عاد مجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري لحكومة عبدالله النسور بعد نهاية أسبوع “سعيدة” بالنسبة لرئيس الوزراء، إذ تمكن وبمساعدة وزرائه من التواصل مع الغالبية النيابية.
وحرص النسور والوزراء على اللقاء بالكتل النيابية والنواب بشكل فردي للوقوف على مطالبهم ومطالب دوائرهم الانتخابية، واعدين النواب بتلبية طالباتهم تمهيدا لثقة نيابية “مريحة”.
وأبدى رئيس الوزراء المكلف في لقاءاته بالكتل التزام الحكومة بوضع خطة حوار وطني من اجل تقديم مشروع قانون انتخاب محدد بجدول زمني، وتحديد موعد لإجراء تعديل حكومي واسع يضمن تكريس نهج الحكومة البرلمانية والالتزام بمبدأ المشاورات النيابية في اختيار الفريق الحكومي، وتعزيز جهود مكافحة الفساد من خلال فريق وزاري يعمل على تحديد أولويات ملفات الفساد، وتعزيز أجواء الحريات العامة، والحريات الإعلامية وضمان استقلالية المؤسسات الإعلامية.
وفي بداية الجلسة الرابعة لمناقشة الثقة بالحكومة في جلستين صباحية ومسائية قدم نواب مذكرة لرئيس المجلس سعد هايل السرور عبروا فيها عن غضبهم واستهجانهم من الاعتداءات التي تعرضت لها قوات الدرك والامن العام من قبل اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري الجمعة الماضية.
وتبنى المذكرة النائب مازن الضلاعين حول احداث الزعتري وما جرى للدرك من اعتداءات.
بدوره قال رئيس المجلس ان “اي اعتداء على قوات الدرك وأجهزتنا الامنية مرفوض ونستنكره، مؤكدا ان قوات الأمن يسهرون على حماية وامن اللاجئين، وسأرسلها لرئيس الوزراء للأخذ بما جاء فيها.
واستنكر النائب عدنان السواعير قيام نائب من اعضاء المجلس بالمشاركة في احتفال دولة الكيان الصهيوني بعيد الاستقلال وزيارة بيت شمعون بيرس.
وقال النائب السواعير في نقطة نظام ” قرأت في الصحف عن زيارة نائب من اعضاء هذا المجلس للمشاركة في احتفالات دولة الكيان الصهيوني في عيد الاستقلال لديهم.
متابعا “نريد ان نعرف كيف تمت المشاركة، وما هي الخدمات اللوجستية التي قدمتها وزارة الداخلية لهذا النائب؟؟”، مؤكدا:” نريد ان نقف على حقيقة ما جرى ويجري من إساءات بحق المجلس”.
بدوره رد رئيس المجلس سعد هايل السرور على مداخلة العجارمة قائلا ” ليس لدى المجلس اي علم بما ذكرت، ولم يتم اعلامنا بأي تفاصيل”.
وخلال الجلسة أعلن النائبان محمد الشديفات وعدنان الفرجات منح الثقة في ختام كلمته لمناقشة البيان الوزاري لحكومة النسور، بينما أعلن النائب مفلح الرحيمي حجب الثقة.
وفي كلمات النواب وجه رئيس مجلس النواب الاسبق النائب عبد الهادي المجالي كلمة ناقدة شديدة للحكومة وبرنامجها، واصفا الحكومة بأنها “هجين”.
واعرب النائب المجالي عن تعجبه من تسمية هذه الحكومة بانها حكومة برلمانية وهي ليس لها من ذلك سوى الاسم، لا تمت لها بصلة، وهي منتج هجين، لا تجانس فيها ولا توافق، لا هي سياسية ولا اصلاحية ولا اقتصادية، انما هي حكومة رشيقة وزير بوزارة وآخر بثلاث وزارات.
واضاف ” لقد ورطنا في مشاورات شكلية، ليتم القول بان ما جرى من تسمية لرئيس الوزراء خيار مجلس النواب”، مضيفا “ما كان علينا القبول بالمشاورات وما بعدها، لا ان نتشاور على الرئيس خارج بيت الشعب، ونصحوا على رئيس ووزراء من خارج مشاوراتنا”.
واشار المجالي ان ما سمعناه من رئيس الوزراء “بيان انشائي نظري، ويظن انه جاء بمعجزات، وفي الحكومة فريق قادر على انجاز هذا البرنامج، وهذا لا يتوافر في حكومة لا تستحق نيل ثقة المجلس ولا ثقة الشعب الذي منحنا ثقته”.
وشدد على: ” ليس فينا من يرهن ثقته بوعود جربت من قبل، فثقتنا بان تحترم عقولنا وخبراتنا وشعبنا الذي نمثله، والحكومة لا يمكن ان نثق بقدراتها على حاضرنا ومستقبلنا، فهي متحفزة لموجة جديد من رفع الاسعار الكهرباء والماء وسلع أخرى، وستأتي إلينا لتقول ليس لدينا بديل من الرفع، واي مخرج سنقدمه لها ستقول من غير الممكن تطبيقه”.
النائب عاطف قعوار قال ان “المديونية بلغت ذروتها بعدما وصلت 24 مليار دينار، اي ان كل اردني يفتح عينيه على الحياة يكون مديونا بمبلغ 40 الف دينار، هذا بعد شطب الديون قبل عقد من الزمن من قبل نادي باريس والاندية العالمية وبعد عوائد التخاصية، عندما بعنا مقدرات البلد، فأي مؤشر للفساد هذا يا دولة الرئيس؟!”.
وطالب قعوار برفع الضريبة على وقود الطائرات، مؤكدا ان وقود الطائرات يدفع 1% ضريبة لسلطة الطيران المدني وليس للخزينة، فلماذا لا تتقاضى الدولة ضريبة على محروقات الطائرات 6% بدلا من ان تأخذها من كاز وديزل الفقراء.
واشار النائب اعطيوي المجالي الى ان تفريغ مؤسسات الدولة بدءا من الديوان الملكي مرورا برئاسة الوزراء من العقول صاحبة الخبرة القادرة على انتاج القرار السياسي هو جزء من أزمة تعاني منها الدولة، ذلك ان العقل هو رصيد وفي لحظة من اللحظات يكون أهم من النفط”.
واضاف المجالي ان سر بقائنا كدولة وصمودنا هو العقل الاردني المتفرد، وما هي ميزة وصفي التل، اليست ميزته تكمن في انه رجل يحمل مشروعا.
واضاف ان حركات الصحوة العربية حين قامت كانت تعتمد على عقل ينتج الدولة في اطار معرفي ودور مؤثر، واذا نظرنا الى النموذج التونسي الجديد في الحكم الى راشد الغنوشي ستجد ان من يدير الدولة هو مفكر اسلامي مستنير، وستجد ان من يترأس الدولة منظر عربي متنور هو المنصف المرزوقي.
وختم كلمته بالدعوة الى اطلاق مبادرة مصالحة فلسطينية تحتضنها عمان وتكون القوى الشعبية والاهلية شريكة فيها، والا تقتصر على الجانب الرسمي فقط، كون المصالحة وقيام الدولة ذات السيادة هو حماية للهوية الوطنية الاردنية ودفن لمشروع الوطن البديل.
وعلى صعيد الاصلاح الوطني الشامل، قال نواب ان بعض الانجازات حققتها مسيرتنا، الا انها تسير بتثاقل وبطء بفعل القوة التي تقاوم التغيير خشية على مصالحا ومكاسبها، وخشية ان تطولها يد المحاسبة والعدالة على افعالها بحق هذا الشعب وهذا الوطن، ومازال أمامنا المهام الكثيرة في الاصلاح السياسي، وعلى الحكومة ان تلتزم بتقديم قانون انتخاب يستند الى حسن تمثيل الشعب.
وتساءل نواب “هل هناك أي دراسات لظاهرة الفساد من حيث الكم والنوع والاثر الاقتصادي والاجتماعي، وماذا عن تنمية الحس الوطني لدى الاجيال القادمة لالتزام النزاهة والبعد عن الفساد؟ هل فكرت الحكومة بإصدار نظام تشريعي خاص بتطبيق الحاكمية المؤسسية تلزم به كافة مؤسسات الدولة ليضاف الى قانون الكسب غير المشروع ومدونات سلوك الوزراء وقواعد السلوك واخلاقيات الوظيفة العامة؟”.
وقال نواب ان تدني مستوى المعيشة للمواطنين نتيجة تآكل المداخيل يستدعي التفكير مليا في السياسات المالية والضريبية للحكومة، وهو ما يقضي تقييم الاعباء الضريبية الكلية على المواطنين وقراءة مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل لعام 2013 بدقة وعناية بحيث يكون منسجما مع المبدأ الدستوري الذي اقر بمبدأ تصاعدية الضريبة تحقيقا للعدالة المنشودة.
وقال نواب “علينا اعتبار موضوع التهرب الضريبي جريمة مخلة بالشرف، فهو مطلب يجب تطبيقه لما له من مخاطر على امن الوطن الاقتصادي الذي ينعكس بالضرورة على امنه الاجتماعي، كما يجب الحسم في ملف المؤسسات المستقلة وتوجيه الاهتمام لما اصاب الجهاز الحكومي من ترهل، أضعف أداءه ومخرجاته وما يترتب على ذلك من اعباء تثقل كاهل الخزينة، كما ان موضوع التأمين الصحي الشامل أصبح ضرورة ملحة يجب التفكير فيها جديا، واتخاذ الاجراءات اللازمة للبدء بتنفيذ هذا البرنامج.
وطالب بإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة باعتبارها ضرورة ملحة خلال الفترة المقبلة، ولاسيما وان هذه العلاقة تعرضت لشروخات اصابتها بالعمق، وهو ما يفرض على الحكومة دراسة السبل لترميم هذه العلاقة المتداعية وازالة اسباب الاحتقان والتشنج بين الجانبين؛ عبر تعزيز دولة القانون والمؤسسات، وذلك حتى يضمن المواطن أمنه المستدام على نفسه وماله وعرضه، وهو ما يجب ان نحافظ عليه في ظل إقليم مضطرب وحالة عدم اليقين التي تعيشها المنطقة بشكل عام.
وفيما يتعلق بالملف السوري، رفض نواب الضغوط التي يتعرض لها الوطن لزجه او توريطه باي شكل من الأشكال بما يجري على الارض السورية العربية، مع التأكيد على ضرورة اتخاذ السياسات المتوازنة التي دأب الاردن على انتهاجها، وان يبقى القرار الاردني قرارا سياديا يحول دون حدوث مشكلات سياسية وازمات امنية تهدد استقرار البلاد وامنها ووحدتها لا سمح الله.
ودعا نواب الحكومة الى ان تسارع الى فتح قنوات الحوار الوطني بالتعاون مع مجلس النواب لتوضيح الموقف الاردني بشفافية، والعمل على انهاء حالة الانقسام التي تسود الشارع الاردني تجاه الموقف من الأزمة السورية، والا نسمح بحالات الاستقطاب لصالح اي طرف من الأطراف، وان ننحاز للمصلحة الوطنية للاردنين العليا، وامن واستقرار الدولة المنطلقة من الموقف الأردني من هذه الأزمة، وهو التمسك بالحل السياسي الذي يحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونه.
وانتقد نواب غياب الدور الايجابي المنتظر من وزارة الأوقاف المتمثل بالاهتمام بدور المسجد في إعداد المواطن الصالح، إذ تركت المنابر لأصحاب الأفكار والإيديولوجيات المختلفة، ممن لا يعترف بعضها بالمرجعية الدينية، ما اضطر بعض أجهزة الدولة الى التدخل المباشر بتلك المنابر، حتى وصل الأمر الى إعداد خطب ودروس الجمعة مسبقا وتسليمها باليد الى الخطباء لقراءتها.
ودعا نواب وزارة الأوقاف ان تواجه تعدد التيارات والإيديولوجيات الفكرية واختلافها، حتى لا يتعاظم خطرها، وإعادتها الى مظلة تستند الى مرجعية شرعية.