لم تترك حادثة السفير العراقي في عمان أثراً سلبياً عميقاً على العلاقات بين الاردن والعراق،على الرغم من مغادرة السفير،آنذاك،وعدم مشاركة نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية في دافوس الاقتصادي.
بقيت العلاقات جيدة جزئياً دون تدهور كامل،وبرغم اننا شهدنا نوبات غضب على الصعيدين النيابي والشعبي الاردني والعراقي،وتبادل الاتهامات،الا ان النار التي اشتعلت بين البلدين انطفأت في نهاية المطاف.
العراق يقدم للاردن نفطاً بسعر تفضيلي لابأس به،ومؤخرا قدمت بغداد منحة نفطية قيمتها خمسة وعشرين مليون دولار،وقامت بإحالة عطاء انبوب النفط الذي سيصل الى الاردن،وهناك تطورات اقتصادية جيدة،رغم اغلاقات الحدود التي تتم بين وقت وآخر.
إطلاق العراق ثمانية أردنيين معتقلين قوبل باستحسان،هنا،وملف المعتقلين الاردنيين في العراق لابد من اغلاقه كليا،سواء كانوا في سجون بغداد،او كردستان،وغيرهما من سجون،ولابد من الوصول الى حل جذري في هذا الملف.
هناك تباطؤ على مستوى العلاقات مازال قائما على مستويات أخرى،لان سقوط نظام صدام حسين أورث العلاقات بين البلدين،سلبية كبيرة،وحدثت استبدالات في تحالفات بغداد،وباتت العلاقة الاردنية العراقية آنذاك تعاني من فتور شديد.
لابد من وضع خطة لتفعيل العلاقات مع العراق،على المستوى السياسي والاقتصادي والشعبي،خصوصا،مع بغداد وكردستان،وهذه العلاقات حتى الان تعاني من التقلبات،ولايوجد انفتاح مرتفع المستوى.
المراقبون يعرفون ان هناك ممانعة من اطراف معينة في العراق،تقف في وجه اي انفتاح على الاردن،غير ان السعي لكسر هذه الاطواق لابد ان يطغى على السياسة الخارجية.
الاردن يواجه اقليما مشتعلا،وخواصره الاربعة تتألم،في الشمال حيث سورية الذبيحة،وغربا فلسطين المحتلة،وجنوبا مصر المضطربة،وشرقا حيث مناطق غرب العراق تعاني من فوضى عارمة،وهذه محاصرة صعبة،لابد من التخفيف منها،قدر الامكان.
محللون يرون من جهة اخرى ان الكلام عن رفع مستوى العلاقات بين عمان وبغداد يخضع فعليا لمعادلة بغداد-طهران،وهذه اشكالية اخرى في العلاقة،لان التناقض في السياسات بين الاردن وايران،يجعل الاقتراب من بغداد مشروطاً بمعايير يستصعبها الاردن.
في كل الحالات يمكن التخفيف من هذه المعادلة،ولدينا نموذج تركيا التي تمتلك علاقات اقتصادية قوية مع العراق،على الرغم من التنافر الايراني التركي،كما ان الوصول الى تسوية في العلاقات بين البلدين،امر يبقى ممكناً،بعيداً عن أية عراقيل اقليمية.
عاد السفير العراقي الى عمان،والمزاج العام في الاردن،محسوب على حقبة صدام حسين،برغم ان هذه الحقبة زالت،واغلبية العراقيين تتحفظ على تلك المرحلة،ولابد لنا هنا ان نقف قليلا عند مزاج العراقيين ذاتهم،لنضع هذا الرأي في حساباتنا.
ليست قصة مصالح فقط،إنها بغداد قبل كل شيء.