وزير الاتصال الجزائري ينفي حديثا منسوبا له بأن 40 بالمئة من الجزائريين ممنوعون من السفر.. وقضية الصحافي حرزالله تشعل جدلا واسعا

 

حصادنيوز – نفى وزير الاتصال الجزائري محمد مزيان، أن يكون قد أدلى بحديث حول منع “40 بالمئة من الجزائريين من السفر”، وهي عبارة نسبها له الصحافي رؤوف حرزالله في فيديو بثه على حسابه بفيسبوك، تحدث فيه عن تعرضه للمنع من السفر ومحاولاته للاستفسار عن هذا القرار.

وجاء في بيان لوزارة الاتصال، أنها تفند بشكل “قاطع” المعلومات “الكاذبة والمغرضة” التي نسبها “زورا” مراسل يعمل لحساب وسيلة اعلامية أجنبية، لوزير الاتصال، محمد مزيان، مؤكدة أنها تحتفظ بحق اللجوء إلى القضاء، وفقا للتشريع المعمول به.

وورد في البيان، أن وزير الاتصال قد التقى فعلا بالمعني، خلال مراسم تسليم الاعتمادات لفائدة مراسلي الصحافة الأجنبية بتاريخ 9 نيسان/أبريل الماضي، حيث “دار بينه وبين هذا الشخص الذي يشتغل كمراسل لحساب وسيلة اعلامية أجنبية، حديث وجيز”.

وخلال هذا التبادل، اشتكى حرزالله، حسب البيان، من كونه يخضع لإجراء المنع من مغادرة التراب الوطني، وعليه “لفت السيد الوزير انتباهه بأن لا المكان ولا الوقت مناسبان للتطرق إلى مثل هذه المواضيع، مؤكدا له في الوقت نفسه أنه لا داعي للقلق”.

وختم البيان بالقول: “ردا على هذه الأقوال الكاذبة والادعاءات التي تم الإدلاء بها عمدا بهدف إلحاق الضرر، تحتفظ وزارة الاتصال بحقها في اللجوء إلى القضاء، وفقا للتشريع المعمول به”.

وكان الصحافي رؤوف حرزالله، وهو مدير مكتب قناة “الشرق” في الجزائر وباريس، قد نشر فيديو قبل أيام، يوجه فيه نداء للرئيس عبد المجيد تبون من أجل فتح تحقيق في قضية منعه من السفر، مشيرا إلى أنه لم يستطع التعرف على الأسباب سوى ما قيل له أنه “متابع في قضية فساد”، وهي تهمة قال إنها لا تنسجم تماما مع مهنته ونشاطه فهو صحافي ولم يسبق له أن دخل في أي مجال يتعلق بالمال والأعمال.

وخلال سرده لمعاناته، تحدث حرزالله عرضا عن لقاء جمعه بوزير الاتصال محمد مزيان الذي لجأ إليه من أجل مساعدته في القضية، فرد عليه الأخير ساخرا، وفق ما نقله الصحافي، أنه لا يجب القلق، فـ40 بالمئة من الجزائريين ممنوعون من السفر، وهي الجملة التي انتشرت بغزارة في مواقع التواصل على لسان الوزير.

وأرفق حرزالله مع الفيديو شكوى كان قد دوّنها لدى مصالح النائب العام، أوضح فيها أنه تبلّغ بشكل غير رسمي بوجود قرار يقضي بمنعه من السفر داخل وخارج الجزائر، وذلك خلال شهر شباط/ فبراير 2025.

وذكر المعني أنه تنقل إلى الجزائر بتاريخ نيسان/ أبريل 2025 بغرض الاستفسار عن أسباب هذا القرار، إلا أن كل محاولاته في الوصول إلى الجهات المعنية والاستفسار عن خلفيات المنع باءت بالفشل، حيث لم يتلقَّ أي تبليغ رسمي أو استدعاء يُوضح سبب منعه من السفر.

وأكد الصحافي أن هذا القرار تسبب في تعطيل مصالحه المهنية والشخصية، وأثر سلبا على ارتباطاته ووظائفه الإعلامية، خاصة أنه لم يكن محل استدعاء أو تحقيق، ولم يُوجه له أي اتهام واضح. وناشد الصحافي النائب العام بفتح تحقيق عاجل وتمكينه من معرفة أسباب منعه، وإنصافه قانونيا، وضمان حقه في التنقل والعمل بحرية، وفق ما يكفله له الدستور والقانون.

واللافت أن حرز الله تمكن من مغادرة البلاد رغم منعه من السفر، دون أن يتحدث عن كيفية ذلك، حيث اكتفى بالإشارة إلى أنه سافر مستعملا جوازه الأجنبي. وعلى مواقع التواصل، أثارت قضيته جدلا واسعا وفتحت من جديد النقاش حول واقع الحريات في البلاد.

وتحيل هذه القضية إلى أخرى شبيهة في السنوات الأخيرة، وجد فيها صحافيون ونشطاء وسياسيون أنفسهم ممنوعين من السفر عند وصولهم للمطار. ومن أبرز القضايا الأخيرة، ما حدث مع الصحافي مصطفى بن جامع الذي حاول عدة مرات المرور عبر المعبر الحدودي بين الجزائر وتونس بشكل قانوني لكنه كان يبلغ بأنه ممنوع من السفر. واشتكى الصحافي من كون قرار المنع ليس صادرا عن أي جهة قضائية، وهو ما يعقّد من مهمة الاستفسار.

وسبق لمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أن أصدرتا سنة 2022 بيانا مشتركا في أعقاب فرض السلطات الجزائرية قرار منع من السفر طال ثلاثة نشطاء جزائريين يقيمون في كندا، طالبتا فيه بالعدول عن هذه القرارات.

وفي ذلك البيان، قال إريك غولدستين، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “تستخدم السلطات الجزائرية منع السفر التعسفي للضغط على النشطاء المغتربين في كندا وغيرها. هذه الإجراءات غير المبررة تضع الجزائريين المغتربين الذين يعودون لزيارة بلادهم لزيارتها في وضع خطر مع غياب سبل انتصاف قانونية واضحة”.

وبسبب تكرار هذه القضايا، كان النائب عن الجالية في الخارج، عبد الوهاب يعقوبي، المنتمي لحركة مجتمع السلم، قد اقترح تعديلا على مشروع قانون الإجراءات الجزائية، لدى عرضه على البرلمان يتضمن “ألا يصدر قرار المنع من مغادرة التراب الوطني إلا بموجب أمر قضائي معلل عن قاضي الحريات، بناءً على أدلة واضحة ومثبتة حول خطر فرار المتهم أو تهديد حقيقي لسير العدالة”، مع إلزام السلطات القضائية بـ”إبلاغ الشخص المعني بالقرار فوراً، ومنحه الحق في الطعن أمام قاضي الحريات خلال 48 ساعة، وتبليغه رسميا بأمر المنع”. غير أن البرلمان الجزائري أسقط هذا التعديل، بحجة أنه يقلّص من صلاحيات النيابة العامة.