حصادنيوز- أجمع خبراء اقتصاديون على أن تضاعف عدد سكان الأردن في أقل من 20 عاما يتطلب من الحكومة التعامل مع هذا الملف بحذر.
وشدد الخبراء على ضرورة تهيئة المناخ المناسب لاستثمار الزيادة السكانية، لأن العمل بغير ذلك يحول هذه الزيادة إلى عبء يثقل كاهل الدولة.
وأشار الخبراء إلى ضرورة استقطاب الاستثمارات الأجنبية ذات العائد المرتفع، إضافة إلى دعم قطاع الصناعات المنتظمة وتخفيض كلف الإنتاج والتشغيل لما لذلك من دور في زيادة حجم الصادرات وتوفير فرص العمل.
كما دعا الخبراء إلى أهمية إعادة النظر بالنظام الضريبي وتخفيض ضريبة المبيعات بهدف تحسين مستوى الطلب الاستهلاكي العام من خلال زيادة الدخل المتاح للاستهلاك، إلى جانب تنظيم سوق العمل الوطني وضبطه والحد من مزاحمة العمالة الوافدة به للعمالة المحلية، ومضاعفة الجهود الدبلوماسية لتسويق العمالة الأردنية خارجيا، علاوة على ضرورة العمل توعية مجتمع اللاجئين بأهمية تنظيم النسل وانعكاس ذلك على مستواهم المعيشي.
وكان المجلس الأعلى لسكان قد كشف أن عدد سكان الأردن تضاعف في أقل من 20 عاما، فارتفع من 6 ملايين في آخر عقدين، ليتجاوز حالياً 11.6 مليون.
ويشير الخبراء إلى أن تحدي زيادة السكان يضاف إلى تحديات أخرى منها تواضع معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع حجم الدين العام، ومحدودية فرص العمل، وضعف استقطاب الاستثمارات، فضلا عن زيادة حجم الانفاق الذي تتطلبه أزمات اللجوء.
ولفت الخبراء إلى أن الزيادة السكانية في البلدان ذات الاقتصاد السليم تعتبر عادة فرصة ثمينة للتعزيز التنمية الاقتصادية وزيادة مستويات الإنتاج أو ما يعبر عنه بالفرصة السكانية.
وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل “الدول ذات الاقتصاد السليم تعتبر الزيادة السكانية لديها فرصة ثمينة ورافعة حقيقية لتعزيز التنمية، لذلك تحرص على إعداد الخطط لاستغلالها، حيث إن العامل البشري ركن أساسي من أركان عملية الإنتاج”.
وتابع عقل أن الزيادة السكانية في الدول التي تعاني من تواضع معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات المديونية، وارتفاع معدلات البطالة، تعتبر هذه الزيادة نقمة عليها، وتشكل عبئا حقيقيا على اقتصادها، وهذا ما ينطبق تماما على الاقتصاد الأردني.
ويشار إلى أن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الأردني خلال السنوات الخمس الماضية (2023-2019) قد بلغ نحو 1.9 %، وفق تقرير مستقبل النمو الاقتصادي لعام 2024 الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي.
وأوضح عقل أن تنامي عدد السكان المطرد الحاصل محليا سيفاقم من حجم الضغوط على الموارد المعيشية الشحيحة أصلا، لا سيما المتعلقة بالمياه والطاقة ،كما أنه سيلقي بضغوط إضافية على البنية التحتية والخدمية ويتطلب المزيد من الانفاق عليها، فضلا عن مفاقمة مشكلتي البطالة والفقر.
ويرى عقل أن التعامل مع ملف الزيادة السكانية في المملكة والحد من آثاره الاقتصادية السلبية على المجتمع يتطلب من الحكومة العمل بصورة جادة ومستعجلة على دعم قطاع الصناعات المنتظمة وتخفيض كلف الإنتاج والتشغيل عليها لما لها من دور في زيادة مستوى الإنتاجية داخل الاقتصاد الوطني ورفع معدلات التصدير وخلق المزيد من فرص العمل.
ودعا عقل الحكومة إلى ضرورة تسخير كافة الإمكانات الممكنة لاستقطاب الاستثمارات إلى المملكة بهدف زيادة معدلات النمو الاقتصاد وتحسين المؤشرات المعيشية والاقتصادية الأخرى، فضلا عن ضرورة تنظيم سوق العمل الوطني وضبطه والحد من مزاحمة العمالة الوافدة به للعمالة المحلية، إلى جانب أهمية التركيز على مواءمة النظام التعلمي الأردني مع متطلبات وحاجات سوق العمل المعاصرة.
بدوره، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري أن الزيادة السكانية التي طرأت في الأردن خلال العقدين الأخيرين، أنها تشكل عبئا وتحديا إضافيا على الاقتصاد الوطني وستحد من قدراته التنموية، نظرا لوضعيته القائمة والمتخمة بالتحديات والأزمات المزمنة كضعف مستويات النمو الاقتصاد، ومحدودية مستوى الصادرات وفرص العمل والاستثمارات، علاوة على تدني المستوى المعيشي للمواطنين.
وأشار الحموري إلى أن الهجرات المتلاحقة من اللاجئين نحو الأردن، وارتفاع نسب الإنجاب في أوساط مجتمع اللاجئين، هي الأسباب الرئيسية وراء تضاعف عدد السكان في المملكة، حيث إن عدد أفراد الأسرة الأردنية شهد خلال العقود الأخيرة انخفاضا بصورة واضحة مقارنة مع العقود التي سبقتها وكان يزيد معدل أفراد الأسرة خلالها عن 6 أشخاص، إذ إنها اليوم تناهز 4 أفراد فقط.
ويذكر أن عدد اللاجئين في الأردن يقدر بنحو3.6 مليون لاجئ، منهم نحو 2.33 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وفق آخر معطيات إحصائية لدى الوكالة الصادرة نهاية العام 2022، إضافة إلى حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري، 680 ألف منهم فقط مسجل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن حتى نهاية العام الماضي.
واعتبر الحموري أن زيادة عدد السكان محليا في ظل الظروف القائمة للاقتصاد الوطني تنطوي على مخاطر اقتصادية واجتماعية جمة سيكون لها على المدى البعيد أثر سلبي على الخزينة العامة لدولة التي سيتضاعف حجم إنفاقها على متطلبات البنية التحتية والخدمية، علاوة على تعميق أزمة البطالة وما يرتبط معها من أزمات أخرى كالفقر والعنوسة، حيث إن لذلك أثرا سلبيا اجتماعيا أيضا وقد يقود إلى انتشار الجريمة والسرقة في المجتمع وغير ذلك من الظواهر السلبية.
وبقصد الحد من تحول الزيادة السكانية إلى عبء على الاقتصاد الوطني طالب الحموري الحكومة بوجوب العمل على تهيئة المناخ المناسب لزيادة حجم الاستثمار المحلي وجلب الاستثمارات الأجنبية، لما للاستثمارات من قدرة هائلة على تحسين معدلات النمو الاقتصادي وبالتالي سد فجوتها مع النمو السكاني.
كما طالب بضرورة إعادة النظر بالنظام الضريبي وتخفيض ضريبة المبيعات بهدف تحسين مستوى الطلب الاستهلاكي العام من خلال زيادة الدخل المتاح للاستهلاك، مما ينعكس إيجابا على كافة المؤشرات الاقتصادية الوطنية، إضافة إلى أهمية مضاعفة الجهود الدبلوماسية لتسويق العمالة الأردنية خارجيا، إلى جانب وجوب العمل على توعية مجتمع اللاجئين بأهمية تنظيم النسل وانعكاس ذلك على مستواهم المعيشي.
إلى ذلك، اتفق الخبير الاقتصاد زيان زوانة مع سابقيه على أن الزيادة السكانية الحاصلة محليا قياسا مع واقع الاقتصاد الوطني، تعتبر خطرا معيقا لتنمية الاقتصاد الوطني وازدهاره.
ولفت زوانة إلى أن الوضع الاستثنائي الذي يعيشه الاقتصاد الأردني من استمرار أزمات اللجوء وما ترتبه من متطلبات وحاجات، إضافة إلى ندرة الموارد الاقتصادية محليا وسوء إدارتها وتوظيفها، يجعل من زيادة عدد السكان نقمة بدلا من النعمة، على العكس تماما من كثير من البلدان التي تواصل تقديم الحوافز والدعم لمواطنيها كاليابان وروسيا بهدف مواجهة تدني عدد المواليد داخلها وارتفاع معدلات الشيخوخة والعجز المجتمعي لديها.
ويرى زوانة أن الزيادة السكانية في الأردن باتت عامل شد للوراء في ظل قصور سياسات الحكومات المتعاقبة الاقتصادية التي لم تنجح في معالجة التحديات الاقتصادية القائمة واستثمار الموارد المتاحة بما فيها رأس المال البشري الذي كان يصدره الأردن حتى وقت قريب للخارج.