الجديد لما يحمله المشروع من مخاطر.
في هذا الإطار نبّهت مصادر مطلعة إلى أن الخطوات الأردنية، ولو أنها تأتي متأخرة، فإنه يتعيّن على الأردن التلويح باتفاقية وادي عربة للسلام، التي تضبط مثل هذه القضايا مع الجانب الإسرائيلي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن يستعين الأردن بمنظمة الطيران الدولي، وكذلك مصر، التي ستتأثر مطاراتها هي الأخرى، لمواجهة المشروع الإسرائيلي.
ويراهن الأردن على مستقبل استراتيجي جاذب للاستثمارات الضحمة في منطقة العقبة الاقتصادية، التي يعتبر مطار الملك الحسين الدولي أبرز عوامل الجذب السياحي العالمي فيها.
حسب تقارير، فقد شرعت إسرائيل بالبدء في أعمال إقامة المطار على بُعد 15 كيلومترًا شمال مدينة العقبة، التي تضم مطار الملك حسين الدولي، والذي سيكون المتأثر الأكبر من المطار الإسرائيلي الجديد، فضلًا عن قرب هذا الأخير من المنطقة الحدودية، من دون مراعاة الاتفاقيات الموقعة أو الرجوع إلى الجانب الأردني.
وكانت اللجنة الحكومية الخاصة بتطوير مدينة إيلات الجنوبية على مدخل خليج العقبة، برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قررت في العام 2011 إنشاء مطار دولى جديد فى منطقة “تمناع” القريبة من إيلات، ليحلّ محلّ المطار القديم في وسط المدينة.
مطار جديد
وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قالت حينها إن المشروع، الذي عرض خلال الجلسة، يتضمن إخلاء المطار الحالي وبناء المطار الجديد “رامون”، الذي كان تم التخطيط لإقامته عام 1986 حين أعلن وزير المالية في حينه جاد يعقوبي عن إنشاء مطار دولي قريبًا، مضيفة أن المدة القريبة تلك امتدت لأكثر من 25 عامًا.
وحسب التقارير الإسرائيلية عن المطار الجديد، الذي يبعد نحو 18 كيلومتر عن مدينة إيلات، فسوف يستخدم في المقام الأول للرحلات إلى أوروبا والرحلات الداخلية، وستتمكن فيه الطائرات النفاثة الكبيرة من الإقلاع إلى أي مكان في أوروبا، كما سيشتمل على صالات واسعة، تتناسب مع مرور مليوني مسافر في السنة، إضافة إلى سوق حرة.
وفي إطار خطة إنشاء المطار الإسرائيلي، سيتم توسيع طريق “وادي عربة” بين “تمناع” و”إيلات” إلى أربعة مسارات، وتتضمن الخطة بناء فنادق في منطقة الساحل الجنوبي للمدينة، وكذلك بناء سكة حديد إلى إيلات.
ورأت مصادر أردنية أن قيام إسرائيل بتدشين المطار في تلك المنطقة الحدودية يعدّ انتهاكًا للاتفاقيات الدولية، والتي تقضي ببعد أي مطار عن المناطق الحدودية المشتركة للدول، أكثر من 2000 متر كحد أدنى، في حين أن المطار لا يبعد عن المنطقة الحدودية القريبة من العقبة سوى 200 متر.
سلامة الطيران
وحذر المصدر من تأثير بناء المطار على مطار الملك حسين الدولي في العقبة، مؤكدًا أن السلامة الجوية ستكون معرّضة للخطر في حال إتمام المشروع، نظرًا إلى الاقتراب الشديد بينه وبين مطار العقبة، مما يؤدي إلى احتمالية حدوث حوادث طيران مستقبلية وانتهاك للأجواء الأردنية.
وأكد المصدر أن الجانب الإسرائيلي لم يراع الاتفاقيات الدولية واتفاقية السلام الموقعة مع المملكة، حيث تفيد اتفاقية وادي عربة ببناء مطار دولي مشترك تحت مسمّى مطار السلام، إضافة إلى الآثار السلبية، التي قد تنتج من بناء مطار على مقربة كبيرة من الحدود، ومن دون التنسيق أو الرجوع إلى الجانب الأردني، وفق ما تنص عليه اتفاقية السلام.
وحول الموقف الرسمي بيّن المصدر أن الموقف الرسمي الأردني غير راض عن التصرفات الإسرائيلية، وأن هناك اتصالات ومراسلات بين الجانبين اتسمت بالسرية والتكتم الشديد، كان آخرها دعوة من السفارة الإسرائيلية في عمّان وجّهت إلى عدد من المسؤولين الرسميين لحلّ الخلافات مؤكدًا في الوقت عينه أنه وفي حال إخفاق الجانبين في التوصل إلى اتفاق، سيتم رفع شكوى إلى منظمة الطيران العالمي والمحاكم الدولية المختصة للحفاظ على السيادة الوطنية.
وبيّن المصدر أن جهات سيادية في الدولة، إضافة إلى سلطة العقبة وهيئة الطيران المدني، تبذل جهودًا مضنية لوقف بناء المطار عبر مختلف قنوات الاتصال، محذرًا في الوقت نفسه من أزمة دبلوماسية، قد تنشب في حال تعنت الجانب الإسرائيلي وإصراره على المضي في البناء.
تحذير
وكانت تقارير رُفعت في نهاية العام 2011 إلى الجهات الأردنية المعنية حذرت من مخاطر نية إسرائيل بناء المطار الجديد فنيًا واستراتيجيًا نظرًا إلى معارضته اتفاقية وادي عربة للسلام، ثم تأثيراته السلبية على نشاط مطار الملك الحسين الدولي في العقبة، فضلًا عن الاستثمارات السياحية الضخمة التي سترافقه في إيلات.
كما إن التقارير حذرت من أن إنشاء مطار جديد في الإقليم (البحر الأحمر) من شأنه أن يقلل من شأن، ليس فقط مطار الملك الحسين الدولي وحسب، بل والمطارات المصرية في الإقليم، ويزيد من حجم المنافسة عبر فرص غير متكافئة، علمًا أن المطارات المصرية في الإقليم هي رافد للسياحة لمدينة العقبة، وكذلك تقليل حجم الحركة الجوية لمطار الملك الحسين الدولي.
ونبهت كذلك إلى خطورة تداخل المجال الجوي الإسرئيلي مع المجال الجوي الأردني، خصوصًا وأن المطار الإسرائيلي المقترح يواجه تحديات، وتحديدًا في المناطق الجبلية غربًا.
الشق الفني
وفي الشق الفني، فإن التقرير المقدم إلى السلطات الأردنية المعنية منذ أكثر من عام نبّه إلى أنه سيكون هناك تداخل في أنظمة الهبوط الآلي مع مطار الملك الحسين الدولي، وهذه مع الفقرة السابقة تستدعي عمل ما يسمّى (Aeronautical Study) من قبل هيئة تنظيم الطيران المدني الأردنية.
أخيرًا، حذر التقرير المرفوع إلى السلطات الأردنية من الأثر البيئي السلبي لناحية الضجيج مستقبلًا على مطار الملك الحسين الدولي في حال تطبيق المعايير الدولية في هذا الشأن، إضافة إلى أنه رغم بعد مطار الملك الحسين الدولي عن الحدود الدولية حوالى ثلاثة كيلومترات، إلا أنه يشكل تحديًا للمطار عبر عدم إنشاء مدرج مواز للحالي على الجهة الغربية، حتى لا يكون هناك تداخل في الحركة الجوية مع حركة الملاحة الجوية الإسرائيلية القادمة من جهة الشمال في حالات الإقلاع.