“وادي الأردن” تطلق منظومة الري الذكي.. نحو إدارة مائية أكثر استدامة

 

حصادنيوز – في وقت تتزايد فيه التحديات المائية التي تواجه الأردن، تواصل سلطة وادي الأردن خطواتها العملية نحو التحول لإدارة رقمية ذكية للري، في انسجام واضح مع توجهات الخطة الاستراتيجية للاعوام 2024 – 2026، والهادفة لرفع كفاءة استخدام المياه وتعزيز الحوكمة والابتكار في القطاع.واختتمت السلطة، نهاية الشهر الماضي، الدورة التدريبية النهائية على اداة تقييم كفاءة استخدام المياه في الري IPADT Tool، يشكل مؤشرا ملموسا على تطبيق هذا التوجه.
وتم تطوير الاداة بدعم من المعهد الدولي لإدارة المياه IWMI ومنظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO، وبتمويل من الحكومة الهولندية.
والاداة الجديدة، التي تعتمد على دمج البيانات الميدانية مع صور الاقمار الصناعية من منصة WaPOR، توفر مؤشرات كمية دقيقة تساعد صناع القرار على تحسين الانتاجية المائية والتخطيط المستند للبيانات.
دعم التحول الرقمي بالمياه
وبحسب سلطة وادي الأردن، فإن المشروع يشكل خطوة محورية بدعم التحول الرقمي بقطاع المياه، فيما يؤكد المعهد الدولي لادارة المياه، على ان التجربة في شمال الوادي تمثل نقطة انطلاق لتوسيع تطبيق الاداة وطنيا.
وهذه الرؤية تتقاطع بوضوح مع ما ورد في التقرير الدولي الصادر عن مؤسسة “بي دبليو سي PwC”، الذي حذر من ان انظمة الري التقليدية باتت عبئا على الادارة المائية، كونها تستهلك كميات كبيرة من المياه وتزيد التكاليف التشغيلية.
والتقرير الدولي، الذي حصلت “الغد” على نسخة منه، شدد على ان التحول الى انظمة الري الذكية لم يعد ترفا تكنولوجيا بل خيارا وطنيا استراتيجيا، خصوصا في دول تعاني من شح المياه مثل الأردن، الذي يصنف ضمن اكثر دول العالم جفافا.
كما اوصى التقرير الذي حمل عنوانه “لماذا يجب تطوير أنظمة الري الحالية؟”، بضرورة تبني رؤية وطنية متكاملة تربط التكنولوجيا بالسياسات العامة والتشريعات، وتضمن بناء قدرات الكوادر المحلية لإدارة هذه الانظمة بكفاءة، وهي ذات الاهداف التي تكرسها الخطة التنفيذية لسلطة وادي الأردن عبر محاورها المتعلقة بالحوكمة، والتوسع في جمعيات مستخدمي المياه، واشراك القطاع الخاص.
وبينما دعا التقرير لإنشاء منصات موحدة للبيانات تتيح رؤية شاملة لمصادر المياه واحتياجاتها، فان اداة IPADT وما تتضمنه من قدرات تحليلية قائمة على الذكاء الاصطناعي تمثل ترجمة عملية لهذا التوجه، اذ تمكن من مراقبة الاداء المائي بدقة، وتحديد الفاقد، ورفع كفاءة استخدام المياه على مستوى الحقل الزراعي.
تجسيد مفهوم الري الذكي
وهو ما تعمل سلطة وادي الأردن وبخطوات مدروسة على تجسيد مفهوم الري الذكي ضمن خطة وطنية متكاملة تستند الى التعاون الدولي ونقل المعرفة والتكنولوجيا، في وقت باتت فيه استدامة المياه قضية وجودية تمس الامن الغذائي والاجتماعي على حد سواء.
فالتحول نحو انظمة الري الذكية، كما اكد التقرير، لم يعد خيارا مؤجلا، بل ضرورة استراتيجية لضمان استدامة الموارد المائية وبناء منظومة اكثر مرونة في مواجهة المناخ القاسي وشح المياه.
إلى ذلك، بين التقرير أن هذا التكامل في البيانات يسهم بالتخطيط الاستراتيجي للموارد، وتوجيه الاستثمارات نحو المناطق الأكثر حاجة، وتحسين التنسيق بين وزارتي المياه والزراعة والبلديات.
لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في الجانب التقني فحسب، بل في ضرورة تبنّي رؤية وطنية متكاملة تربط التكنولوجيا بالسياسات العامة والتشريعات، وتضمن تدريب الكوادر المحلية على إدارة هذه الأنظمة بكفاءة.
فالتحوّل نحو الري الذكي لا يعني استبدال البنية التحتية الحالية، بل تطويرها وربطها ضمن شبكة متجانسة تعمل بتناغم وتتكيف مع التغيرات المناخية.
ومع ازدياد الضغط على الموارد المائية وارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات الهطل المطري، تبدو الحاجة إلى التحوّل نحو الري الموحّد أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
فالمياه في الأردن ليست مجرد مورد اقتصادي، بل عنصر بقاء واستقرار اجتماعي. وتطوير أنظمة الري هو الخطوة الأولى في بناء منظومة مائية مستدامة قادرة على الصمود أمام المستقبل القاسي الذي تفرضه ندرة المياه.
وقال التقرير إن الشرق الأوسط يواجه بعضا من أصعب تحديات المياه في العالم، حيث تقع 12 دولة من أصل 17 دولة تعاني من شحّ المياه في المنطقة، مضيفا أن أنظمة الري التقليدية، المصممة لمناخات مختلفة وسكان أقل، لم تعد صالحة للغرض. وتابع أنها “تهدر المياه، وترفع التكاليف، وتعرّض المدن والمزارع لضغوط متزايدة ناجمة عن تغير المناخ والنمو السكاني”.
من جانبها، أكدت الخطة التنفيذية للخطة الاستراتيجية لسلطة وادي الأردن للأعوام 2024 – 2026، أهمية تحقيق هدفها الوطني حول حوكمة قطاع المياه وتفعيل قوانين المياه ولوائحها، على أن يكون مؤشر الأداء في هذا البند، هو “زيادة نسبة مساحة الأراضي المشمولة بجمعيات مستخدمي المياه”.
وأكدت الخطة بهذا الإطار، أهمية هدفها القطاعي المتمثل في زيادة مشاركة القطاع الخاص من أجل تحسين الكفاءة التشغيلية واستدامتها، وإدخال أطر الابتكار والتكنولوجيا، وتحقيق مرونة أكبر في التنفيذ وتحسين إدارة المخاطر، والاستفادة من مصادر التمويل البديلة، وتحسين إدارة التدفق النقدي.
ولفتت الخطة ذاتها لأن الهدف الاستراتيجي المؤسسي يتمثل في تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، ووفق سياسة تحسين الكفاءة التشغيلية لزيادة الإيرادات وتغطية كلفة التشغيل.