عبدالله يستبدل ثوب التخرج بوشاح “الكفن”

كانت أم عبدالله وزوجها ينتظران بفارغ الصبر يوم غد الخميس منذ 23 عاما، حتى يريا ابنهما البكر عبدالله وهو يرتدي ثوب التخريج حاملا شهادته الجامعية في العلوم المالية والمصرفية، ليبدأ مستقبله المشرق ويحقق حلمهما الأول، لكن ظاهرة إطلاق العيارات النارية حولت الثوب الذي كانا يحلمان به إلى ثوب “الكفن”.

وبدأت الحكاية المأساوية يوم الخميس الماضي، حين توجه عبدالله وأصدقاؤه الى السوق كي يشتري بذلة يرتديها في حفل التخريج، وفي اثناء العودة توجهوا جميعا الى حفلة عرس مشؤومة في منطقة حي نزال، اثر دعوة تلقوها من احد اشقاء العريس، وهناك كانت نهاية عبدالله، عندما اطلق شقيق العريس عيارا ناريا من بندقية خرطوش ابتهاجا بأخيه، فأصاب 11 شخصا، من بينهم عبدالله وأصدقاؤه الأربعة، وانتهى الحفل بوفاة عبدالله مساء أول من أمس الاثنين ليوارى الثرى امس بعد ان اخترق عيار ناري عينه وخرج من مؤخرة رأسه.

والد الضحية محمد حبش وزوجته استبدلا الحلويات التي يفترض ان توزع على المهنئين بتخرج الضحية، بالقهوة السادة، والزغاريد بالبكاء والعويل، داخل بيت عزاء تسببت به ظاهرة اطلاق العيارات النارية في المناسبات.

إحصائيا، تقول التقارير إنه ومنذ بداية العام الحالي تعاملت مديرية الامن العام مع 17 قضية إطلاق عيارات نارية في المناسبات، نجم عنها إصابة 19 شخصا ومقتل اثنين، أحدهما طفل في منطقة القويسمة، والثاني هو الخريج عبدالله عبدالله حبش.

أما خلال العام الماضي، فبلغ عدد قضايا إطلاق العيارات النارية في الأفراح والمناسبات 31 قضية، نجم عنها اصابة 11 شخصا ومقتل أربعة، وفي العام 2011، بلغ عدد قضايا إطلاق العيارات، وفق إحصاءات من المركز الاعلامي في مديرية الامن العام 34 قضية، نجم عنها إصابة 39 شخصا وثلاث وفيات.

وعلى الرغم من الحملات التوعوية التي تنفذها مديرية الأمن العام لوقف هذه الظاهرة في مختلف المناسبات والأفراح، إلا انها ما تزال في تصاعد مستمر.

وفي العام 2011 تعاملت مديرية الأمن مع 1384 حالة من هذا القبيل في مناسبات وأحداث عنف، وارتفعت العام الماضي إلى 1574 حالة، أي بزيادة مئوية بلغت 13.73 %.

من جهتها عدلت الجهات التشريعية قانون العقوبات الأردني قبل اربع سنوات، بغية التخفيف من هذه الظاهرة التي تحصد أرواح ابرياء بدون ذنب، حيث عدلت عقوبة القتل الخطأ التي كانت تسند لمن يتسببون بقتل مواطنين، إثر إطلاقهم للعيارات النارية الطائشة والتي كانت لا تزيد على 6 أشهر سجنا، إلى تهمة القتل القصد، والتي يحاكم بها الجاني امام محكمة الجنايات الكبرى، وتصل عقوبتها الى الأشغال الشاقة لمدة 15 عاما في حال ثبوتها.

ووفق مصادر أمنية، فإن معظم ضحايا العيارات النارية الطائشة، وتحديدا في الاعراس، هم من المقربين من مطلق النار، الأمر الذي يؤثر سلبا على علاقات القربى والصداقة والمصاهرة، وقد يتسبب احيانا بحالات طلاق، والأهم من ذلك أن الأبرياء هم دائما الضحايا.

وأشارت المصادر إلى أن هناك مطلقين للنار لا يجيدون استخدام الاسلحة النارية، الامر يسبب كوارث بحق الموجودين في تلك المناسبات او القاطنين بجوار الأماكن التي تقام بها حفلات العرس.

وكانت وزارة الداخلية رفعت الشهر الماضي تعديلات على قانون الاسلحة والذخائر، شددت فيه على شروط ترخيص الأسلحة، كما شددت العقوبات على كل من يقتني سلاحا غير مرخص، بغية الحد من ظاهرتي العنف المسلح وإطلاق العيارات النارية.الغد