ارتفع منسوب السباب والشتائم في برامج ‘التوك شو’ اللبنانية على خلفية الأزمة السورية، وبات استوديو كل من ‘الأسبوع في ساعة’ من تلفزيون الجديد، و’كلام الناس′ من تلفزيون أل بي سي مسرحاً مهيئاً ليكون شبيهاً بالفرن ‘المقطوعة عنه المياه’ عن سابق تصور وتصميم. وبدا واضحاً أن المعنيين في البرنامجين يعدون العدة للصراع الذي شاهدناه في الحلقتين الماضيتين.
فالمخططون لأسماء الضيوف يعرفون كم لدى بعضها من حقد وضغينة، وقصر نظر وقلة حنكة، تهيجاً سياسياً وليس منطقاً تحليلياً. ويعرفون أن هذا الاسم وليس ذاك مستعد ليستشيط غضباً من نسمة هواء، وليس من موقف سياسي نقدي منطقي وموضوعي. وبعد أن فاض الكيل وبلغ السيل الزبى، وتم استحضار الاوساخ إلى الشاشات، والأمهات والأخوات، والأخلاق وسوى ذلك من مستحضرات طبق الشتائم العربي الفضفاض، تحرك المجلس الوطني للأعلام. كذلك لم تغب دار الفتوى عن الموضوع. فقد اصدرت بياناً حذرت فيه من المس بالنبي محمد في برامج الحوار السياسي. وقد جاء هذا البيان على خلفية رفض الصحفي اللبناني محمد سلام المشاركة ‘في حكومة مع حزب السلاح’ قائلاً: ‘حتى لو كان فيها سيدنا محمد’. وهذا ما اعتبره محاور آخر في برنامج كلام الناس ‘كفراً’. أما مستوى الحوار بين نائب قائد الجيش السوري الحر مالك الكردي والمحلل السياسي السوري أكرم مكنّا، فأنحدر بشكل مريع إلى مستويات منحطة، في الألفاظ والصراخ. أما حضور الوجوه اللبنانية الموتورة في ما يسمى التحليل السياسي، فأقل ما يقال فيها أنها أفاع تتسلل في الجسد اللبناني الموهون، والمستعد لأية انتكاسة.
من المؤكد أن بعض البرامج الحوارية تنشد من الحوارات الساخنة والخارجة عن حدود اللياقة السياسية مزيداً من المشاهدين، ولا شك بأن بعضها يتقن فن رمي النار على المواد المشتعلة أو هي وظيفته. وإلا كيف نفسر حضور أسماء يرتبط بها كل حوار فالت من أية ضوابط؟ كل هذا أدى بوزير الإعلام اللبناني وليد الداعوق لحضور جلسة المجلس الوطني للإعلام، والذي يضم ممثلي وسائل الاعلام المرئية. وهكذا ‘حذّر وزير الإعلام من ارتفاع منسوب التحريض في برامج التوك شو، وهدد باللجوء إلى القضاء في حال تكرار الأمر’. فهل ستهدأ الشاشات المحلية اللبنانية وتعود إلى صوابها؟
الميادين في عيدها الأول
‘كان حلماً.. صار الحلم واقعاً.. ويستمر’. هذا ما قالته شاشة ‘الواقع كما هو’ في عيدها الأول. الشاشة التي التزمت قضايا المواطن العربي، وأعلنت أن فلسطين هي القضية الأساس، تمكنت في خلال سنة من كسب مساحة في خارطة نسبة المشاهدة تثير الاعجاب في الوطن العربي. لم يعد حضور الميادين عرضياً كما تمناه البعض. صار حضوراً راسخاً في خارطة الاعلام العربي. حتى أنه صار حضوراً مقلقاً لبعض القنوات التي اتخذت من التحريض وتزوير الوقائع سياسة دائمة لها. إذاً خيبت الميادين توقعات اعلامية متعددة بأنها ستنتكس قبل عيدها الأول. وها هي شاشة تفي بكل تعهداتها بأن تكون مساحة للحق والحقيقة. بأن تنقل رأي كافة الأطراف والفرقاء. ولمن يأخذ على الميادين عدم دعمها للثوار في سوريا، يمكنهم احصاء عدد المعارضين الذين يظهرون على شاشتها وكذلك عدد الموالين. ولا شك أن الميادين قدمت للمشاهدين في الشأن السوري ما يفيد برفضها للحرب العالمية التي تخاض بالشعب والأرض السورية.
الوجوه الشابة تميز قناة الميادين. وجوه تقرأ فيها الحماس والانتماء والايمان. لكنها في كل ما قالته لم تلامس منطق التحريض، ولم تلجأ لمخاطبة الغرائز والعصبيات، في زمن الغرائز والعصبيات بإمتياز. ومع هذه الوجوه ننتظر الجديد الذي يرسخ الولادة أكثر، ويؤسس لسنة ثانية باتت فيها المسؤوليات أكبر بعد سحب لبعض من بساط الفضائيات التي باتت الفبركة هدفها، والتضليل عنوانها.
وكما هي الميادين رشيقة في نشراتها الإخبارية مع فريق عملها الشاب، والمسؤول طبعاً من مخضرمين لهم باعهم الطويل في الإعلام المرئي، يجب على الرشاقة أن تنسحب على برامج عديدة هي ضمن برمجتها. بالطبع هي ليست دعوة لإقصاء المخضرمين المتبحرين الذين يقدمون باقة برامج الميادين المميزة الرائدة. بل هي دعوة ليكون هؤلاء في روح العصر أكثر. الاعلام لا يعني شريحة واحدة من البشر. والشريحة المعنية بالهدف والرسالة الاعلاميتين في ظل هذا التفجر الدموي العربي،أولاً هم الشباب. والناجح هو الذي يتمكن من استقطابهم. الشباب يرغبون بقليل من الكلام، وكثير من الدلائل المباشرة على أمر نحن بصدده. والشباب يشكلون أكثر بكثير من نصف أمة العرب. ومن ينجح بمخاطبتهم سيكون ناجحاً.
للميادين محطات تفخر بها دون شك. وفخرها الأساس فلسطين. فلسطين هدفها. والفلسطينيون المنسيون من الاعلام العربي وجدوا في الميادين من يتذكر قضيتهم، فبادلوها الوفاء بنسبة كبيرة من المشاهدة. وفي عامها الثاني ننتظر من الميادين مزيداً من المفاجآت.
العودة إلى إقرث
بضعة رجال وكاهن يتحدون الاحتلال الصهيوني في قرية ‘إقرث’ في الجليل الفلسطيني. لم يهجروا في نكبة 1948. وبعد وضع اليد على كامل فلسطين طلب جيش الاحتلال من الاهالي مغادرة بيوتهم لأسبوعين. غادروا مرغمين. وعادوا ليجدوا منازلهم مدمرة بإستثناء الكنيسة. في سنة 1951 نجحوا بالحصول على حكم بحق العودة من المحكمة الاسرائيلية العليا. جيش الاحتلال حتى اللحظة يمنع تنفيذ الحكم. والمواطنون المصممون على العودة لم يتركوا قريتهم. سكنوا قريباً منها. دفنوا موتاهم في مقابرها. وفي كل مناسباتهم الدينية يحرصون على الحضور إلى كنسيتها الشاهد الوحيد على القرية. منذ أمد قليل قرر حوالي 50 من رجالها الإقامة في الكنيسة. أحضروا كافة حاجاتهم الضرورية إليها. وها هم مع الكاهن سهيل فايز الخوري يحرسون حلم العودة. يقول الكاهن ‘هو حق يأبى الموت أو النسيان. حق نورثه من الابن للابن وصولاً للعودة.’
خلص التقرير الذي قدمه من الجليل الأعلى مراسل الجديد نزار حبيش بأغنية فيروز ‘عشرون عاماً وأنا أحترف الحزن والانتظار’. هي 65 عاماً. والحق يبقى حقاً ومفاعيله لا تذوب. ويبدو أنها عدوى ستنطلق في قرى الجليل الفلسطيني. وكثير من أهل تلك القرى قرروا أن تكون بلداتهم رغم دمارها مركزاً لمناسباتهم ولقاءاتهم.
في مصر تمرد ضد الوزير
كيف سيستقيم حال الثقافة في مصر في ظل حكم الاخوان المسلمين؟ لم يرس الحال على بر بعد. لكننا في هذا الاسبوع تابعنا اعتصاماً للفنانين يطالب بإقصاء وزير الثقافة علاء عبد العزيز. بحسب الفنانين الذين طالعونا بآرائهم من القاهرة مباشرة وعبر رسالة منى عشماوي النارية لقناة الجديد، فالوزير يريد ‘أخونة’ الثقافة. لم نعرف مثلاً كيف ‘سيؤخون’ رقص الباليه في حفلات دار الأوبرا؟ وكيف ‘سيؤخون’ وسط الراقصة دينا الإيقاعي؟ أو كيف سيؤخون حالة حب ‘نشبت’ بين طالب وطالبة على مقاعد الجامعة في مسلسل درامي؟ ما بلغنا أن الموازنات لرقص الباليه قد خفضت، بحيث تكون قادرة على القضاء على أنفاسها. وهلم جراً من قرارات. أما الفنانون المصممون على اسقاط الوزير، فكانت لهم أوصافهم بحقه: يطهر الثقافة من الثقافة. يعيد مصر إلى الوراء 100 سنة. جماعة فقيرة الابداع. له ‘للوزير’ قضية اخلاقية مصورة على سي دي.
حال الثقافة في مصر كما حال غيرها من الأمور والمرافق. هو مخاض على الجميع اختباره بانتظار اختمار تجربة الجماعة في كافة الميادين. ومع ذلك لا بد من حركة تمرد.
الرفيقة لودميلا بوتينا
كانت مفاجأة صاعقة للمشاهدين حين أعلن الوجه الكوميدي في برنامج شي NN ‘أبو طلال’، وبكل ‘الجدية’ التي يتمتع بها أن زوجة ‘الرفيق’ بوتين ‘الرفيقة’ لودميلا بوتينا ‘طلعت مع الجيش السوري الحر’؟ فبعد 30 سنة من الزواج وقع أبغض الحلال. وأميط اللثام عن الحياة الخاصة لواحد من الرؤساء الروس. فمع الرؤساء الروس ومن قبلهم السوفيات، لم تكن يوماً الحياة الخاصة قيد التداول الإعلامي. بل كانت من اسرار الدولة العليا، كما الأسرار النووية. لكن العجب كان في السبب. الرفيقة لودميلا مع الجيش الحر. في حين أن الدولة الروسية برمتها ترى مصالحها الاستراتيجية ببقاء النظام في سوريا. إنها حرية الاختيار. فليس ضرورياً أن تكون الزوجات دائماً على دين أزواجهن.