بالرغم من أن مناورات الأسد المتأهب التي تجري هذه الأيام، كانت انطلقت قبل اندلاع الأزمة السورية الراهنة، ورغم التصريحات الرسمية المتتالية، عن عدم ارتباطها بما يجري في سوريا، فإن البعض يصر على أن هدفها هو التدخل عسكرياً لإطاحة نظام الأسد، والاستيلاء على مخزون الأسلحة الكيماوية السورية.
ويربط هؤلاء قسراً بين المناورات المحدد موعدها منذ أكثر من عام، وبين سقوط مدينة القصير بيد جيش النظام السوري المدعوم بقوات حزب الله، وبالرغم من أنها تجري بعيداً عن الحدود السورية فإن رافضيها يسألون بغير براءة عن ضمها دول أصدقاء الشعب السوري، وعن تخصصها بالاستعداد لحرب تستخدم فيها أسلحة كيماوية وكأنهم يصرخون في وجوهنا “عنزه ولو طارت”.
يأخذ البعض على الأردن سعيه لاستبقاء الباتريوت الدفاعية عند حدوده الشمالية، وكأن على صانع السياسة الأردني الاسترخاء، ووضع قدميه في الماء البارد، فيما تتفجر المنطقة بحرب طائفية لاتعترف بالحدود، وتنخرط فيها قوى دولية وإقليمية بالإضافة للعربية، ويرى هؤلاء بغير حياد، أن هذه المناورات اختارت الأراضي الأردنية، لأنها الأقرب الى دمشق، في محاولة لتكرار ما يصفونه بحرب العراق، حيث يقولون إن القوات الأميركية التي دخلت بغداد، انطلقت من الأردن والسعودية، بينما كانت الأنظار مركزة على الكويت، ولتغليف كل هذا بمحاولة الإيحاء بأنه يستهدف مصلحة الأردن، فإنهم يحذرون من أنه ينزلق بشكل متسارع إلى المستنقع الدموي السوري، مع ما في ذلك من أخطار.
ليس بعيداً عن الصواب القول، بأن انطلاق مناورات الأسد المتأهب رسالة سياسية بامتياز، مفادها أن الأردن يستعد فعلاً لكل الاحتمالات، خصوصاً مع أنباء تتحدث عن وجود عسكري لقوات حزب الله في محافظة درعا المحاذية للحدود الأردنية، وفيما يجمع معظم المراقبين المحايدين أن هذه المناورات تستهدف استكمال ما بدأه الجيش الأردني من مناورات لرفع كفاءاته، وأن إجرائها في هذه الفترة غير مرتبط بتداعيات الأحداث في سوريا، خصوصاً وأن الأردن أعلن أكثر من مرة، وعلى غير صعيد، أنه يتبنى سياسة تخضع لخطوط حمراء، أولها أن لا نية اليوم أو غداً بمشاركة أي جندي اردني فيما يجري في سوريا، لكن ذلك لم يمنع أحزاباً هامشية من الإعلان أن هذه المناورات لا تجري بمعزل عن الحرب على سوريا، وبما يمثِّل انتهاكاً صارخاً للإرادة والكرامة، وانتقاصاً للسيادة الوطنية، وإضراراً بالمصلحة العليا، ويرون فيها حرباً ضد منظومة المقاومة وفي مقدمتها سوريا.
فيما تقترب مناورات الأسد المتأهب من نهايتها، فإن بعض من أجسادهم هنا، وقلوبهم وعقولهم خارج الحدود، يناكف بأنها مقدمة للحرب ضد النظام السوري، رغم أن البيت الأبيض وبعد دراسات متأنية قرر تزويد بعض المعارضة السورية، بمعدات زراعية بدل تسليحها، ويصرّون تبعاً لذلك على حشر الخيار الأردني بين أسدين، المتأهب وكأنه يستعد للانقضاض على فريسته، وأسد سوريا المنهك من حرب استطالت لأكثر من عامين.