حادثة وقعت على ارض الواقع لم تتوقع أم الطفل بهاء كويك، ولا حتى في حلمها أن يحدث معها ما حدث يوم الاثنين، حيث أقدم عقيد في السلطة الفلسطينية على اقتحام منزلها وترويع أطفالها في الساعة الثالثة فجرًا، منتهكا حرمة المنزل وساكنيه.
بهاء كويك طفل في الثالثة عشرة من عمره، رفض مقابلتنا والحديث عن الاقتحام، ويبدو أنه لا يزال مصدوما مما حدث في منزله، حين اقتحم مدير مكتب الطيب عبد الرحيم امين عام الرئاسة الفلسطينية، العقيد سعيد أحمد منزله وأطلق الأعيرة النارية في محاولة لقتله.
تقول والدته التي قابلتنا وآثار الصدمة ما زالت في ملامحها وأرجاء البيت، إن “رجلًا مسلحًا يرافقه آخران اقتحموا المنزل في الساعة الثالثة فجرا بعنف، وفتحت ابنتي هبة مع والدها الباب بعد طرق عنيف بالسلاح”، ليفاجئهم المسلحون بوضع السلاح بين عيني الطفلة هبة، ودفع والدها المريض على الأرض، مطالبين بشقيقها بهاء و”إلا ستموت”.
الطفلة هبة شقيقة بهاء قالت في روايتها إنه فور وضع المسدس بين عينيها من قبل العقيد “بدأت بمناداة والدتي لأخبرها أن مسلحين يريدون بهاء، ليقتحموا بعد ذلك غرف البيت، رغم أننا كنا نرتدي ملابس النوم، دون أي مراعاة لذلك، ليستيقظ بهاء ويخبره (أنا بهاء)”، فيسارع الأخير بوضع المسدس على رأسه، وتمزيق ملابسه ومحاولة إخراجه من البيت.
أصاب الخوف بهاء بعد هذا الأمر، ما دعاه إلى الهرب لغرفة نوم والدته، ليلحق به مرافقا العقيد، ويبدآ بتكسير محتويات المنزل، و”نحن نصرخ والجيران يتوافدون من بينهم ابن العقيد”، تقول الأم.
وتضيف: العقيد قام برفع المسدس وتعبئته وأراد إطلاق النار على ولدي، لكنّي أخذته منه، فما كان منه إلا تكسير محتويات البيت مرة أخرى، من ثم أخذ السلاح من مرافقه “الرشاش” وصار يطلق النار في البيت، وعندما أطلق النار على ولدي مرت الرصاصة بالقرب من رأسه لتصيب ولده في رجله، حيث تدخل الجيران في محاولة لوقف مجزرة كاد أن يرتكبها، قبل أن يهرب منهم إلى درج العمارة ويكمل إطلاق النار.
ونفت أم بهاء في حديثها أي معرفة لعائلتها بالعقيد أو السبب الذي من أجله حصل كل ما سبق، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية المختلفة تواصلت معهم من أجل احتواء الموقف.
وطالبت الرئيس محمود عباس بإنزال “العقاب الشديد به حتى يكون عبرة لمن اعتبر، وأن يأخذ حقي وحق أولادي الذي انتهكه”.
وتضيف: عوضًا عن “العنف والترويع” اللذين قام بهما العقيد، كان أيضًا “يطلق الشتائم على الشرطة والأجهزة الأمنية والذات الإلهية، حتى أنه وضع المسدس في رأس جارتنا سوسن أبو الرب وهي برتبة مقدم في الشرطة الفلسطينية لتدخلها في الدفاع عن بهاء”، وأكدت الطفلة هبة أن الشتائم “وصلت إلى الرئيس”.
شهود عيان مطلعون على مجريات ما حدث رفضوا الكشف عن اسمهم، أخبروا “وطن للأنباء”، أن “عشرات الأفراد من الأجهزة الأمنية توافدوا إلى مكان إطلاق النار منذ الساعة الثالثة والنصف حتى الساعة الثامنة إلا ربعًا صباحا، دون أن يتمكنوا من التدخل والقبض على العقيد”.
وقالوا إن العقيد الذي اقتحم المنزل كان “يهدد ويتوعد بصفته مدير مكتب الطيب عبد الرحيم، وأنه لا يكترث لأحد من الأجهزة الأمنية أو المسؤولين وحتى الرئيس”، لكن الأجهزة الأمنية لم تتجرأ على التعامل معه إلا بعد ساعات، حين علم الرئيس بالموضوع وطلب من الطيب عبد الرحيم التدخل، حيث جاء وأخرجه من بيته بسيارته الخاصة وبملابس بيتية (دشداشة).
وأوضح شهود العيان أن العقيد كان “شرسا في تعامله أثناء الاقتحام وكان بوضع هستيري”. وذكرت مصادر، أن هذا الحادث ليس الأول للعقيد، حيث أقدم في إحدى المرات على ضرب مدير عام بالمسدس على رأسه.