اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول لبنان وغوتيريش يحذر من حرب شاملة

 

حصادنيوز –  بدأ مجلس الأمن الدولي، صباح اليوم الأربعاء، جلسة طارئة بدعوة من فرنسا حول الوضع في لبنان. وقد دعي للمشاركة في الاجتماع كل من مندوبي إيران وسوريا وإسرائيل والعراق وإيطاليا.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أول المتحدثين، والذي حذر من أن الحرائق المشتعلة في الشرق الأوسط تتحول بسرعة إلى جحيم، قائلا: “قبل أسبوع واحد بالضبط، أطلعت مجلس الأمن على الوضع المقلق في لبنان، ومنذ ذلك الحين، ساءت الأمور من سيئ إلى أسوأ بكثير، كما أخبرت المجلس الأسبوع الماضي، حول التوترات الأكثر خطورة منذ سنوات على الخط الأزرق. ولكن منذ أكتوبر/تشرين الأول، اتسع نطاق تبادل إطلاق النار وعمقه وكثافته”.

وكانت إسرائيل قد أعلنت اليوم الأمين العام غوتيريش بأنه “شخص غير مرغوب فيه” في إسرائيل لأنه، كما يقول البيان الإسرائيلي، “فشل في إدانة الهجوم الإيراني على إسرائيل”.

وفي كلمته أمام المجلس أكد الأمين العام على إدانته لإطلاق الصواريخ الإيرانية على إسرائيل قائلا: “أمس، أطلقت إيران حوالي 200 صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل وقالت إنها كانت ردًا على مقتل حسن نصر الله، وقائد الحرس الثوري الإسلامي عباس نيلفوروشان الأسبوع الماضي – وكذلك مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران في تموز/يوليو الماضي. لقد أجبر الملايين من الناس في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة على البحث عن مأوى وقُتل شخص واحد من الضربات الإيرانية- فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة. كما فعلت فيما يتعلق بالهجوم الإيراني في نيسان/ أبريل الماضي- وكما كان ينبغي أن يكون واضحًا أمس في سياق الإدانة التي عبرت عنها ـ أكرر إدانتي الشديدة للهجوم الصاروخي الضخم الذي شنته إيران على إسرائيل أمس. ومن المفارقات أن هذه الهجمات لا تفعل شيئاً لدعم قضية الشعب الفلسطيني أو الحد من معاناته”.

وقال الأمين العام إن إسرائيل رفضت وقف إطلاق النار في لبنان الذي دعت إليه فرنسا والولايات المتحدة، يسمح باستئناف المفاوضات، وكثفت ضرباتها، بما في ذلك قصف مقر حزب الله حيث قُتل زعيمه، “لقد واصل حزب الله هجماته الصاروخية على إسرائيل. وأمس، نفذت قوات الدفاع الإسرائيلية ما وصفته بـ”توغلات محدودة” في جنوب لبنان. إن المدنيين يدفعون ثمنًا باهظًا – وهو ما أدينه بشدة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث قُتل أكثر من 1700 شخص في لبنان بما في ذلك أكثر من 100 طفل و194 امرأة وتأكد نزوح أكثر من 346 ألف شخص من منازلهم. وتشير تقديرات الحكومة إلى أن هذا العدد يصل إلى مليون شخص وعبر 128 ألف شخص آخرين – سوريون ولبنانيون – إلى سوريا”.

ودعا الأمين العام غوتيريش إلى وقف إطلاق نار فوري في غزة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وتسليم المساعدات الإنسانية بشكل فعال للفلسطينيين في غزة، والتقدم الذي لا رجعة فيه نحو حل الدولتين. وقال “لقد حان الوقت لوقف الأعمال العدائية في لبنان، والتحرك الحقيقي نحو التنفيذ الكامل لقراري مجلس الأمن 1559 و1701، وتمهيد الطريق للجهود الدبلوماسية من أجل السلام المستدام. لقد حان الوقت لوقف هذه الدورة المروعة من التصعيد تلو التصعيد والتي تقود شعوب الشرق الأوسط إلى الهاوية. لقد كان كل تصعيد بمثابة ذريعة للتصعيد التالي. يجب ألا نغفل أبداً عن الخسائر الهائلة التي يفرضها هذا الصراع المتنامي على المدنيين. لا يمكننا أن نغض الطرف عن الانتهاكات المنهجية للقانون الإنساني الدولي. يجب أن تتوقف هذه الدورة القاتلة من العنف المتبادل. الوقت ينفد”.

السفيرة الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد

بدورها، دعت السفيرة الأمريكية، ليندا توماس غرينفيلد المجلس إلى الوحدة في إدانة إيران “التي سلّحت حزب الله وحماس وساهمت في توسيع رقعة المواجهات في الشرق الأوسط”. وقالت إن إطلاق أكثر من 200 صاروخ إلى إسرائيل “ليس ممارسة لحق الدفاع عن النفس بل للثار لمقتل حسن نصر الله”. وأكدت أن بلادها “ستدافع عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس وحزب الله والحوثيين وإيران”. وأكدت أن الولايات المتحدة “تقف تماما، تماما، تماما مع إسرائيل”.

وأكدت غرينفيلد أن إسرائيل ملتزمة بالقرار 1701 حتى مع تلك التطورات. وقالت إن أولويات بلادها هو الحل الدبلوماسي التزاما بالقرار وتطالب جميع الأطراف حماية المدنيين وعناصر قوات الأمم المتحدة “يونيفيل” تظل آمنة.

القائم بالأعمال المؤقت في البعثة اللبنانية هادي هاشم

من جهته، قال القائم بالأعمال المؤقت في البعثة اللبنانية لدى الأمم المتحدة، هادي هاشم، إن منطقة الشرق الأوسط تحترق من كل جانب. فقد وافقت الحكومة الإسرائيلية ومجلس وزرائها على الغزو البري للبنان، الذي بدأ أوله الليلة الماضية، بعد 11 شهرًا من العدوان البربري منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر، في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وكل الأعراف والمبادئ الإنسانية الدولية.

وقال: “كل ما تقوله إسرائيل عن عمليات عسكرية جراحية محدودة غير صحيح”، مشيرًا إلى هجوم في قرية عين الدلب “كأفضل دليل على ذلك”، عندما استهدفت غارة إسرائيلية في 29 أيلول/ سبتمبر مبنى سكنيًا انتهى بدفن 71 شخصًا، بينهم العشرات من النساء والأطفال، في مقبرة جماعية. ثم ذكّر هاشم أعضاء المجلس بالمجازر الإسرائيلية في بلدة قانا عامي 1996 و2006، وتساءل “كم مرة جئنا إلى هذا المجلس وحذرنا من الوضع الكارثي؟”.

وقال القائم بالأعمال اللبناني إن “ما يحدث اليوم من قتل وتشريد وتدمير غير مسبوق لا يمكن التسامح معه وتجاهله”، مشيرا إلى أن إسرائيل صعدت عدوانها وجرائمها ضد كل لبنان وعاصمته بيروت.

السفير الإيراني أمير سعيد إيرفاني

خاطب السفير الإيراني أمير سعيد إيرفاني المجلس قائلا إن الضربات الصاروخية ضد إسرائيل كانت “ردًا متناسبًا على الأعمال العدوانية الإرهابية الإسرائيلية المستمرة على مدى الشهرين الماضيين”، وكان “ضروريًا لاستعادة التوازن والردع”. وأضاف أن هذا الإجراء “جاء متوافقًا تمامًا مع “الحق الأصيل لطهران في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وردا مباشرا على أعمال العدوان المتكررة للنظام ضد إيران، بما في ذلك انتهاك سيادة إيران وسلامة أراضيها خلال الأشهر الماضية”.

وقال السفير الإيراني “لقد أثبتت التجربة أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة”، مؤكدا أن “الدبلوماسية فشلت مرارا وتكرارا حيث تنظر إسرائيل إلى ضبط النفس ليس كبادرة حسن نية، بل كضعف يمكن استغلاله”. وأضاف أنه في حين أن إسرائيل تعتبر المدنيين الأبرياء والبنية التحتية المدنية أهدافًا مشروعة للعدوان والمذابح، فإن رد إيران استهدف فقط المنشآت العسكرية والأمنية للنظام بضرباتها الصاروخية الدفاعية.

واتهم السفير الإيراني الولايات المتحدة بكونها جزءا من العدوان لأنها توفر لكيان الاحتلال الإسرائيل الدعم العسكري والمساندة السياسية، وتشل مجلس الأمن عن اتخاذ القرارات الفعالة، ودعا المجلس إلى التحرك لوقف هذا العدوان الإسرائيلي على لبنان وفلسطين وإيران.

نائب مندوب العراق عباس الفتلاوي

تحدث بعد ذلك عباس كاظم عبيد الفتلاوي، نائب مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة قائلا إن عجز مجلس الأمن عن وقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني يعكس واقعا مؤلما. وقال إن “الواقع هو أن مجلس الأمن لا يتخذ أي قرارات فعالة وحاسمة لوقف هذه الانتهاكات التي تسمح للاحتلال بتكريس ممارساته وتصعيد العنف في المنطقة”. وشدد الفتلاوي على أن الوقت قد حان لكي يلعب المجلس دورا فعالا في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

وقال نائب السفير العراقي إن مجلس الأمن يجب أن يتحمل مسؤوليته الأساسية كما منحه ميثاق الأمم المتحدة، مضيفا أنه يجب أن يتخذ قرارات ملزمة لضمان وقف فوري لإطلاق النار كما فعل في صراعات أخرى حول العالم. وأضاف “إن فشل المجلس في القيام بدوره يفتح الباب أمام إسرائيل للاستمرار في انتهاكاتها دون أي رادع حقيقي”، وتابع “هذا يؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار ويعرض السلام الإقليمي والدولي للخطر”.