غدا بداية فصل الشتاء فلكيا

 

حصاد نيوز – عمان – بشرى نيروخ- يبدأ فصل الشتاء فلكيا في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يوم غد الأحد، مع حدوث لحظة الانقلاب الشتوي نحو السادسة مساء بتوقيت المملكة.
ويتميز هذا اليوم بأقصر نهار وأطول ليل خلال العام، حيث يبلغ طول النهار في عمان وضواحيها نحو 10 ساعات و3 دقائق فقط.
وذكرت مصادر فلكية أردنية في حديثها لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن فصل الشتاء الفلكي يستمر قرابة 89 يوما، لينتهي مع الاعتدال الربيعي في 20 آذار 2026، فيما تبدأ مربعانية الشتاء من يوم الانقلاب، وتستمر 40 يوما، تليها خماسينية الشتاء بمدة 50 يوما والمقسمة إلى 4 “سعود” فلكية.
وعزا المختصون تعاقب الفصول إلى ميلان المحور الدوراني للأرض بمقدار 23.5 درجة، ما يؤدي إلى اختلاف زاوية سقوط أشعة الشمس على مناطق الكرة الأرضية خلال رحلتها السنوية الظاهرية على دائرة البروج.
رئيس الجمعية الفلكية الأردنية الدكتور عمار السكجي قال: إن لحظة الانقلاب الشتوي للنصف الشمالي من الكرة الأرضية لهذا العام ستحدث نحو السادسة من مساء يوم غد الأحد بتوقيت الأردن.
وأضاف “في هذه اللحظة تتعامد الشمس على مدار الجدي، وتصل إلى أدنى ارتفاع لها في السماء خلال العام، ما يؤدي إلى تسجيل أطول ظل للأجسام عند الظهيرة، ويعد هذا الحدث بداية فصل الشتاء فلكيا، حيث تكون ساعات الليل هي الأطول وساعات النهار هي الأقصر خلال السنة”.
ويستمر فصل الشتاء فلكيا 88 يوما و23 ساعة و42 دقيقة، لينتهي مع الاعتدال الربيعي الذي سيكون عند الساعة 5:45 من مساء 20 آذار 2026 (بتوقيت الأردن)، بينما يشهد النصف الجنوبي من الكرة الأرضية الانقلاب الصيفي في نفس الفترة.
وقال إنه بالنسبة لعمان وضواحيها، سوف يبلغ طول النهار يوم الانقلاب الشتوي نحو 10 ساعات و3 دقائق، ويحدث منتصف الليل الفلكي وهي اللحظة التي تصل فيها الشمس إلى أدنى ارتفاع لها تحت الأفق بالنسبة للأردن نحو الساعة 12:34 بعد منتصف ليلة الأحد على الاثنين (21/ 22-12)، وهو الوقت الأكثر ظلمة فلكيا بالنسبة ليوم الانقلاب الشتوي، وبعد ذلك يبدأ طول النهار بالازدياد تدريجيا حتى الاعتدال الربيعي، حين يتساوى الليل والنهار تقريبا.
ولفت إلى أنه من منظور الطقس، تبدأ مربعانية الشتاء مع يوم الانقلاب الشتوي وتستمر نحو 40 يوما، تليها خماسينية الشتاء التي تمتد 50 يوما، وتنقسم إلى 4 أقسام تعرف بـ “السعود”: سعد الذابح، وسعد بلع، وسعد السعود، وسعد الخبايا، حيث تستغرق مدة كل منها نحو 12.5 يوم.
وأكد أن تحديد مواعيد هذه السعود يعتمد على “التقويم النجمي”، مثلا يبدأ سعد الذابح يوم السبت الأول من شباط المقبل، مع ظهور نجم بيتا الجدي المعروف باسم “دابح”، ويكون ارتفاعه حوالي 8 درجات عند لحظة شروق الشمس، مبينا أن الجمعية الفلكية الأردنية قامت برصد وتصوير نجم سعد الذابح وباقي نجوم السعود خلال السنة الماضية.
ولتوضيح أثر الانقلابين الشتوي والصيفي، يمكن إجراء تجربة بسيطة تتمثل في ملاحظة طول الظل وقت الظهيرة؛ ففي يوم الانقلاب الشتوي يكون الظل الأطول خلال العام، بينما يكون الظل هو الأقصر يوم الانقلاب الصيفي عند الظهيرة.
وقال السكجي، يعتمد علماء الأرصاد الجوية تعريفا مختلفا للفصول، إذ يبدأ الشتاء لديهم في الأول من كانون الأول، وينتهي مع نهاية شباط، وذلك لأغراض مناخية وإحصائية.
من جانبه، أوضح مدير الشؤون العلمية والتدريب في المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء لغرب آسيا الدكتور حنا صابات، أن سبب تعاقب الفصول الأربعة يعود لاختلاف ميلان الأشعة الشمسية الساقطة على الكرة الأرضية اعتمادا على موقع الأخيرة في مدارها، وهذا ناتج بدوره عن ميلان المحور الدوراني للأرض بنحو 23.5 درجة عن العمودي على مستواها المداري.
وأضاف أنه لو كان هذا المحور الدوراني عموديا تماما على المستوى المداري، لسقطت أشعة الشمس عمودية على خط الاستواء الأرضي خلال العام كله، وفي نفس الوقت، لازداد ميلان أشعتها بالابتعاد شمالا أو جنوبا عن خط الاستواء، أي أننا سنحصل في تلك الحالة على مناطق مناخية ثابتة خلال العام ولا وجود لتغيرات فصلية.
وأضاف أن الاعتدال الربيعي يبدأ في النصف الشمالي من الكرة الأرضية تقريبا يوم 21 آذار من كل عام، حيث تكون الشمس عمودية على دائرة الاستواء ويحصل الانقلاب الصيفي تقريبا يوم 22 حزيران، حيث تكون أشعة الشمس عمودية على مدار السرطان (خط عرض 23.5 شمالا).
وبين أن الاعتدال الخريفي ييدأ تقريبا يوم 23 أيلول، حيث تكون أشعة الشمس عمودية على دائرة الاستواء من جديد، وأخيرا يحصل الانقلاب الشتوي تقريبا يوم 21 كانون الأول، حيث تكون أشعة الشمس عمودية على مدار الجدي (خط عرض 23.5 جنوبا)، مع ملاحظة أن العكس تماما يحصل في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.
وتابع انه نتيجة لحركة الأرض المدارية تتحرك الشمس ظاهريا على القبة السماوية – نسبة للراصد الأرضي – بمعدل درجة واحدة تقريبا في اليوم باتجاه الغرب، ويسمى هذا المسار الظاهري للشمس “دائرة الكسوف” أو “دائرة البروج” – وتدعى المجموعات النجمية الواقعة على دائرة الكسوف بالبروج، حيث تتم الشمس ظاهريا دورة كاملة على دائرة الكسوف خلال سنة كاملة (تدعى بالسنة المدارية، وتبلغ نحو 365.242 يوم)، وتميل دائرة الكسوف على دائرة الاستواء السماوي بنحو 23.5 درجة كنتيجة لميلان المحور الدوراني للأرض، وتتقاطع الدائرتان في نقطتين هما نقطتا الاعتدال.
ولفت صابات إلى أن الشمس تكون في أدنى نقطة لها تحت دائرة الاستواء السماوي يوم الانقلاب الشتوي، وكنتيجة لذلك، يصبح ميل أشعة الشمس الساقطة على النصف الشمالي من الكرة الأرضية كبيرا، ما يقلل من تسخينه؛ وفي نفس الوقت، يكون طول مسار الشمس في السماء خلال اليوم قصيرا في الجزء الشمالي من الأرض، أي أن طول النهار يكون قصيرا أيضا.
بدوره، قال عضو الجمعية الفلكية الأردنية والمهتم بعلوم الأنواء والتراث الفلكي إبراهيم الدعجة إن التقويم النجمي (الأنواء) يعد من أقدم المعارف الفلكية لدى العرب، إذ اعتمدوا عليه في فهم تعاقب الفصول، واستقراء أحوال الطقس وتحديد مواسم الزراعة والرعي والتنقل.
ومن أبرز منازله في فصل الشتاء (نجوم خماسينية الشتاء: السعود الأربعة) وهي نجوم ارتبط طلوعها بتغيرات مناخية واضحة ومتتابعة؛ فسعد الذابح يدل على شدة البرد وقسوته، ويأتي بعده سعد بلع مشيرا إلى بداية الأمطار النافعة التي تبلعها الأرض، ثم سعد السعود مبشرا بانكسار حدة البرد وبدء الاعتدال ونمو النبات، فيما يحمل سعد الأخبية دلالات على ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة واقتراب ملامح الربيع.
وأضاف: لا ينظر إلى الأنواء اليوم بوصفها تنبؤا علميا دقيقا بالمعنى الحديث، بل بوصفها إرثا ثقافيا ومعرفيا تشكل عبر ملاحظات طويلة امتدت لقرون، تعكس عمق ارتباط الإنسان العربي بالسماء والطبيعة، ولا يزال هذا التراث حاضرا في الأمثال الشعبية والذاكرة البيئية، شاهدا على حكمة الأجداد في قراءة النجوم واستنباط دلالاتها في حياتهم اليومية.
وتابع الدعجة: انطلاقا من هذا الاهتمام، سنقوم هذا العام برصد وتصوير هذه النجوم كما دأبنا على متابعتها وتوثيقها في كل عام، إسهاما في حفظ هذا الموروث وتعزيزه بالمعرفة والرصد الحديث.