حصادنيوز – إعداد أيمن الراشد – في مشهدٍ يعكس التحوّل النوعي الذي تشهده منظومة الأمن العام الأردني، تتجلّى اليوم تجربة رائدة في التوأمة المؤسسية بين إدارة السير بقيادة العميد رائد العسّاف، وإدارة ترخيص السواقين والمركبات بقيادة العميد عمر القرعان، في خطوةٍ تُعدّ نموذجاً يحتذى في العمل الجماعي والتكامل الخدمي والإنساني.
هذه التوأمة ليست مجرد تعاون إداري، بل رؤية مشتركة تُعيد تعريف مفهوم الخدمة الأمنية لتصبح أقرب إلى الناس، وأكثر تفاعلاً مع احتياجاتهم اليومية، وأكثر اتساقاً مع رؤية الأمن العام الشاملة بقيادة مدير الأمن العام اللواء عبيد الله المعايطة، الذي أكد مراراً على أهمية أن تكون الإدارات الأمنية جزءاً من نسيج المجتمع، لا منفصلة عنه.
العسّاف… قيادة ميدانية بلغة الاحترام والإنسانية
العميد رائد العسّاف أعاد رسم صورة رجل السير في الوعي العام.
فبأسلوبه القيادي الهادئ، وحرصه على التواجد الميداني في الشوارع والتقاطعات، صنع نموذجاً ملهماً لضابط السير الذي يوازن بين الانضباط والحكمة، والحزم واللباقة.
العسّاف يؤمن أن “التوعية تسبق المخالفة، والاحترام يسبق الإجراء”، ولهذا وجّه كوادره إلى بناء علاقة ثقة متبادلة مع السائقين والمواطنين، جعلت رجل السير الأردني رمزاً للانتماء والمصداقية.
من حملات التوعية في المدارس والجامعات، إلى المشاركة في المبادرات المجتمعية، إلى إطلاق برامج تنسيقية مع البلديات والمجالس المحلية، كانت بصمة العسّاف واضحة في كل تفصيل.
القرعان… فكر إداري متجدد وخدمة تصل الجميع
أما العميد عمر القرعان، فاستطاع أن ينقل إدارة الترخيص من مفهوم “المؤسسة الإجرائية” إلى “المؤسسة الخدمية المتطورة”، واضعاً نصب عينيه شعاراً واضحاً: الخدمة حق للمواطن، وليست امتيازاً.
برؤيته الإدارية المتميزة، أطلق القرعان سلسلة مبادرات ابتكارية مثل الترخيص المتنقل “بنوصلك”، الذي وصل إلى المحافظات والأطراف والمناطق البعيدة، ليختصر المسافات ويجعل الخدمة أقرب إلى المواطن من أي وقت مضى.
كما أسهم في تطوير بيئة العمل داخل مراكز الترخيص، بتوظيف التكنولوجيا والأنظمة الرقمية، لتصبح الإجراءات أكثر مرونة وسرعة وشفافية.
القرعان اليوم يقود منظومة ترخيص حديثة، لا تكتفي بالترخيص وتجديد الوثائق، بل تسعى لتقديم خدمة حضارية تحترم وقت المواطن وكرامته، وهو ما جعل إدارة الترخيص تحصد إشادات رسمية وشعبية متزايدة.
التوأمة: عقلٌ واحد بأذرع متعددة
حين تلتقي إدارة السير وإدارة الترخيص تحت مظلة واحدة من التكامل، تتوحّد الغاية: حماية الأرواح وتنظيم الحركة وتسهيل الخدمات.
هذه التوأمة لا تُدار من مكاتب مغلقة، بل من خلال تخطيط ميداني ومتابعة يومية وتنسيق لحظي، يربط بين رجال الميدان وفرق الخدمة والمواطنين أنفسهم.
فما بين ميدانٍ يضج بالحركة وتنظيم المرور، ومركز ترخيصٍ يستقبل آلاف المراجعين يومياً، تولد حلقة ثقة متكاملة تجعل المواطن يشعر أنه في يد منظومة واحدة تعمل لخدمته لا لمعاقبته.
وتنعكس هذه التوأمة أيضاً في الحملات المشتركة، مثل الحملات الخاصة بـ:
• السلامة المرورية الشاملة،
• الحد من الحوادث في موسم المدارس،
• المبادرات الميدانية في المناطق النائية،
• مشاريع الرقمنة والتكامل المعلوماتي بين الإدارتين.
الميدان يتحدث… والمواطن يلمس الفرق
من شمال المملكة إلى جنوبها، ومن العاصمة إلى البادية، تُثبت الإدارتان أن العمل الأمني يمكن أن يكون إنسانياً وتنموياً في الوقت ذاته.
في القرى البعيدة التي وصلت إليها عربة “بنوصلك”، وجد المواطنون في هذه الخدمة المتنقلة روح الدولة التي تأتي إليهم بابتسامة وثقة.
وفي الشوارع التي ينظمها رجال السير، وجد السائقون انضباطاً ممزوجاً بالوعي والتفهّم.
إنها فلسفة جديدة في الإدارة الأمنية الأردنية: أمن يحمي ويخدم، وإدارة تُبادر وتبتكر.
قيادة تزرع الثقة وتصنع القدوة
العسّاف والقرعان يمثلان جيل القيادة الأمنية الواعية التي ترى في المواطن شريكاً، لا متلقياً.
يتشاركان ذات الرؤية القائمة على:
• العمل الميداني المباشر،
• تحفيز الكوادر وتطويرهم مهنياً،
• استخدام التقنية لخدمة الإنسان لا العكس،
• تعزيز قيم الانتماء والمسؤولية الوطنية داخل المنظومة الأمنية.
ولذلك أصبحت التوأمة بين الإدارتين نموذجاً في الإدارة الحديثة المبنية على الشراكة والتكامل، لا على الفصل والتجزئة.
⸻
خاتمة: حين تصبح الخدمة رسالة… والأمن قيمة
التجربة الأردنية في توأمة إدارة السير والترخيص بقيادة العميدين رائد العسّاف وعمر القرعان، تمثل مشهداً وطنياً مشرقاً في زمن تتسارع فيه التحديات.
هي قصة نجاح تُروى بلغة الأرقام والمواقف والمبادرات، لكنها تُقرأ أيضاً بلغة الاحترام، والإنسانية، والانتماء.
في النهاية، قد تختصر هذه التوأمة المعنى الأعمق لرسالة الأمن العام الأردني:
أن تكون في خدمة الإنسان… وأن تصل إليه قبل أن يحتاجك.
⸻
✍️ إعداد: أيمن الراشد.