وسط حياد الموقف الأردني من الأزمة السورية، تفاجأت أوساط سياسية محلية من إعلان أصدرته الرئاسة الفرنسية الجمعة، قال إن “فرنسا والأردن والسعودية والإمارات اتفقت على تعزيز دعم المعارضة السورية في مواجهة النظام”، معتبرة انه “التصريح الأول العلني لدعم الأردن لهذه المعارضة”.
والمعروف أنه منذ تفجر الأزمة السورية، استمر الموقف الأردني على حياديته، على الرغم من تصريحات صدرت بين حين وآخر تشير الى دعم المعارضة السورية، وأخرى تطلب من الرئيس السوري بشار الأسد التنحي، تجنبا لسفك مزيد من الدماء.
وظلت المملكة تصر على موقفها المؤيد لحل سياسي، فيما بقيت العلاقات الثنائية مع البلد الجار” قائمة”، على الرغم من تصاعد حدة التصريحات في قترات معينة، والتي وصلت الى حد “توجيه انذار نهائي للسفير السوري” إثر تصريحات أطلقها الأخير قبل فترة.
وبالعودة إلى ما جرى في فرنسا، فقد اوحى اللقاء الذي لم يعلن عنه سوى ليل الخميس، والذي جمع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بوزراء خارجية الأردن والسعودية والامارات، بتشكل “محور جديد لمساندة المعارضة السورية”.
كما تساءل مراقبون حول “ماهية هذا الدعم الذي يعلن عنه للمرة الأولى علانية”، في الوقت الذي عرف فيه عن السعودية وفرنسا، دعمهما المطلق لفكرة “تسليح المعارضة السورية”.
ولا يستغرب المراقبون أنفسهم أن يكون السيناريو البديل بعد تلاشي فرص الضربة العسكرية، هو “دعم أكبر وتسليح للمعارضة السورية”، فوفقا للتصريحات الأميركية فإن ادارة اوباما ستعزز دعمها “بأسلحة فتاكة”، وهو ما امتنعت عنه سابقا، واقتصر دعمها على المساعدات “العادية”.
وفي الوقت الذي أشارت فيه تقارير الى ان اسلحة فتاكة دخلت للمعارضة من الجانب التركي للحدود السورية، قالت اخرى ان الأردن سيتعاون مع اميركا والسعودية في مجال دعم المعارضة وتسليحها، وهو ما “قد نشهده خلال الأسابيع المقبلة”.
الا ان ان الأردن “سيمتنع باستمرار عن الاعتراف بدوره في تسليح المعارضة وتجريبها، لكي لا يثير الرأي العام الداخلي والنظام السوري ضده”، بحسب محلل سياسي تحدث لـ”الغد”، طلب عدم ذكر اسمه.
وتعليقا على البيان الفرنسي، اكتفى مصدر حكومي ان “لا تدريب ولا تسليح للمعارضة السورية في الأردن”.
وفي رد المصدر على سؤال حول “كيفية الدعم الذي سيصار الى تعزيزه”، قال إن الأردن “يتعامل مع المعارضة السورية ضمن اطار رؤيته لحل سياسي للأزمة”، كما اشار الى “اجتماعات اصدقاء سورية التي شارك فيها الأردن على الدوام، والتي استضافت عمان أحدها قبل اربعة اشهر”.
ومن المعروف ان مجموعة اصدقاء سورية المكونة من 70 دولة ومنظمة عالمية، تساند المعارضة السورية، وهو ربما ما اراد الاشارة اليه المصدر الحكومي.
وفي هذا الصدد، يتفق عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان بسام العموش مع التصريحات الحكومية “المتحفظة”، معتبرا ان “الأردن وضعه حساس”، لذا فهو “يستبعد تدريب المعارضة على ارض المملكة”.
ويرى العموش في حديثه لـه فرقا بين الموقف التركي الذي بإمكانه ان يسلح ويدرب المعارضة، كونه دولة عضوا في حلف الناتو، بينما لو فعل الأردن ذلك فإنه يخشى من حدوث “انقلاب” في مواقف بعض الدول ضده، مثل العراق وسورية، وما قد يلي ذلك من ردود فعل.
اما عن التسليح، فيعتقد العموش، انه لو “ساهم الأردن بتسليح المعارضة السورية، فلن يكون بشكل علني، ولا احد في الأردن يستطيع الادعاء انه بالامكان السيطرة على 370 كم من الحدود المشتركة”.
وبخصوص التقارير الغربية التي اكدت ان تدريبا لعناصر المعارضة السورية يجري على الأراضي الأردنية بالفعل، يقول العموش ان “هذا التدريب لم يثبته احد”، مبديا استغرابه، من عدم قدرة الأقمار الصناعية الروسية على تصوير واثبات مثل هذه التدريبات لو كانت تحصل بالفعل.
إلى هذا، يعتبر محللون سياسيون أن المغزى من التحرك السريع والمتمثل بلقاء الرئيس الفرنسي بوزراء خارجية الدول العربية الثلاث على نحو مفاجئ، يتمثل بـ”نجدة المعارضة السورية المعتدلة بعد ان أصيبت بالإحباط، ورفع معنوياتها التي انهارت بعد التراجع عن الضربة، وكذلك تعويضهم عما كان يمكن انجازه عن طريق الدعم السياسي والعسكري”.
واخيرا، وعلى الصعيد المحلي بثت بعض المصادر خبرا عن لقاء الرئيس الفرنسي مع وزير الخارجية ناصر جودة ونظيريه السعودي والاماراتي، لكن الخبر لم يشر الى اتفاق على دعم المعارضة السورية، فيما اقتصر على “التاكيد على اهمية تكثيف الجهود واستمرار التنسيق والتشاور لانهاء معاناة الشعب السوري والوصول الى حل سياسي”، وان الوزراء اعربوا عن “قلقهم من استخدام الأسلحة الكيميائية”.
كما أورد الخبر تجديد جودة تأكيده خلال اللقاء، الموقف الاردني الثابت، الذي يدعو لضرورة التوصل الى حل سياسي يوقف نزيف الدماء ويضمن أمن وامان سورية، ووحدتها الترابية بمشاركة مكونات الشعب السوري كافة.