حصاد نيوز – قبل ساعات من نهاية العام الماضي، وتحديدا يوم الأربعاء المنصرم، علت أصوات نيابية، تطالب الحكومة، بتأجيل رفع أسعار الكهرباء، الذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام، فيما لم يمنع بيان لمجلس النواب، صدر الاربعاء، ويطالب فيه الحكومة بإرجاء الرفع، دون مضي القرار ورفع الكهرباء.
المجلس النيابي، كان اعتبر، في بيانه، أن انخفاض أسعار النفط عالميا، إلى ما يزيد على 40 %، يحتم على الحكومة الإسراع بقرار خفض أسعار الكهرباء، وليس رفعها، مؤكدا ضرورة التخفيف عن كاهل المواطن، في ضوء ما تحمله من أعباء اقتصادية ثقيلة خلال الفترات السابقة.
ولم ينس المجلس إعادة التأكيد على أن تجميد القرار ‘يعد مصلحة وطنية عليا لاقتصادنا الوطني ولجميع قطاعاتنا الاقتصادية، مثلما يؤدي بالضرورة إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني في القطاعات كافة، وتعزيز البيئة الاستثمارية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتخفيف الأعباء على الشرائح الوطنية المختلفة’.
لاحقا، وفي اليوم الأول من العام الجديد، وتحديدا في ساعات الظهر، أعلن النواب: خليل عطية، علي السنيد، سمير عويس، عساف الشوبكي وهند الفايز، عزمهم تعليق حضور جلسات مجلس النواب، إذا ما أقدمت الحكومة على رفع أسعار الكهرباء، وكتب عطية على صفحة التواصل الاجتماعي الخاصة به: ‘ليس من المعقول أن يتم الرفع وأسعار البترول اقل من ٦٠ دولارا (…..)، هذه رسالة واضحة للحكومة بأننا ضد سياستها، التي تعتمد جيوب المواطنين’.
مساء يوم الخميس الماضي، جاء الرد الحكومي على بيان النواب وموقف النواب الملوحين بعدم حضور الجلسات، واضحا، وعلى لسان رئيس الوزراء عبد الله النسور، وبحضور جمهرة من النواب، وفي بيت النائب رائد الكوز، وهناك قال النسور، بحسب مصادر نيابية، ان ‘الرفع بات نهائيا، والحديث عن التأجيل غير وارد’، لافتا إلى ان عجز شركة الكهرباء بلغ 4ر1 مليار دينار. وقال أن الحكومة ‘قد أدرجت في مشروع قانون الموازنة بند رفع أسعار الكهرباء’.
واستدرك النسور ان قرار رفع الكهرباء ‘لن يطال صغار المستهلكين، ومتوسطيهم، وأن المرحلة التي يمر بها الأردن تاريخية وتحتاج لقرارات تاريخية’.
إذا موقف الحكومة وردها على ‘مناشدات’ النواب او رفضهم، لرفع الكهرباء لم يتأخر كثيرا، وجاء واضحا وصريحا، وبعيدا على اللعب بالكلمات.
موقف الرئيس وتصريحه يعيد الكرة من جديد الى مرمى مجلس النواب، بل وفي هذا ما أشار إليه الرئيس النسور، عندما قال أن الموازنة تضمنت بندا يتعلق برفع أسعار الكهرباء، وكأن الرئيس يقول إن ‘الموازنة بين أيديكم، ولكم حق رفضها أو التعليق عليها أو تعديلها.
تصريح الرئيس أمام النواب في بيت ‘الكوز’، قرأه نواب برسالة تقول ‘إن تأييد الموازنة يعني تأييد رفع أسعار الكهرباء’، الامر الذي يرون ان فيه استنتاجا صحيحا وواقعيا، فالموازنة تتضمن بنودا تتعلق بالكهرباء، ما يعني أن المجلس مقدم على مفاوضات صعبة، مع الحكومة حول الموازنة، وخاصة أن النواب يرون إن رفع أسعار الكهرباء في ظل ما تشهده أسعار النفط من هبوط واضح، أمر غير مبرر إطلاقا.
اللجنة المالية تناقش حاليا الموازنة العامة للدولة، واستمعت في بعض اجتماعاتها لرأي شركة الكهرباء، وسجلت ملاحظاتها، ودونت ما تريد أن تقوله، في تقريرها النهائي حول الموازنة، وما تريد التوصية به. واللجنة ما تزال تعمل على عقد اللقاءات المختلفة مع الجهات المعنية في الحكومة، تمهيدا للانتهاء من مناقشات مشروع القانون، والذي من المتوقع أن يتم الانتهاء منها في الثلث الأخير من الشهر الحالي، ليحال تقرير اللجنة الى المجلس، وليشرع بمناقشة الموازنة.
الموازنة تتضمن بنودا تؤكد الخيار الحكومي برفع أسعار الكهرباء، وفق الخطة المعلنة منذ نحو عامين، وبالتالي فان التوقعات تشير الى ذهاب كتل نيابية للضغط على الحكومة للتراجع عن الرفع، مقابل مناقلات معينة هنا وهناك في مشروع الموازنة، وبالتالي التخفيف عن كاهل المواطن، وبما يؤدي في جانب مهم آخر، بتسجيل أمر ايجابي لمجلس النواب أمام الشارع، يرفع من منسوب الثقة الشعبية به.
الأمر الواضح كتلويا، أن الائتلاف النيابي، المكون من 82 نائبا، بات بيضة القبان في أي تحرك للمجلس، وتذهب الانظار اليوم اليه في هذا السياق، وان كان حقا ليس ذراعا حكومية، لحمايتها من أي مطبات، أو انه جاء للتعبير عن نبض المواطن، ومن شأنه رفع منسوب ثقة الناس بالمجلس.
هذا الائتلاف، الذي اشهر حديثا، كان اتهمه البعض، واغلبهم نواب، بأن الهدف منه تسهيل تمرير الموازنة بشكل آمن للحكومة، وانه سيعمل على حماية الحكومة، وموازنتها من أية مطبات، ما يرى نواب انه سيتحمل مسؤولية كبرى ان تم تمرير رفع أسعار الكهرباء.
المؤشرات الحالية، تشير الى ان أسعار الكهرباء والموقف من الحكومة، في حال الإقدام على الرفع، سيكونان محور نقاش كبير بين أعضاء الائتلاف النيابي، وخاصة أن هناك عددا من اعضائه، وعلى رأسهم النائب قاسم بني هاني، ابدوا رغبة واضحة، بعقد جلسة مناقشة عامة لموضوع أسعار الكهرباء، للضغط على الحكومة، وإقناعها بعدم الرفع، كما أن الائتلاف كان مؤيدا للبيان الذي أصدره مجلس النواب حول الموضوع.
الأيام المقبلة صعبة، سواء على الحكومة أو على النواب، ويتوقع ان تشهد محاولات لجس نبض نيابي للحكومة، لمعرفة مدى استجابتها لموقف النواب الداعي لعدم الرفع.
الراهن، ان نوابا باتوا يحذرون حاليا من ان عدم قدرة النواب في التأثير على الحكومة، ودفعها للتراجع عن قرار ‘الكهرباء’، وتمرير الموازنة، سيزيد من تدهور الثقة الشعبية بالمجلس النيابي، وسيترك النواب مجددا أمام نقد شعبي واسع وجديد.