حصادنيوز – في أمسية مسرحية مفعمة بالتأمل والأسئلة الكبرى، شهد مسرح مركز الحسين الثقافي – رأس العين، مساء الثلاثاء 30 تموز 2025، تقديم العرض الليبي المونودرامي “إلى أين؟”، وذلك ضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما العربي، المقامة على هامش مهرجان جرش للثقافة والفنون.
العرض، الذي حضره ممثل عن السفارة الليبية في عمان إلى جانب جمهور نوعي من المهتمين بالفن المسرحي، شكّل محطة بارزة في المهرجان، إذ قدّم معالجة درامية وجودية عميقة من خلال نص “حقائب سوداء” للكاتب العراقي علي العبادي، بتوقيع إخراجي وسينوغرافي للمخرج الليبي عوض الفيتوري.
وتقمّص الفنان الليبي حسين العبيدي شخصية “المسافر” الذي وقف وحيدًا على الخشبة، محاطًا بحقائب لا تقتصر رمزيتها على الوزن المادي، بل تنوء بحمولة روحية ووجدانية من الذكريات والأحلام والخذلان والحنين. ورافقه موسيقيًا الفنان أنس العريبي، الذي عزّز بالألحان الحيّة توتر العرض وإيقاعه الشعوري، مضفيًا عليه بعدًا دراميًا محكمًا.
في “إلى أين؟”، يتحول سؤال الرحيل من هاجس فردي إلى قلق جماعي عربي. العرض يفتح بوابة للتأمل في قضايا الهجرة القسرية والمنفى، ويطرح تساؤلات مُلحة حول مفهوم الوطن، والهوية، والبحث عن الذات في وجه واقع عربي متشظٍ، أنهكته الحروب والنكبات والاحتلالات.
تميّز العمل بتكامل عناصره البصرية والصوتية؛ إذ وظّف المخرج الضوء والظل، الحركة والسكون، الصمت والكلمة، ليصوغ كولاجًا فنيًا متقنًا يحاكي نبض الشارع العربي وهمومه، ويمنح النص المسرحي بعدًا فلسفيًا وإنسانيًا ملامسًا للواقع.
ويُشار إلى أنّ مهرجان المونودراما العربي، في نسخته الثالثة لهذا العام، يواصل استضافة عروض عربية فردية من عدة دول، في تظاهرة ثقافية تُعلي من صوت الفرد وتجارب المجتمعات من خلال الفن المسرحي، ضمن برنامج مهرجان جرش 2025 الذي يحتفي هذا العام بدورته التاسعة والثلاثين.