واكدت مصادر فلسطينية مطلعة على ما يجري في مدينة القدس لـ ‘القدس العربي’ الاربعاء ان سلطات الاحتلال الاسرائيلي شرعت بشكل عملي بانهاء الوصاية الاردنية على المقدسات الاسلامية في المدينة المقدسة، وخاصة بعد ان رفضت الحكومة الاسرائيلية طلبا اردنيا بوقف او الحد من اقتحامات المستوطنين للمسجد الاقصى المبارك ضمن ما يسمى بالسياحة الاجنبية.
واوضحت المصادر ان هناك ازمة حادة حاليا بين اسرائيل والاردن بعد ان رفضت تل ابيب الاعتراف بالوصاية الاردنية على المقدسات الاسلامية، بناء على الاتفاق الذي وقع قبل اسابيع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والملك الاردني عبد الله الثاني لتجديد الولاية الهاشمية الاردنية على المقدسات.
وكان عباس، وعبد الله الثاني وقعا مطلع نيسان (ابريل) الماضي إتفاقية ‘الدفاع عن القدس والمقدسات’ بعمان بحضور وزير الأوقاف الفلسطيني محمود الهباش، ونظيره الأردني محمد نوح القضاة.
وتؤكد الإتفاقية على أن ‘هذه الإتفاقية تعتبر إعادة تأكيد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدّسة في مدينة القدس منذ بيعة 1924، والتي انعقدت بموجبها الوصاية على الأماكن المقدسة للملك الشريف الحسين بن علي’، وأعطته الدور في حماية ورعاية الأماكن المقدسة في القدس وإعمارها، واستمرار هذا الدور بشكل متصل في ملك المملكة الأردنية الهاشمية من سلالة الشريف الحسين بن علي’. ونقل عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حينه قوله: ‘إن الإتفاقية تأتي تكريساً لما هو قائم منذ عهد جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وهي تكريس لما هو قائم بيننا منذ عقود’. وأضاف أن ‘جلالة الملك عبدالله الثاني هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدّسة في القدس الشريف، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصاً المسجد الأقصى، المعرف في هذه الإتفاقية على أنه كامل الحرم القدسي الشريف’.
ومن جهته اكد حاتم عبد القادر مسؤول ملف القدس في حركة فتح واحد القادة الفلسطينيين الناشطين في المدينة المقدسة لـ’القدس العربي’ الاربعاء بأن كل الاجراءات الاسرائيلية على ارض الواقع تشير بشكل عملي لقرار اسرائيلي بانهاء الوصاية الاردنية عن المقدسات تدريجيا.
وتابع عبد القادر قائلا لـ’القدس العربي’ ‘نحن ننظر بخطورة الى تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلي عدم اعترافه بالولاية الاردنية على المسجد الاقصى المبارك وعدم اعترافه ايضا بالاتفاق الفلسطيني الاردني الذي اعطى الوصاية لجلالة الملك عبد الله الثاني على المسجد الاقصى المبارك، ونحن نرى في هذا التصريح بانه بمثابة توجيه ضربة لاتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية الموقعة في وادي عربة’.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال السبت الماضي إن اتفاق الوصاية الذي وقعته السلطة الفلسطينية والأردن، وبموجبه تكون المقدسات الإسلامية في القدس تحت وصاية الملك الأردني، ‘ليس ملزماً لإسرائيل’.
وجاء ذلك رداً على اتصالات من جانب السفير الأردني لدى إسرائيل مع نتنياهو، يطلب منه التدخل لمنع اقتحامات اليهود المتطرفين للمسجد الاقصى، والتي تزايدت وتيرتها كثيراً.
وقد وجه قائد الشرطة الإسرائيلي رسالة لنائب دائرة الأردن من وزارة الخارجية في الكنيست الاسرائيلي، رداً على قوله إن ‘جبل الهيكل – الحرم القدسي – لإسرائيل وإنما يحق للأردن أن تقرر بخصوصه’، فجاء الرد الإسرائيلي بأن ‘إسرائيل هي جبل الهيكل’.
وفي ظل الازمة الحادة التي تمر بها العلاقات الاردنية الاسرائيلية هذه الايام على خلفية رفض تل ابيب للوصاية الاردنية على المسجد الاقصى المبارك، قال حاتم عبد القادر للقدس العربي الاربعاء: نحن نلاحظ بان اسرائيل تحاول خلق وضع داخل المسجد الاقصى المبارك يفضي بصورة تدريجية الى تآكل الوصاية الاردنية على المسجد الاقصى المبارك، وذلك من خلال ازدياد اعداد ونوعية الاسرائيليين الذين يقتحمون المسجد الاقصى’.
واضاف عبد القادر ‘في الماضي كانت هناك مجموعات متطرفة تقتحم الحرم القدسي، اما اليوم فهناك مجموعات تقتحم الاقصى تضم كل مكونات المجتمع الاسرائيلي، من احزاب وبرلمانيين وقادة امنيين وعسكريين وقادة سياسيين، وهذا يدل على ان اسرائيل تسعى بصورة تدريجية الى شطب الدور الاردني داخل المسجد الاقصى المبارك، ومصادرة موضوع الوصاية من خلال التحكم بزمام الامور داخل المسجد، سواء من خلال السماح لليهود بالدخول او من خلال اتخاذ اجراءات ضد القائمين على المسجد الاقصى المبارك، وضد المتواجدين فيه، بمعنى ان هناك محاولة لقضم الدور الاردني في المسجد الاقصى بصورة تدريجية’.
وعلى ضوء رفض تل ابيب الاعتراف بالوصاية الاردنية على المقدسات في القدس، طالب حاتم عبد القادر الحكومة الاردنية بالتوجه للمحاكم الدولية لملاحقة اسرائيل قضائيا للتأكيد على الوصاية الاردنية على المقدسات، ومنع اسرائيل من تنفيذ مخططاتها القاضية بتغيير الوضع القائم في القدس، وانهاء الولاية الاردنية على المقدسات.
وفي ظل الازمة التي تعصف بالعلاقات الاردنية الاسرائيلية هذه الايام بعد ان ادارت تل ابيب ظهرها لعمان ورفضت طلباتها بشأن الحد من اقتحامات المستوطنين للاقصى استأنفت سلطات الاحتلال اعمال الحفر في منطقة باب المغاربة دون الالتفات للمعارضة الاردنية لتلك الحفريات كونها الوصية على المقدسات الاسلامية في القدس.
وعلى ضوء الرفض الاسرائيلي للوصاية الاردنية على المقدسات، حذرت الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الاربعاء من بدء سلطات الاحتلال الاسرائيلي أعمال حفر وتوسيع في ساحة باب المغاربة على بعد خطوات من أسوار المسجد الأقصى المبارك تمهيداً لتوسعتها لإقامة ‘مبنى كيدم’، الذي سيتألف من 7 طوابق بمساحة ثلاثة آلاف متر مربع، مؤكدةً على مواصلة سلطات الاحتلال حفرياتها في الحرم القدسي الشريف والبلدة القديمة من القدس المحتلة، في سعي دائم ومستمر لسرقة وتزوير التاريخ المقدسي العريق، وتهويد معالم القدس العربية، وصبغها بطابع يهودي بعيد عن عروبتها.
وأكدت الهيئة أن أعمال الحفر ستحدث تغييرات جذرية على ساحة باب المغاربة، من خلال توسيعها وإحداث مزيد من الأبنية والمراكز التهويدية، وبالتالي سيؤدي الى تهويد الساحة وتغيير معالمها أولا، وتشويه القدس ثانياً، وبالتالي يصبح المسجد الاقصى المبارك محاطا بالعديد من المعالم التهويدية التلمودية ما يسهل تهويده والسيطرة الكاملة عليه.
وأشارت الهيئة الى ان اعمال الحفر والتوسيع والبناء ستؤدي الى التضييق على السكان المقدسيين في منطقة ساحة باب المغاربة، وتحول حياتهم الى شبه مستحيلة بسبب الالات المنتشرة والحواجز والمتاريس، مؤكدةً على ان المخططات الاسرائيلية المتتالية تستهدف القدس وقاطنيها في ان واحد، فتهود القدس وتهجر سكانها محققة مزيدا من الوقائع التهويدية في المدينة المقدسة.
وفي سياق متصل أدانت الهيئة الاسلامية المسيحية مواصلة المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى المبارك وأداء الطقوس والصلوات التلمودية في باحاته بشكل يومي، اضافة لاستمرار السياسة الاستيطانية الاسرائيلية على كل شبر من مدينة القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة، مشددةً على ضرورة وضع حد لانتهاكات الاحتلال لحرمة المقدسات الاسلامية والمسيحية، والالتزام بقواعد القانون الدولي الانساني.