تسارعت المشاورات والاتصالات بشكل كثيف خلال الساعات القليلة الماضية بين عواصم القرار العالمية لاتخاذ قرارات تردع النظام السوري وحلفائه من حزب الله وإيران من تحقيق انتصار استراتيجي في حلب وريفها كالذي حصل في القصير.
وبينما تستعد لندن لاستضافة مجموعة الـ 8 هذا الأسبوع، كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري اجتمع مع وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في واشنطن يوم الاربعاء قبل القمة.وقال هيغ ان بريطانيا والولايات المتحدة وحلفاء في اورويا والمنطقة، أو ما يعرف بـ”مجموعة لندن 11″ قد تحتاج الي تكثيف جهودها لمساعدة مقاتلي المعارضة السورية.
ومع الاستعدادات الغربية والأميركية لاتخاذ قرارات مهمة على هذا الصعيد، وإعلان البيت الأبيض لثبوت استخدام نظام بشّار الأسد للسلاح الكيماوي والاستعداد لزيادة الدعم للثوار، تم رصد تحرك سعودي نشيط وملحوظ، وقمة هذا التحرك ستكون في الإعلان عن قطع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لإجازته الخاصة في الدار البيضاء وعودته للمملكة في غضون ساعات و”قد تكون العودة اليوم الجمعة” وذلك بعد وقوفه على تفاصيل تقرير استراتيجي أمني قدمه له وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل والأمير بندر بن سلطان رئيس مجلس الأمن الوطني عن نتائج محادثاتهما قبل ثلاثة ايام مع أركان القرار الفرنسي وخصوصا مع وزير الخارجية لوران فابيوس.
وضع الأميران سعود وبندر، الملك عبدالله في إطار التصورات الاستراتيجية الغربية وخاصة الفرنسية ذات الاهتمام الخاص في الشأن السوري، وقالت مصادر دبلوماسية إن المملكة العربية السعودية وفرنسا يتقاسمان هواجس مشتركة ليست بعيدة عن هواجس واشنطن ولندن في شأن التداعيات الخطيرة على الساحة السورية.
هواجس هزيمة المعارضة
تتلخص هذه الهواجس من خشية هزيمة المعارضة الأمر الذي يلقي بظلال قاتمة على انعقاد مؤتمر (جنيف2) وهو ما ستدعي حشد جهود الحلفاء لمواجهة محور نظام بشّار – إيران وحزب الله.
وكان مصدر قريب من اجتماع الأميرين سعود وبندر مع وزير الخارجية الفرنسي وصف الاجتماعات يأنها “تعبئة شاملة لمواجهة الانخراط غير المسبوق لحزب الله وإيران في القتال، ودراسة سبل منع هزيمة المعارضة السورية عسكرياً”.
ويبدو أن الديبلوماسية الفرنسية، والسعودية قبلها، قد خرجت بعد معركة القصير، بدروس وعبر، كما قال ناطق الخارجية فيليب لاليو “حيث تحتلّ القصير موقعاً استراتيجياً، إننا أمام منعطف خطير”.
ولوّح لاليو باحتمال تسليم فرنسا أسلحة للمعارضة السورية، وقال إنه “قرار لم نتخذه، لكن بوسعنا أن نفعل ذلك، لأن الاتحاد الأوروبي رفع الحصار المفروض على المعارضة، ولا يوجد نص قانوني ملزم لفرنسا بانتظار مطلع أغسطس/ آب المقبل لتسليم تلك الأسلحة، لأن معركة القصير، وما يلوح في حلب، قد خلق وضعاً جديداً”.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، صرح الأحد، أن المؤتمر الدولي حول سوريا الذي وصفه بـ”مؤتمر الفرصة الأخيرة” قد يعقد في يوليو/تموز المقبل.
الفرصة الأخيرة
قال فابيوس في مقابلة تلفزيونية “إن مؤتمر جنيف 2 هو برأيي مؤتمر الفرصة الأخيرة. أتمنى أن يُعقد. وأعتقد أنه قد يعقد في يوليو/تموز”، معتبراً أن المدة قصيرة ولا تسمح بعقد المؤتمر الشهر الحالي.
وأضاف: “يجب على المعارضة أن تعيّن ممثليها، وهذا قد يأخذ بعض الوقت. كما يجب أن نتفق على جدول الأعمال”، مضيفاً: “نحن نعمل على عقد المؤتمر. ولكن يجب أن نحضر له”.
وأكد فابيوس تردد فرنسا بشأن مشاركة إيران في المؤتمر قائلاً: “الإيرانيون لا يحبذون إيجاد حل للأزمة. إنهم ضد السلام”.
أوباما يراقب الوضع
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني يوم الخميس ان الرئيس باراك اوباما يواصل مراقبة الوضع المتدهور في سوريا بقلق وسيتخذ اي قرار بشأن مزيد من الخطوات بناء على المصالح الوطنية للولايات المتحدة.
وقال كارني للصحافيين “الرئيس وكل عضو في فريقه للامن القومي قلقون بشدة بسبب الوضع الفظيع والمتدهور في سوريا.”واضاف “الرئيس يراجع ويدرس الخيارات الاخرى المتاحة له وللولايات المتحدة وايضا لحلفائنا وشركائنا لاتخاذ خطوات اضافية في سوريا.. وتتواصل هذه العملية.”
وتابع “بقدر ما تكون فظاعة الوضع في سوريا يكون عليه اتخاذ القرارات حين تتعلق بالسياسة تجاه سوريا بما يحقق افضل مصالح الولايات المتحدة.
ومن جهتها، قالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، برناديت ميهان: “بتوجيهات الرئيس يواصل طاقم الأمن القومي النظر في كافة الخيارات التي ستحقق أهدافنا بمساعدة المعارضة السورية لجهة خدمة الاحتياجات الاساسية للشعب السوري وتسريع الانتقال السياسي لمرحلة سوريا ما بعد الأسد.”
وأضافت: “أعددنا طائفة واسعة من الخيارات لينظر بها الرئيس، الاجتماعات الداخلية لمناقشة الوضع في سوريا أمر روتيني.. الولايات المتحدة ستواصل النظر في سُبل تقوية قدرات المعارضة السورية، وليس لدينا جديد لنعلنه في الوقت الراهن.”
وكانت مصادر مسؤولة في الإدارة الأميركية كشفت أن البيت الأبيض، سيبدأ هذا الأسبوع، اجتماعات بشأن سوريا سيكون ضمن أجندتها احتمال تزويد مقاتلي المعارضة بأسلحة وفرض منطقة حظر طيران.وتأتي الخطوة الأميركية بعد تحذير المعارضة السورية من فشل الثورة ما لم تتلق دعما مباشراً.
وكان مسؤول أميركي، قال الإثنين إن الولايات المتحدة قد تتخذ قرارا ربما هذا الأسبوع بشأن تسليح المعارضة السورية، وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن مسألة تسليح المعارضة في سوريا مدرجة في جدول اجتماعات البيت الأبيض خلال أوائل هذا الأسبوع.
وبدعم من ايران وجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية اصبح للرئيس السوري بشار الاسد اليد العليا في الصراع الذي مضى عليه عامان وقتل فيه ما لا يقل عن 80 ألف شخص وتسبب في نزوح مئات الالاف من اللاجئين الي تركيا والاردن.
تخفيف القيود عن المعارضة
وقررت الولايات المتحدة الاربعاء تخفيف القيود على الصادرات الي المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في سوريا للمساعدة في اعادة بناء مرافق البنية التحتية المدمرة في خطوة قال مسؤولون امريكيون انها ستساعد ايضا في تسهيل مبيعات النفط من المناطق التي تحت سيطرة المعارضة.
ووقع وزير الخارجية الاميركي جون كيري يوم الاربعاء قرارا يتضمن استثناء محدودا لقانون محاسبة سوريا يسمح للشركات بالتقدم بطلبات للحصول على رخص لتصدير مواد مثل برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا ومعدات تنقية المياه والاغذية والمعدات الزراعية ومواد التشييد الي المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
وقال مسؤول اميركي كبير ان القرار يهدف الي تمكين المعارضة من العمل مع الشركات والمنظمات الدولية لإعادة بناء مناطق بما في ذلك مرافق اساسية للطاقة لحقت بها اضرار مثل خطوط انابيب للنفط وخطوط نقل الكهرباء.
وقالت وزارة الخارجية الاميركية في بيان “هذه المواد تهدف الي المساعدة في تلبية الحاجات الاساسية للشعب السوري وتسهيل الاعمار في المناطق المحررة.”
واضاف البيان ان وزارة التجارة الامريكية لن تبدأ على الفور في قبول طلبات الترخيص لتصدير المواد التي يشملها الاستثناء من العقوبات.
وامتنع مسؤول اميركي كبير عن التكهن بحجم النفط الذي يمكن تصديره من سوريا. وتشير تقديرات لادارة معلومات الطاقة الاميركية الي ان متوسط انتاج النفط في سوريا في الفترة من 2008 إلي 2010 إستقر عند حوالي 400 ألف برميل يوميا. لكن الانتاج تراجع الي حوالي 153 ألف برميل يوميا في اكتوبر تشرين الاول 2012 بانخفاض حوالي 60 بالمئة عن مستواه في مارس اذار 2011 .
وقال مسؤول اميركي بارز إن قرار تخفيف العقوبات التجارية ليس له أي تأثير فيما يتعلق بامداد مقاتلي المعارضة بالاسلحة.